المرأة العاملة: المرأة الفلسطينية في الثامن من آذار / واقع وآفاق  

تتوجه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية بأحر التهاني وأجمل الأمنيات للنساء الفلسطينيات في كافة أماكن تواجدهن ، وللنساء العربيات ونساء العالم بمناسبة الثامن من آذار "يوم المرأة العالمي" ارتباطاً بالمضامين الكفاحية لهذه المناسبة، وبما تجسده من تراكم للفعل النسوي النضالي من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وبهذه المناسبة العزيزة على قلوب النساء الفلسطينيات خاصة ونساء العالم عامة،  تجدد الجمعية  وكالأعوام السابقة  العهد على مواصلة طريق النضال حتى إنهاء الاحتلال وبناء دولة مدنية ديمقراطية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 67 وعاصمتها القدس،  وحل قضية اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار ٫194 وستواصل مسيرة الكفاح من أجل تجسيد المساواة واحترام حقوق المرأة  على قاعدة أنها حقوق إنسان غير قابلة للتجزئة أو التأويل ، كما ستواصل الجمعية نضالها كجزء من الحركة النسوية الديمقراطية من أجل تغيير الخطاب المجتمعي الذكوري المحافظ  القائم على تكريس الدونية والتمييز ضد المرأة وعدم الاعتراف بها كمواطنة كاملة  الأهلية .


  شهدت العقود الأخيرة  وكنتيجة لنضالات النساء في كل أنحاء العالم٫ تطورات  على صعيد المفاهيم المتعلقة بحقوق المرأة والتي تؤكد على المساواة التامة بين الجنسين؛ وإلغاء التمييز ضد المرأة، وتطورا على صعيد الآليات والأدوات الدولية والوطنية في معظم بلدان العالم من أجل تنفيذ المساواة في الحقوق والتي تجسدت مبادئها ومعايرها في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"  وفي الأعمدة الاساسية لقرار مجلس الأمن ١٣٢٥والمتعلق بأمن وحماية المرأة قبل وأثناء وبعد انتهاء الصراعات؛ لتشكل اضافة نوعية  للمرجعيات الدولية القانونية. إلا أن النساء ما زلن يعانين من التهميش والتمييز والإقصاء الذي يتجسد في الأنماط الثقافية التي تعزز دونية المرأة وفي السياسات الإقصائية جراء غياب الارادة السياسية لإحقاق المساوة.


