في مواجهة التحديات الرقمية والنفسية المتفاقمة التي تعيشها غزة خلال وما بعد الحرب، يواصل مركز التنمية والإعلام المجتمعي (CDMC) تنفيذ سلسلة ورش توعوية متخصصة تجمع بين السلامة الرقمية والدعم النفسي والاجتماعي، تأتي هذه الأنشطة ضمن مشروع “الدعم النفسي والتمكين الرقمي: نحو تعافٍ مستدام في قطاع غزة”، الذي ينفذه المركز بالشراكة مع مؤسسة.CCFD Terre Solidaire
وتهدف الورش إلى تعزيز ثقافة الحقوق الرقمية، والدعم النفسي المجتمعي، وخلق بيئة إلكترونية آمنة وشاملة، خاصة في ظل هشاشة منظومات الحماية والعدالة، وتزايد الانتهاكات الرقمية، والضغوط النفسية المتراكمة نتيجة الحرب والحصار.
وينفّذ المشروع من خلال فريقي “بُناة المرونة النفسية” و”مناصري السلامة الرقمية”، حيث ينظمان 60 ورشة توعوية، مدة كل منها ثلاث ساعات، مستهدفة 900 من أولياء الأمور و900 طالب/ة، لتزويدهم بالأدوات المعرفية والمهارية التي تمكّنهم من مواجهة التحديات النفسية والرقمية المعقدة.
وحتى الآن، تم تنفيذ 7 ورش في مناطق مختلفة من جنوب قطاع غزة، بمشاركة 215 من الطلبة وأولياء الأمور. وقد لاقت الورش تفاعلًا ملحوظًا، عكس حجم الحاجة المجتمعية المتزايدة لهذا النوع من التدخلات.
وتنقسم كل ورشة إلى جزأين متكاملين: الأول – يديره فريق “بُناة المرونة النفسية ويقدّم جلسات إسعاف نفسي واجتماعي أولي، تُركز على التفريغ الانفعالي، التكيّف النفسي، وتعزيز الصمود، مما يساعد المشاركين، لا سيما الأطفال والمراهقين، على التعامل مع التوتر والضغوط في بيئة أكثر أمانًا واحتواء، والثاني – يقوده فريق “مناصري السلامة الرقمية ويتناول موضوعات السلامة الرقمية، الحماية من العنف الإلكتروني القائم على النوع الاجتماعي، الوقاية من الابتزاز والتنمر، تأمين الحسابات، ومبادئ الأمن السيبراني، بأسلوب تفاعلي مبني على مشاركة مباشرة.
وتسعى الورش لحقيق مجموعة من الأهداف أبرزها: رفع وعي الأهالي بالمخاطر الرقمية وسبل حماية أبنائهم نفسيًا وسلوكيًا في الفضاء الإلكتروني. وتمكين الطلاب من الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا، ومواجهة التنمر والعنف الرقمي، وتعزيز التكيف النفسي والصمود لدى الفئات الأكثر هشاشة، خصوصًا في بيئات النزوح وما بعدها، وإشراك المؤسسات التعليمية كحاضنة مجتمعية مستدامة للتغيير والدعم.
وعبر الطلبة عن ارتياحهم لجلسات الإسعاف النفسي، التي ساعدتهم على تخفيف الضغوط والانفعالات المرتبطة بواقعهم اليومي، ما عزّز من قدرتهم على التركيز والتفاعل مع محتوى الورش الرقمية، في المقابل، أبدى أولياء الأمور اهتمامًا كبيرًا بالمعلومات المقدمة، خاصة ما يتعلق بحماية أبنائهم من التهديدات الرقمية المتزايدة، في ظل ضعف التوعية الرسمية، كما أعربت إدارات المراكز التعليمية المستضيفة عن تقديرها للمشروع، مطالبة بتوسيع نطاقه ليشمل عددًا أكبر من الطلبة وأولياء الأمور.
وتؤكد تجربة CDMC أن الدمج بين التوعية الرقمية والدعم النفسي يشكّل نهجًا فعّالًا ومتكاملًا لمواجهة المخاطر الإلكترونية والنفسية في آنٍ واحد، ويُعد ذلك خطوة استراتيجية نحو تمكين الأفراد، خصوصًا الفئات الهشة، من التفاعل الآمن والواعي مع البيئة الرقمية، مع الحفاظ على توازنهم النفسي والاجتماعي.
ويُذكر أن مركز التنمية والإعلام المجتمعي (CDMC) هو مؤسسة إعلامية وتنموية فلسطينية، تُعنى باستخدام الإعلام كأداة للتغيير الاجتماعي، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتعزيز المواطنة والعدالة والحريات، من خلال تمكين الفئات المختلفة من أدوات التعبير الرقمي الفعّال.