في اليوم العالمي للقضاء على الفقر: الميزان يؤكد أن ممارسات الاحتلال وغياب المسائلة ساهما في توسيع ظاهرة الفقر


يصادف يوم الاثنين الموافق 17 من شهر كانون الأول/ أكتوبر 2016، اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1992 من خلال القرار 47/196، ليصبح يوماً عالمياً للتضامن مع الفقراء حول العالم.


ويشكل اليوم العالمي للقضاء على الفقر مناسبة استثنائية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة حيث ترزح الغالبية العظمى من السكان تحت خط الفقر، وبالرغم من الإحباطات الكبيرة التي تتملك الفلسطينيين من سياسات المجتمع الدولي إلا أنهم يتطلعون لدور أكبر للمجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة في العمل على القضاء على الفقر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.


إن استمرار تحلل المجتمع الدولي من التزاماته القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان واستمرار سياسة الحصانة التي تتمتع بها دولة الاحتلال، شجعا دولة الاحتلال على تصعيد ممارساتها التي تشكل انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي، وشكلت محركاً يدفع إلى مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية وإفقار المجتمع وتدهور جملة حقوق الإنسان بالنسبة للسكان، ولاسيما الحصار المشدد الذي تفرضه على قطاع غزة والذي دخل عامه السادس عشر.


وكانت سلطات الاحتلال أعلنت فرض حصار عسكري على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٠٠ ومنذ ذلك التاريخ فرضت قيوداً على عمل المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية ببعضها وبدولة الاحتلال وبالعالم الخارجي.



وشهد قطاع غزة تصعيداً كبيراً في القيود المفروضة على حرية حركة وتنقل السكان والبضائع منه وإليه منذ شهر أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧ بعد أن أعلنت سلطات الاحتلال قطاع غزة كياناً معادياً وشطبت كوده الجمركي وأصبحت تمنع دخول وخروج السكان والبضائع من القطاع وإليه وأصبح الأصل هو منع الحركة والتنقل والاستثناء هو السماح بالمرور.



هذا وانتهجت سلطات الاحتلال سياسة التدمير المنظم للمنشآت الصناعية والتجارية وجرفت الأراضي الزراعية وأتلفت المزروعات، الأمر الذي قوض أسس الاقتصاد الوطني وأفقد عشرات آلاف الأسر مصادر دخلها وحولها إلى أسر معوزة سواء جراء فقدان أربابها فرص عملهم داخل الخط الأخضر أو في القطاع الخاص الفلسطيني. وجاء الحصار ليكمل مهمة الهجمات العسكرية حيث حال الحصار دون قدرة المنشآت الصناعية على استيراد المواد الخام وتصدير المواد المصنعة ما تسبب في إغلاق آلاف المنشآت الصناعية والتجارية.



كما تواصل سلطات الاحتلال سياسة الاستيلاء على الأراضي ومصادر المياه وإنشاء وتوسيع المستوطنات وإقامة الجدار ما تسببب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء في الضفة الغربية المحتلة.


ذلك كله ساهم في ازدياد أعداد العاطلين عن العمل وارتفاع نسبة الفقر والفقر المدقع، وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة البطالة للربع الأول من العام 2015 بلغت 41,6% في قطاع غزة، في حين كانت نسبة البطالة في صفوف الخريجين 69,5%. كما يقع 30% من سكان القطاع حسب المصدر نفسه تحت خط الفقر المدقع. في حين أفاد تقرير للبنك الدولي بعد الحرب على قطاع غزة في العام 2014، أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت حينها 43% وهي الأعلى في العالم، كما تقلص قطاع الصناعة بنسبة 60%.



إن ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي أنهكت الواقع الاقتصادي والاجتماعي للقطاع، وانعكست بشكل مباشر على الواقع المعيشي للسكان المدنيين في القطاع، وما رافقه من ازدياد في نسبة البطالة والفقر، والفقر المدقع وسوء التغذية في مخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تنص المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته).


كما لعب الانقسام السياسي بين شطري الوطن دوراً في ازدياد تردي الأوضاع المعيشية للسكان، من خلال التضارب في القوانين الضريبية وطرق الجباية وازدواجية الضرائب، ما ساهم في زيادة الأعباء المالية على المواطنين.



مركز الميزان لحقوق الإنسان، وفي اليوم العالمي للقضاء على الفقر، يشدد على أهمية دعم ومساندة الفقراء حول العالم، ويؤكد على أن ممارسات قوات الاحتلال تجاه المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تهدف إلى تعميق ظاهرة الفقر وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، من خلال تشديد الحصار وتدمير البنية التحتية الفلسطينية واستهداف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية.



كما يطالب المركز، المجتمع الدولي تحمل التزاماته القانونية والاخلاقية، والعمل على رفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة وتقديم مساعدات فاعلة من شأنها أن تعيد ترميم البنية التحتية للاقتصاد الوطني بما يضمن خلق فرص عمل تستوعب عشرات آلاف العاطلين عن العمل كسبيل للحد من ظاهرة الفقر وتقليص عدد الفقراء التدريجي.



إن استمرار تحلل المجتمع الدولي من التزاماته القانونية تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أسهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وعليه فإن مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بالقيام بواجبه القانوني تجاه رفع الحصار وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، كخطوة أولى نحو الوفاء بالتزاماته وتقديم كل أشكال المساعدة المادية والفنية لدولة فلسطين بما في ذلك تشجيع الحكومة على تبني سياسات تراعي مصالح الفقراء والمهمشين، كسبيل للحد من أعداد الفقراء في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.


 

اشترك في القائمة البريدية