      إن استمرار وجود الاحتلال الإسرائيلي يشكل جوهر معاناة النساء الفلسطينيات، وكافة أبناء الشعب الفلسطيني، فالمرأة الفلسطينية ناضلت ولا زالت تناضل جنبا إلى جنب مع الرجل من أجل إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق  تقرير المصير والحق في عودة اللاجئين والحق في الأمن الإنساني بكافة مجالاته٫ على اعتبار أن المرأة وأسرتها هما الأكثر تضرراً ومعاناة من تبعات  إجراءات الاحتلال الإسرائيلي القمعية الذي يستمر في إنتهاك الحقوق للانسان الفلسطيني وللشجر والحجر ولكافة المصادر الفلسطينية،  عبر سياسات عسكرية واستيطانية وعبر ارتكاب جرائم حرب  ووضع عقبات أدت إلى انسداد  الأفق  لأي حل سياسي  وفق الاتفاقيات التي أبرمت مع منظمة التحرير الفلسطينية ، وتجسد ذلك في استمرار العدوان المتكرر على قطاع غزة وما تركته من تدمير ومن آثار مدمرة لشعبنا لسنين طويلة ،عبر إغلاق المعابر وفرض الحصار الشامل عليها إضافة الى  التوسع الاستيطاني الذي تسارع بالسنوات الأخيرة على مرأى ومسمع العالم، رغم قرار مجلس الأمن عام 2016 رقم 2334 والذي اعتبر الاستيطان الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية غير شرعي وغير قانوني. وكذلك ما يجري  من عمليات متواصلة  يقوم بها الاحتلال لتهويد القدس ، وغيرها من الإجراءات التي تصب في محاولة تمرير ما يسمى بصفقة القرن والتي بدأت تجلياتها في قرار الرئيس الأمريكي ترامب أواخر عام 2017 والقاضي بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة مما يعني الاعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال ،  الامر الذي يعد انتهاكا لقرارت مجلس الأمن وللقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.  هذه السياسات انتجت عوامل أثرت على  ازدياد حدة التأثيرات السلبية للاحتلال على حياة المواطنين بشكل عام وعلى حياة النساء بشكل خاص ، اخذين بعين الاعتبار ما تركه استمرار الانقسام في الساحة الفلسطينية من آثار خطيرة خلال السنوات السابقة ستحتاج إلى حقبة  طويلة من الزمن لإعادة ترميم ما أحدثه هذا الانقسام من تآكل للبرنامج الوطني ولاهداف شعبنا الاستراتيجية  بالاضافة الى تفتيته للنسيج المجتمعي وتصعيده لوتائر تراجع احترام منظومة حقوق الانسان ككل، خاصة في ظل استمرار تعطل أعمال المجلس التشريعي وما شهدته الحقبة الانقسامية من تراجع واضح على صعيد تراكم الانجازات المتحصلة للمرأة سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة ، حيث رافق الانقسام مراوحة العديد من القوانين والتشريعات الخاصة بمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي وقانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات في مكانها  ،  وبقيت مسودات  هذه القوانين التي وضعها المجتمع المدني بمشاركة النساء في الادراج بذريعة تعطل أعمال المجلس التشريعي ، واعتماد السلطة الوطنية سياسة مجزوءة في مجال احقاق المساواة التامة ولم تلتزم بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها والتي تطالب بالمساواة التامة في كل من الحيز الخاص والحيز العام، ولم تبدي اي التزام باستحقاقات هذه الاتفاقيات وبشكل خاص اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، واعتمدت على سياسة تجميلية انتقائية كمهرب للأمام تجنبا لتطبيق جوهر ال"سيداو".


في هذا السياق تم الاعلان من قبل رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد اللة في الخامس من آذار 2018 عن اجراء تعديلات مرتبطة بالحقوق التالية:



 -   استطاعت المرأة استصدار جواز سفر للأطفالها،


-   السماح للمرأة بفتح حسابات بنكية ،


-  للمرأة الحق في نقل أطفالها من مدارسهم،


- التنسيب لرئيس دولة فلسطين لاصدار قرار بقانون بتعديل قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، واستثناء القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة من إجراءات العقوبات المخففة، وإلغاء المادة 308 التي تمكن مرتكب جريمة الاغتصاب من الإفلات من العقاب في حال تزوج من ضحيته.



لقد جاءت هذه القرارت نتيجة النضالات التي تخوضها الحركة النسوية الفلسطينية بكل مكوناتها منذ بدايات التسعينات من القرن الماضي ضمن نضالها الديمقراطي الاجتماعي الذي يتقاطع مع نضالها من أجل دحر الاحتلال ، وبالرغم من الترحيب العام بهذه القرارات  تحذر الجمعية من الاستمرار في نهج التجزئة كبديل لنهج شامل يمس فلسفة ونصوص القوانين لينعكس على الهياكل والبنى المرتبطة بأجهزة العدالة من محاكم وقضاة ومنفذين/آت للقوانين، ومن أجل إحقاق مساواة النوع الاجتماعي والعدالة لا بد من الالتزام من قبل النظام السياسي بمبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء وسيادة القانون ، الامر الذي يفرض ضرورة انهاء الانقسام وبناء وحدة وطنية واعادة تفعيل منظمة التحرير على ارضية الحق في المشاركة والتعددية لا سيما للمجتمع المدني وتحديدا للنساء والشباب.



