تُشكِّل الأنظمة المصرفية والمالية البنية التحتية الجوهرية لاستقرار الاقتصاد المحلي وضمان استمرارية النشاط التجاري والخدماتي، إذ تُعتبر الوسيط الرئيس في عمليات التداول النقدي والائتماني
غير أنّ قطاع غزة يشهد منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية الأخيرة حالة انهيار غير مسبوقة في المنظومة المصرفية، نتيجة الاستهداف المباشر لمقرات البنوك وتعطّل معظم فروعها عن تقديم الخدمات الأساسية من سحب وإيداع. وقد أسهم هذا الواقع في نشوء أزمة سيولة نقدية خانقة أدّت إلى خلخلة النشاط الاقتصادي وتعطيل المعاملات اليومية
تجلّت هذه الأزمة في مظاهر متعددة، من أبرزها: الارتفاع الحاد في عمولات الحصول على النقد لتصل إلى نسب تتراوح بين (35–50%)، وانتشار العملات الورقية المهترئة التي يرفضها كل من البنوك والتجار على حد سواء، إضافة إلى إلغاء بعض الفئات النقدية الصغيرة كفئة (10 شواكل المعدنية)، ما أسفر عن تعقيدات إضافية في عمليات البيع والشراء البسيطة.
وإلى جانب هذه التحديات، برزت أنماط جديدة من الفاعلين التجاريين، لاسيما ما يُعرف بـ "تجار البسطات"، الذين فرضوا قواعد غير منظمة داخل السوق تقوم على رفض التعامل عبر التطبيقات البنكية، أو فرض رسوم إضافية على استخدامها، الأمر الذي أوجد بيئة تجارية مشوَّهة وغير مستقرة تتسم بالاحتكار وغياب العدالة في التسعير.
في هذا السياق، يبرز الاعتماد على التعاملات التجارية والخدماتية عبر التطبيقات البنكية كخيار استراتيجي وبديل عملي لمواجهة أزمة السيولة النقدية، وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي، وتعزيز الصمود المجتمعي في ظل الحصار والحروب المتكررة، وذلك انسجاماً مع التوجهات العالمية نحو التحول الرقمي والشمول المالي كأداة لتعزيز المرونة الاقتصادية في البيئات الهشة