جنيف/ قدمت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" تقريراً حول الوضع الراهن للأشخاص ذوي الإعاقة المتأثرين بالحرب في الأرض الفلسطينية المحتلة، للجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومجموعة العمل التحضيرية الحادية والعشرون، والتي عقدت استجابة لطلب البعثة الفلسطينية في جنيف برئاسة السفير إبراهيم خريشة، وبحضور بعثتي جمهورية مصر العربية والأردن وممثلين عن عدة دول ومؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية.
وقدم الدكتور عمار الدويك مدير عام الهيئة كلمة خلال الجلسة التي تم بثها على الهواء مباشرة وعبر منصات الهيئة الإلكترونية، بين فيها الانتهاكات الجسيمة والمركبة التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة في فلسطين بفعل العدوان الحربي الإسرائيلي المتواصل والممنهج في قطاع غزة والضفة الغربية.
وقال "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواجه المدنيون الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، وبشكل خاص الأشخاص ذوو الإعاقة، موجات متواصلة من الاستهداف العنيف، والحصار، والتهجير، والحرمان من الحقوق الأساسية. وتُظهر المعطيات المتوفرة أن هذا العدوان ليس مجرد حرب تقليدية، بل يرتقي إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية، والفصل العنصري، والتهجير القسري، كما ورد في تقارير منظمات دولية ومقررين أمميين".
وشدد الدويك على أن حرب الإبادة أدت إلى استشهاد ما يزيد عن (60,000) شخص حتى لحظة إعداد التقرير، وتهجير نحو (1.9) مليون نسمة. وقد كانت آثار العدوان مدمّرة بشكل خاص على الأشخاص ذوي الإعاقة، جرى استهدافهم المباشر في منازلهم ومراكز الإيواء، رغم معرفتهم المسبقة بعدم قدرتهم على الحركة السريعة أو الإخلاء، وقُتل وجرح المئات منهم، وفُقد أثر عدد آخر تحت الأنقاض أو في مناطق النزوح القسري، وحُرموا من الحصول على الأجهزة التعويضية، والعلاج الطبيعي، والتأهيل النفسي، ودُمّرت مرافق حيوية تقدّم خدمات الإعاقة مثل المراكز المجتمعية والمدارس والمؤسسات التأهيلية، وفقد كثيرون الوثائق الشخصية والرسمية التي تؤهلهم للحصول على الخدمات، ولم تتضمن الخطط الإنسانية أي ترتيبات تيسيرية، أو استجابة مخصصة لاحتياجاتهم، بما في ذلك في الملاجئ، وفي عمليات الإخلاء، وفي الحصول على المساعدات.
واستعرض الدويك توصيات التقرير التي تضمنت، ضرورة توثيق الانتهاكات التي طالت الأشخاص ذوي الإعاقة كمكون مركزي في التحقيقات الأممية بشأن العدوان على الأرض الفلسطينية المحتلة، وارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومطالبة القوة القائمة بالاحتلال "إسرائيل" باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة المادة 11 المتعلقة بالأوضاع الإنسانية والطوارئ. ودعوة الجهات الإنسانية الدولية إلى اعتماد خطة استجابة طارئة دامجة للإعاقة، تشمل توفير المعدات، وإعادة التأهيل، والملاجئ المجهزة، والخدمات النفسية والاجتماعية. والضغط لتأمين ممرات إنسانية آمنة تتيح إجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير العلاج لهم، خاصة في ظل انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة. وأهمية تمكين المؤسسات التمثيلية للأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في تصميم وتنفيذ كافة برامج الطوارئ والإغاثة.
أما التقرير الثاني الذي قدمته الهيئة بشأن قائمة المسائل المتصلة بالتقرير الأولي لدولة فلسطين حول الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، للجنة المعنية بحقوق ذوي الإعاقة في دورتها 33 المنعقدة في جنيف، في جلسة مغلقة، فقد قدمت الهيئة مداخلة، أوصت فيها بعد استعراض الأوضاع الكارثية في قطاع غزة والضفة الغربية بفعل حرب الإبادة المتواصلة، أوصت، بضرورة الإسراع في اعتماد قانون حقوقي شامل للأشخاص ذوي الإعاقة، ونشر البروتوكول الاختياري. وتطوير قاعدة بيانات وطنية مصنّفة، وتفعيل المجلس الأعلى للإعاقة ضمن إطار مؤسسي شفاف. ومساءلة القوة القائمة بالاحتلال عن الانتهاكات الجسيمة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة، لا سيما في قطاع غزة، وضمان إدماج قضايا الإعاقة ضمن منظومة الحماية الإنسانية الدولية.
مؤكدة على الالتزام بدعم اللجنة بكل ما يلزم من معلومات وشهادات ورصد، ونأمل أن تسهم هذه المراجعة في تعزيز التزامات دولة فلسطين وتحقيق العدالة والكرامة للأشخاص ذوي الإعاقة.
وبينت الهيئة أنه وبالرغم من انضمام دولة فلسطين للاتفاقية منذ عام 2014، لم تُنجز حتى اليوم قانوناً موائَماً مع أحكامها، ولم تعتمد استراتيجية وطنية شاملة تُراعي نهج حقوق الإنسان في قضايا الإعاقة. كما أن المنظومة التشريعية السارية لا تزال قائمة على المقاربة الطبية والرعوية، ويغيب عنها التعريف الدقيق للتمييز القائم على الإعاقة. هذا بالإضافة إلى غياب منظومة بيانات وطنية حديثة، وضعف الترتيبات التيسيرية، واستبعاد الأشخاص ذوي الإعاقة ومؤسساتهم التمثيلية من المشاركة الفعلية في التشريعات والسياسات.
وشاركت الهيئة بوفد ضم مديرها العام الدكتور عمار الدويك وعضو مجلس المفوضين الأستاذ زياد عمر، والأستاذ طاهر المصري الباحث القانوني والباحثة الحقوقية رنا كلبونة.