أمجد الشوا: الشعب الفلسطيني يواجه إبادة ومؤسسات حقوق الإنسان تتعرض لاستهداف إسرائيلي – أمريكي
أكد أمجد الشوا أن الشعب الفلسطيني يواجه انتهاكًا شاملًا لمواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسانـ فالاحتلال ارتكب جرائم إبادة بحق المدنيين في غزة، مع قتل وجرح عشرات الآلاف، وتدمير أكثر من 85% من منشآت وبنى غزة التحتية، بما يشمل المستشفيات والمباني السكنية ومقار الأونروا، 360 موظفًا في وكالة الغوث استشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية.
حذّرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة من أن الشعب الفلسطيني يعيش واحدة من أعمق الأزمات الحقوقية في التاريخ الحديث، في ظل ما وصفته بـ"جرائم الإبادة الجماعية" التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عامين، والتي طالت المدنيين والبنى التحتية ومؤسسات الصحة والتعليم والإغاثة، وسط ما اعتبرته "تخاذلًا دوليًا مريبًا".
وقال أمجد الشوا، نائب مفوض الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومنسق شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة خلال حلقة جديدة من "عدل بودكاست" من إنتاج الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بالتعاون مع شبكة وطن الإعلامية، وتأتي هذه الحلقة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي يصادف العاشر من كانون الأول من كل عام، إن هذا اليوم يمر بينما "تتعرض مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لانتهاك شامل في فلسطين"، مؤكدًا أن الاحتلال استهدف بشكل مباشر الحق في الحياة، من خلال الأعداد الهائلة للشهداء والجرحى، وتدمير أكثر من 85% من المنشآت والمباني والبنية التحتية في قطاع غزة، الأمر الذي قاد إلى "تقويض مقومات الحياة بالكامل".
جرائم إبادة بحق المدنيين والمرافق الحيوية
وأوضح الشوا أن استهداف الاحتلال طال المستشفيات والطواقم الطبية ووكالات الأمم المتحدة، وعلى رأسها الأونروا التي فقدت 360 من موظفيها، إلى جانب تدمير معظم مقراتها. وأضاف: "لم تبق مادة واحدة من مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا وانتهكها الاحتلال، وعلى مرأى العالم أجمع".
وأشار إلى أن مأساة الشعب الفلسطيني لم تبدأ في أكتوبر 2023، بل منذ عقود من الاحتلال المستمر وسياسات التهجير والمصادرة والقتل والاعتقال، مؤكّدًا أن القضية الفلسطينية "قضية حقوقية بامتياز قبل أن تكون سياسية"، وأن ازدواجية المعايير الدولية أسهمت في استمرار الجرائم دون رادع.
عدالة بطيئة ومسار محاسبة متعثر
ووصف الشوا المسار الدولي لمحاسبة الاحتلال بأنه "بطيء ومثقل بالعراقيل السياسية"، رغم القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والتحقيقات الجارية في المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن التحريض الذي يُمارس ضد منظومة العدالة الدولية يهدف إلى تعطيل محاسبة مجرمي الحرب، في ظل دعم أمريكي غير محدود للاحتلال.
وأضاف: "حتى اللحظة، ينتظر الضحايا تحقيق العدالة، رغم أن نتنياهو ووزير جيشه الأسبق يوآف غالانت مطلوبان للعدالة الدولية، ورغم أن بعض الدول أوقفت توريد السلاح لـ "إسرائيل" وفرضت عقوبات اقتصادية عليها".
ضحايا بمئات الآلاف ودمار شامل
وأشار الشوا إلى أن حجم الضحايا يعكس حجم الجريمة، موضحًا أن ما وثقته المؤسسات الحقوقية حتى الآن يشير إلى 71ألف شهيد، إضافة إلى آلاف المفقودين، وأكثر من 182 ألف جريح، إلى جانب دمار واسع طال كل مقومات الحياة. وقال: "هذه الأهوال يجب أن تكون سببًا لإجماع عالمي يضع حدًا للإفلات من العقاب".
استهداف منهجي للمؤسسات الحقوقية
وتطرق الشوا إلى الاستهداف اسرائيلي- امريكي للمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على منظمات حقوقية وعلى قضاة ومحامين في المحكمة الجنائية الدولية. كما تعرّضت المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، لعقوبات مماثلة. وقال: "هذا استهداف خطير للعدالة الدولية ومحاولة لطمس الحقيقة".
وأكد أن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تواصل جهودها رغم التحديات، من خلال التوثيق المهني للانتهاكات، وإعداد الملفات القانونية، وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية والوطنية في بعض الدول.
منع الصحفيين والدبلوماسيين من دخول غزة
وأشار إلى أن الاحتلال يمنع دخول الصحفيين الدوليين والدبلوماسيين إلى غزة لتجنب كشف الحقيقة، مؤكدًا أن الصحفيين الفلسطينيين "دفعوا أرواحهم في سبيل إيصال الصورة وتوثيق الجرائم".
دعوات لوحدة وطنية وتفعيل أدوات الحماية الدولية
وشدّد الشوا على ضرورة وجود جهد وطني موحد لمتابعة المسار القانوني، مؤكدًا أن استمرار الانقسام السياسي "يمكّن الاحتلال من مواصلة جرائمه". وطالب بتفعيل أدوات الحماية الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة، سواء عبر "متحدون من أجل السلام" أو من خلال قرارات مجلس الأمن، داعيًا إلى حماية الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين. كما دعا إلى دعم وكالة الأونروا باعتبارها "العمود الفقري للعمل الإنساني في فلسطين"، وإسنادها ماليًا وقانونيًا ودبلوماسيًا.
المنظمات الأهلية.. الاستجابة الأولى
وبيّن الشوا أن المنظمات الأهلية الفلسطينية كانت "المستجيب الأول" خلال العدوان، وقدمت خدمات إنسانية وحقوقية بالتعاون مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية، لكنها بحاجة إلى تطوير عملها في مرحلة التعافي والإعمار المقبلة، خاصة ما يتعلق بمتابعة ملفات المحاسبة والعدالة.
رسالة أمل من قلب الركام
ورغم حجم المأساة، ختم الشوا حديثه برسالة أمل، مستذكرًا مواقف إنسانية من الميدان، منها لقاؤه بطفلة في مخيم جباليا المدمّر كليًا. وقال: "ليان، التي فقدت كل شيء، لم تطلب خيمة أو طعامًا أو ملابس.. طلبت فقط العودة إلى المدرسة".
كما أشار إلى لقاء مع الصيادين الذين، رغم دمار قواربهم، طالبوا بفتح البحر أمامهم بدلاً من المساعدات، مؤكدًا أن هذا يعكس "كرامة الإنسان الفلسطيني وتمسكه بالحياة".
خلاصة
وأكد الشوا أن ما يحدث في غزة "جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية تهدد البشرية كلها"، وأن الصمت الدولي أو تأخر الإجراءات يمثل "مساهمة مباشرة في استمرار الجرائم". وختم بالقول: "ما أبقى هذا الشعب حيًا هو الأمل.. وهذا الأمل سيبقى ما دمنا نطالب بحقوقنا ونواجه الاحتلال بإصرار ووحدة".