لقد تم تقديم مذكرة من الاتحاد العام والجمعيات والمراكز النسوية عكست رؤيتها لانهاء الانقسام ومن أجل انجاز الوحدة الوطنية في اجتماع المصالحة في القاهرة في 21-22/نوفمبر 2017  وأبرز ما تناولته يتلخص في تحديد  اسس انهاء الانقسام وبشكل خاص وقف العقوبات المالية والادارية عن قطاع غزة، وضرورة البدء بتنفيذ الاتفاقيات السابقة وبشكل خاص اتفاق القاهرة 2011 والقاضي بتفعيل منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده  بما يكفل إنضمام كل القوى والفصائل على قاعدة التمثيل النسبي من اجل عقد مجلس وطني توحيدي ووفق قرارات اللجنة التحضيرية في بيروت ، وضرورة تفعيل م.ت.ف. لانجاز المهام التحررية المناطة بها  وضرورة تحديد جدول زمني لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية على قاعدة التمثيل النسبي وتخصيص كوتا  لتمثيل المرأة بما لا يقل عن 30%كحد أدنى وعلى طريق المساوة  التامة ،  وضرورة تمكين الحكومة من القيام بأعمالها في قطاع غزة،  ورغم أن الحركة النسوية  قامت بعدة حراكات لتعزيز دور المرأة في مسار المصالحة بما فيه تمثيلها في لجان المصالحة والذي تتوج بمشاركة 4 نساء في اجتماعات القاهرة التي جرت برعاية مصرية في نوفمبر 2017 ، إلا أن ملف المصالحة عاد للتعثر والتجميد مما ترك آثارا سلبية على حياة المواطنين بمختلف المجالات  خاصة لشعبنا في قطاع غزة. ويتطلب هذا التعثر بلورة استراتيجية ضاغطة على كل الاطراف التي تعيق تنفيذ الاتفاق من قبل الحركة النسوية للانتقال لسلام مجتمعي ولرص الطاقات لمواجهة العدو الرئيسي الذي يستبيح وطننا يوميا.



ومن أجل التصدي لمحاولات تطبيق ما يسمى بصفقة القرن  ولرفض قرار  رئيس الولايات المتحدة ترامب بنقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة،  وكذلك في التصدي من قبل النساء والرجال للتوسع الاستيطاني غير الشرعي وللاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على النساء والأهالي عموما ،  فالمرحلة السياسية الحرجة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني والتي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته تتطلب التحرك الفوري على مختلف المستويات  لانجاز الوحدة الوطنية.


        ضمن السياق السياسي وانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لعبت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية وكمكون أساسي من مكونات الحركة النسوية  أدورا ريادية على الصعيدين الوطني والحقوقي النسوى في المجتمع الفلسطيني ، حيث بذلت وطوال مراحل النضال الوطني الفلسطيني قصارى جهدها لتقوية وتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في العمليات التنموية بهدف إزالة كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، حيث استندت العديد من المؤسسات على قاعدة أن حقوق المرأة حقوق إنسان وتعتبر قضايا المرأة في الحالة الفلسطينية كقضايا سياسية اجتماعية، لذا فإنها تعتبر أن تقدم المجتمع الفلسطيني الوطني والاجتماعي والاقتصادي لا يمكن أن يتحقق إلا بمشاركة فاعلة للمرأة في التنمية على قدم المساواة في كافة المجالات.


