خلال ورشة عقدها المركز الفلسطيني: متخصصون يوصون بإنشاء مراكز علاجية متخصصة للأمراض الوراثية


نظم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ورشة عمل بعنوان “حق مرضى الأمراض الوراثية في الرعاية الصحية”.  عُقدت الورشة بحضور ممثلي وزارة الصحة الفلسطينية، منظمة الصحة العالمية، القطاع الصحي الأهلي، وممثلي منظمات مجتمع مدني، وعدد من المرضى. 

افتتح د. فضل المزيني، مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الورشة مرحباً بالحضور، ومشيراً إلى أنها تهدف إلى تسليط الضوء على معاناة مرضى الأمراض الوراثية وحقهم في الرعاية الصحية.   وأضاف أن الورشة تأتي في إطار مشروع تعزيز الاحترام والحماية والوفاء بالحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه في قطاع غزة، الممول من “لجنة التضامن مع القضية العربية”.

استعرض الدكتور هاني عياش، أخصائي أمراض الدم في مستشفى الصداقة التركي، معاناة مرضى التلاسيميا والهيموفيليا مع النقص المزمن في الأدوية الموصوفة لهم مدى الحياة، بالإضافة إلى العدد المحدود من الأطباء المتخصصين وهم 5 أطباء لكامل قطاع غزة، ونقص كبير في طواقم التمريض المتخصص.  وأشار عياش إلى أن 310 مرضى، منهم 80 طفلاً، مصابون بالتلاسيميا، ويؤدي النقص في أدويتهم إلى تراكم الحديد في أعضاء الجسم، حيث يتسبب تراكمه في البنكرياس في إصابتهم بمرض السكري، وتراكمه في الكبد يؤدي إلى تليفه، وترسبه في القلب يعتبر من أهم مسببات الوفاة لمرضى التلاسيميا.   وأضاف عياش أن 140 مريضاً بالهيموفيليا في قطاع غزة، يحتاجون باستمرار إلى أدوية متخصصة كـ فاكتور8-9، ويؤدي نقص أي منها إلى تلف الأعضاء والأنسجة، مضيفاً أنه عند معاناة أحد المرضى من إصابة شديدة أو نزيف يحتاج إلى كمية دواء قد تستهلك كل ما في المستودعات، حيث لا تتوفر هذه الأدوية إلا من خلال وزارة الصحة لارتفاع ثمنها.   وأكد عياش أن مستشفى الصداقة التركي يُجري ترتيبات لتقديم الخدمة بشكل متكامل لمرضى التلاسيميا والهيموفيليا، وذلك من خلال أجهزة فحص جديدة سيتم البدء بتشغيلها في الفترة المقبلة، من ضمنها جهاز فحص هشاشة العظام.
وأكد الدكتور محمد حجو، طبيب قسم أمراض الصدرية في مستشفى الرنتيسي للأطفال، أن المستشفى يتابع الحالة الصحية لـ 107 أطفال من مرضى التليف الكيسي ممن تقل أعمارهم عن 14 عاماً، وهو اضطراب وراثي يُسبب تلفاً شديداً في الرئتين وباقي أعضاء الجسم الأخرى، ويحتاج المرضى للتعايش معه الكثير من الأدوية والعلاجات المزمنة، وهم بحاجة إلى عناية طبية حثيثة وعلاج طبيعي متخصص بشكل دائم.   وأشار حجو إلى وجود تذبذب في توفر بعض الأدوية للمرضى، وأهمها أصناف الحليب العلاجي بالإضافة إلى الفيتامينات بكافة أنوعها، والتي يُشكل نفاذها خطراً كبيراً على حياة المرضى. 

وأشار الدكتور علاء حلس، مدير عام الصيدليات في وزارة الصحة، في مداخلته إلى أن الوزارة بدأت في العام 2022 بمنهجية جديدة قائمة على تصنيف الأمراض وحاجتها الدوائية، بحيث يتم التنسيق مع كافة الممولين لتوفير العجز الدوائي لأمراض بعينها، مؤكداً أن هذه الاستراتيجية خففت جزءاً من النقص الكبير في أدوية الأمراض الوراثية.   وأكد حلس أن الوزارة تسعى لإعداد بروتوكولات دائمة وشاملة لرعاية المرضى، وأن قائمة الأدوية الأساسية في الأمراض الوراثية تخضع لتقييم من لجان طبية متخصصة يتم بموجب قراراتها اعفاء المرضى من دفع ثمن الأدوية الأساسية لطبيعة حياتهم.