وعلى الرغم من أن القانون الاساسى الفلسطيني ينص على مبدأ المساواة من حيث الحقوق ما بين الجنسين ، وبالرغم من انضمام فلسطين للعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية ومن ضمنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"سيداو"  عام 2014 والذي مثل خطوة هامة نحو صون حقوق المرأة الفلسطينية ، وبالرغم من الحراكات التي بدأت على اثر هذا الانضمام  ومنها صياغة تقرير سيداو الخاص بدولة فلسطين ورفعه للجنة سيداو في الأمم المتحدة ، وصياغة تقرير الظل من قبل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمؤسسات  والاطر والمراكز النسوية والحقوقية ورفعه للجنة سيداو في الأمم المتحدة ، ورغم استصدار قرار دستوري من قبل المحكمة الدستورية الفلسطينية يعتبر أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين المحلية ،  إلا أن التحدي الأكبر يبقى في تضمين هذه الاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية سيداو في القوانين المحلية ، وايضا في الدستور الفلسطيني القادم ، خاصة وان اتفاقية سيداو لم يتم نشرها في مجلة الوقائع الفلسطينية كي تأخذ الصفة الإلزامية ، كما لم تقم دولة فلسطين باتخاذ الإجراءات والسياسات والتدابير الكافية لتغيير البنى  والانماط الثقافية القائمة على التمييز والنظرة الدونية للمرأة مما شكل عائقا أمام تقدم وضعية النساء الفلسطينيات .


     وعليه لا زالت النساء الفلسطينيات يعانين من اضطهاد مزدوج : قومي ووطني بسبب استمرار الاحتلال في إجراءاته القمعية والتي طالت مختلف مناحي الحياة ، وجنسوي اجتماعي بسبب سيطرة المفاهيم الذكورية والموروث الثقافي الذي يعزز دونية المرأة  ، فلا زالت النساء الفلسطينيات بنظر المجتمع بعموميته متلقيات للسياسات ولسن شريكات وصانعات لها ، وهذا يتجسد في معيقات عديدة تواجه النساء الفلسطينيات سواء من حيث البنية التشريعية التي لا زالت قائمة على التمييز ضد المراة  والتي تعيد انتاجه وخاصة  في قانوني الأسرة والعقوبات المعمول بهما حاليا ، أو في العنف المبني على النوع الاجتماعي ، وكذلك عبر استثناء المرأة من المشاركة السياسية على مستوى دوائر صنع القرار بما يتلاءم وأدوارها المجتمعية والسياسية والنضالية على قاعدة حقوق المرأة كحقوق إنسان .


          لقد تأثر واقع النساء تأثرا كبيرا بهذه الظروف والعوامل ، فلا زالت النساء الفلسطينيات يعشن أوضاعا تمييزية على مختلف الاصعدة ، فرغم ازدياد توجه النساء للتعليم إلا أن ذلك لا يتناسب وحجمهن في سوق العمل ،حيث أن مشاركتهن في القوى العاملة في الأراضي الفلسطينية ما زالت منخفضة ولم تتعدى ما نسبته 19.3%  ،  يضاف إلى ذلك استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين صفوف المواطنين/آت  بشكل عام والنساء بشكل خاص  ، حيث لا زالت البيئة الاقتصادية تتصف في انخفاض معدل النمو ومحدودية فرص العمل ، كما أن توسع فرص العمل رغم محدوديتها تميل لصالح الذكور مقابل الإناث ، و فجوة النوع الاجتماعي ما تزال واضحة على مستوى المشاركة في القوى العاملة ومعدلات الأجور والبطالة وخاصة بين صفوف النساء المتعلمات  . وكذلك الحال بالنسبة  لازدياد معدلات الفقر خاصة في قطاع غزة ، حيث تزداد حدته بازدياد الإجراءات الإسرائيلية القمعية التي تخنق الموارد المحلية البشرية والمالية ، وتعتبر النساء والأطفال من الشرائح التي تصنف كأفقر الفقراء ، ويقع على عاتق النساء ادوار إضافية نتيجة ذلك ، يضاف الى ذلك قصور قانون العمل في العديد من الجوانب مما يستدعي إعادة موائمته بما يضمن الحقوق الاقتصادية للنساء ، ورغم إقرار قانون الحد الأدنى للأجور ، إلا أن ضعف التفتيش والمراقبة على تطبيقه حرم العديد من النساء من الاستفادة من هذا القانون .


أما العنف الأسرى والمدرسي والمجتمعي ، فلا زال مرتفعا في المجتمع الفلسطيني ، حيث تظهر نتائج آخر مسح لمؤشرات العنف في فلسطين الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء 2011 إلى ازدياد تعرض النساء لمختلف أشكال العنف  ، ولا ينحصر العنف ضد المرأة في البيت وإنما في الشارع أيضا وفي أماكن العمل  ، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة قتل النساء في السنوات الأخيرة حيث تم رصد ما يقارب 32 حالة قتل لنساء وطفلات في العام 2017 بما يشمل الضفة الغربية وقطاع غزة   ، كما ازدادت عدد الحالات المتوجهة للبيوت الآمنة بهدف الحماية من التهديد بالقتل ، . ورغم أن الحركة النسوية استطاعت تحصيل بعض الانجازات نتيجة الضغط والتأثير ومنها تجميد العمل ببند 97 من قانون العقوبات سبقه  صدور مرسوم رئاسي بإلغاء بنود مجحفة بحق النساء في قانون العقوبات الساري المفعول واعتبار القتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة جريمة يعاقب عليها القانون ، إلا أن هذه الإجراءات غير كافية لوقف قتل النساء وردع المعتدين في ظل بقاء  نصوص قانونية لا زالت تعطي الفرصة للجاني للإفلات من العقاب كالمادة 308 في قانون العقوبات الساري المفعول والتي تمنح الجاني في الجرائم ذات الطابع الجنسي فرصة الإفلات من العقاب في حال تزوج من الضحية ، وأيضا في ظل خضوع العديد من الأحكام للسلطة التقديرية للقضاة ، وفي ظل استمرار وجود بيئة قانونية تعزز التمييز ضد النساء ولا تتعامل معهن كمواطنات كاملات الحقوق وخاصة استمرار غياب قانوني العائلة والعقوبات الفلسطينيين وقانون حماية الأسرة من العنف  .


أما على صعيد المشاركة السياسية وصنع القرار : فان وضعية النساء في مجال المشاركة السياسية راوحت مكانها وذلك بسبب استمرار تعطل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية  ، باستثناء عقد انتخابات المجالس المحلية التي تم إجرائها على مرحلتين في العام 2017 وتمخضت عن فوز ما نسبته 21.1 %من النساء . أما بخصوص مشاركة المرأة في الحياة العامة فتشير الأرقام إلى أن 82.8% من القضاة ذكور مقابل 17.2% إناث ، بينما 83.3% من النيابة العامة ذكور مقابل 16.7% إناث ، أما السفيرات الفلسطينيات فيشكلن 5.8% نساء مقارنة مع 94.2% ذكور ، وحوالي 23.2% من أعضاء مجالس الطلبة إناث مقابل 76.8 من الذكور ، كما تعاني بشكل عام عضوات الأحزاب السياسية من الإقصاء عن مهمات نوعية من قبل أحزابهن تتعلق بالتمثيل والإعلام واكبر دليل على تهميش النساء من قبل الأحزاب السياسية هو تجربة الانتخابات المحلية الأخيرة حيث لم يتم إشراك النساء في التفاوض على تشكيل القوائم في غالبية المواقع ، كما لم تلتزم الأحزاب بنسبة كوتا 30% فما فوق ، وظهر ذلك من خلال النتائج التي لم يتعدى تمثيل النساء الفائزات بعضوية المجالس المحلية ما نسبته 21.1 % ، وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى تدني نسبة مشاركة المرأة في المناصب الإدارية العليا، ويعني هذا استبعادهن من مراكز صنع القرار الإداري على المستوى الرسمي، وبالرغم من أنهن يمثلن 13% من كافة العاملين في الوظائف الإدارية،  فإنهن يشكلن ما نسبته 3% فقط من الموظفين في مراكز صنع القرار كالمشرعين وموظفين إدارة عليا .