بدوره أكد الدكتور محمد لافي، مدير المناصرة في مكتب منظمة الصحة العالمية بقطاع غزة، على أن أمراض الجهاز المناعي والأوبئة والأمراض الوراثية تشكل نسباً محدودةً من المرضى في قطاع غزة، غير أن المصابين بهذه الأمراض يعانون من الأسعار المرتفعة للأدوية حال عدم توفرها في مستودعات وزارة الصحة.  وأشار لافي أن متوسط العجز الدوائي في قطاع غزة بلغ 48% من قائمة الأدوية الأساسية، ما يؤثر سلباً على حياة المرضى.  وأضاف أن واقع المرضى الحالي يحتاج إلى التفكير بشكل جاد لإنشاء مراكز علاج متخصصة للأمراض الوراثية، تضم كوادر طبية متخصصة، ويتلقى فيها المرضى العلاج والرعاية الطبية، مع وجود مختبرات وأجهزة طبية متخصصة لزيادة قدرة الأطباء على تشخيص الأمراض.

من جانبه تحدث الدكتور محمود شبير، مدير قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى الرنتيسي، أن المستشفى يقدم خدماته العلاجية لــ 46 طفلاً مصاباً بالتلاسيميا و23 طفلاً مصاباً بالهيموفيليا.  وحول أبرز المعيقات التي يواجها المستشفى أكد شبير أنها بحاجة لتوفير أجهزة فحص متخصصة بالأمراض الوراثية، بالإضافة إلى أجهزة متخصصة لنقل وفلترة الدم حصراً لمرضى التلاسيميا لخصوصية حالتهم وعدم تعرضهم للخطر.  وأشار شبير إلى وجود نقص كبير في الأطقم الطبية المتخصصة حيث لا يتوفر إلا أخصائيين اثنين لمرضى التلاسيميا والهيموفيليا.

وفي مداخلة قدمها الدكتور بيان السقا، أخصائي أمراض الدم وممثل جمعية الأمل لمرضى التلاسيميا، تحدث عن أهمية تكثيف جهود المؤسسات الصحية لتقديم الرعاية الطبية للأمراض الوراثية، والعمل بشكل تكاملي مع وزارة الصحة الفلسطينية وصولاً لجودة الخدمة.  وأضاف د. السقا أن مؤسسات المجتمع المدني يقع على عاتقها دور مهم في رفع وعي مواطني قطاع غزة بمخاطر هذه الأمراض وأهمية الفحص قبل الزواج لتقليل أعداد المرضى، مؤكداً أن فلسطين سجلت نجاحاً مهماً في تقليل أعداد مرضى التلاسيميا باعتماد فحص ما قبل الزواج، داعياً إلى ضرورة تعميم هذه التجربة على الأمراض الوراثية الأخرى.

وأكد الدكتور محمد أبو عمش، ممثل جمعية الإغاثة الطبية في قطاع غزة، على ضرورة العمل بتكاملية والتنسيق مع وزارة الصحة الفلسطينية بهدف سد الثغرات والوصول إلى خدمات صحية تلبي حاجة مرضى القطاع.  وذكر د. أبو عمش أن مؤسسته تعمل على جلب أجهزة تشخيص حديثة وتقديم خدماتها لمرضى الأمراض الوراثية، داعياً جميع المرضى وأهاليهم لعرض تجاربهم وتقديم كافة المقترحات من أجل تجويد الخدمات سواء في القطاع الصحي العام أو الخاص.

وحول معاناة المرضى، تحدث كل من الأستاذ أشرف الشنطي، مدير مركز أصدقاء مرضى التليف الكيسي، والأستاذ إبراهيم عبد الله، ممثل جمعية أصدقاء مرضى التلاسيميا، والأستاذ أحمد الكاشف، ممثل جمعية المستقبل لمرضى الهيموفيليا، مستعرضين معاناتهم مع النقص الدائم في الأدوية، والمشكلات التي يواجها المرضى في مستشفيات وزارة الصحة الناتجة عن نقص الكوادر الطبية المتخصصة.  وأجمع الحاضرون من المرضى على حقهم في تلقي الخدمات الطبية داخل جميع المستشفيات، واحترام خصوصية أوضاعهم الصحية وحاجتهم للأدوية والرعاية الطبية دون أي انقطاع.

وفي ختام الورشة، أوصى الحضور بضرورة انشاء مراكز علاج متخصصة ومجهزة للأمراض الوراثية، وطالبوا بزيادة الكوادر الطبية المتخصصة لتقديم الرعاية الطبية لمرضى الأمراض الوراثية.  ودعوا وزارة الصحة الفلسطينية إلى العمل على توفير الأدوية بمختلف أنواعها لجميع المرضى، ومراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمرضى الأمراض الوراثية، واعفائهم من رسوم الخدمات الصحية وتوفير الأدوية بشكل مجاني. 

 

اشترك في القائمة البريدية