إن استمرار تعطل البيئة التشريعية والناتج عن إجراءات الاحتلال القمعية من جهة ، ومن جهة أخرى انسداد أفق المصالحة الوطنية واستمرار حالة الانقسام وضعف إرادة صانع القرار الفلسطيني ، كلها عوامل وعقبات أثرت على تقدم وضعية النساء الفلسطينيات في كافة المجالات ، سواء من حيث مراقبة تطبيقات القوانين الفلسطينية المعمول بها  كقانوني العمل والقانون الاساسى ، أو من حيث القصور في تبنى قوانين مهمة للنساء كقانوني الأسرة والعقوبات ، وقانون حماية الأسرة من العنف .


       إن مناسبة الثامن من آذار تعتبر محطة مهمة تقف عندها النساء الفلسطينيات ونساء العالم اجمع ، سواء للاحتفاء بهذه المناسبة بما تحمل من معاني كفاحية ونضالية أو للوقوف على وضعية النساء وما تصبوا إليه من تغيير ، والمرأة الفلسطينية تشكل دوما نموذجا يحتذى به ، فهي تناضل من اجل قضاياها المطلبية كمواطنة كاملة الحقوق ،وتسعى جنبا إلى جنب مع شعبها الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي  الذي يمارس سياساته القمعية ويمعن في تجاهل المواثيق الدولية ، وعليه فان جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية التي تعتبر أن يوم المرأة العالمي محطة مطلبيه فإنها تطالب بالعمل بشكل فوري على :


* دعوة الهيئات الدولية بما فيها الأمم المتحدة للعمل على مسائلة إسرائيل لإجبارها على الالتزام بمقررات الشرعية الدولية وعلى رأسها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان  واتفاقية جنيف الرابعة ، والتي تلزم الدولة المحتلة بتوفير الحماية للمدنيين تحت الاحتلال ، مع علمنا المسبق ان عدم احترام هذه الاتفاقيات والمواثيق يترك تأثيرا كبيرا على أولويات النساء الفلسطينيات ويؤخر من تقدمهن في تغيير واقعهن على أساس مساواة النوع الاجتماعي.


* دعوة الفصائل الفلسطينية إلى التحرك الفوري والسريع لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والتوافق على إستراتيجية وطنية وبرنامج سياسي تضمن مشاركة كل الطيف السياسي الفلسطيني لما لاستمرار الانقسام من تأثير سلبي سواء على قضيتنا الوطنية أو حياة المواطنين عامة والنساء خاصة .


* دعوة دولة فلسطين المحتلة  إلى اتخاذ الإجراءات والسياسات والتدابير الكافية لتغيير البنى الثقافية القائمة على التمييز والنظرة الدونية للمرأة مما شكل عائقا أمام تقدم وضعية النساء الفلسطينيات .


*دعوة دولة فلسطين المحتلة لإجراء مراجعه شاملة لمنظومة القوانين بما يضمن تضمين اتفاقية سيداو  في القوانين المحلية كاستحقاق للانضمام لهذه الاتفاقية بما فيه ضرورة نشر هذه الاتفاقية في مجلة الوقائع الفلسطينية لتصبح نافذة المفعول على ارض الواقع  .


* ضرورة استجابة دولة فلسطين المحتلة للمطالب الإستراتيجية  للحركة النسوية والمتمثلة في الإسراع في إقرار قانوني الأسرة والعقوبات وقانون حماية الأسرة من العنف .



وسيبقى الثامن من اذار محطة لتفعيل النضال الوطني والاجتماعي للنساء الفلسطينيات ، ستبقى جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية تسعى وتناضل للوصول إلى مجتمع فلسطيني حر وديمقراطي قائم على العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين وتهدف للقضاء على جميع أشكال التمييز من خلال تعزيز وتمكين وتعبئة النساء للمشاركة في عمليات التنمية، والترويج لحقوق المرأة المدنية وحقوقها كحقوق إنسان.


اشترك في القائمة البريدية