قطاع التأهيل في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يعقد ورشة حول "عامان من الاستهداف والتهميش: الأشخاص ذوو الإعاقة في قطاع غزة في ظل الحرب والحصار"

نظًم قطاع التأهيل في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ورشة عمل بعنوان "عامان من الاستهداف والتهميش: الأشخاص ذوو الإعاقة في قطاع غزة في ظل الحرب والحصار"، بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة. وعُقِدت الورشة وجاهيًا في مقر شبكة المنظمات الأهلية في دير البلح وعبر منصة الزوم، بمشاركة واسعة من المنظمات الأهلية المحلية والدولية الفاعلة، بالإضافة إلى مجموعة الحماية العنقودية.

استهلّ إياد الكرنز، منسق قطاع التأهيل في الشبكة ومنسق مجموعة عمل الإعاقة، أعمال الورشة بكلمة ترحيبية قدّم خلالها استعراضاً شاملاً لأوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة بعد عامين من الحرب على قطاع غزة، مشيراً إلى أن حرب الإبادة خلّفت ما يزيد عن 170 ألف إصابة، يُقدَّر أن 25% منها تتطلب عمليات تأهيل طويلة الأمد، ما يعني ارتفاع أعداد الأشخاص ذوي الإعاقة بنسبة 75%  مقارنة بما قبل الحرب.

كما أشار إلى توثيق استشهاد أكثر من 200 شخص من ذوي الإعاقة جراء القصف المباشر، إضافة إلى عشرات الوفيات الناجمة عن الجوع ونقص الرعاية الصحية. وأوضح أن الحرب استهدفت جميع الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، بما في ذلك الخدمات الصحية والتأهيل، حيث استُشهد أكثر من 1,580 من العاملين في القطاع الصحي، و42 من أصل 1,300 معالج طبيعي، إضافة إلى 400 معالج وظيفي كانوا يعملون في القطاع قبل الحرب، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 80% من المؤسسات المحلية العاملة في مجال الإعاقة، الأمر الذي أدّى إلى انهيار شبه كامل في منظومة التأهيل وفاقم معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأكد أمجد الشوا المدير العام لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن قضية الإعاقة ليست قضية جديدة، حيث أن الأشخاص ذوي الإعاقة عانوا لسنوات طويلة بسبب الحصار المستمر على القطاع، إلا أن هذه الحرب حرمتهم حقوقهم الأساسية كافة، بما في ذلك الوصول للخدمات الإنسانية والأدوات المساعدة. وأضاف أن العراقيل التي يفرضها الاحتلال على دخول المستلزمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة يفاقم الأزمة ويؤثر سلبًا على حياتهم. كما شدّد على الحاجة الملحة لتطوير قاعدة بيانات شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكدًا أن هناك جهودًا جارية في هذا الاتجاه.

ومن جانبه، أوضح أليكساندرو فولجاريس منسق قطاع الحماية في الأراضي الفلسطينية، الدور الحيوي والمهم الذي تقوم به مجموعة عمل الإعاقة بالتنسيق والتعاون مع قطاع الحماية وعدد من الشركاء الدوليين، مشيراً إلى أن قضية الإدماج هي قضية جوهرية وهي على رأس أولويات عمل القطاع. كما استعرض بعض الجهود المبذولة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة ولضمان دمج قضية الإعاقة في مختلف القطاعات والمجموعات العنقودية.

وقدّمت السيدة إيفا ستيكيت من منظمة الإنسانية والإدماج (HI) عرضًا تناولت فيه واقع إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، حيث أبرزت الحجم غير المسبوق للأزمة الإنسانية وتعدّد الحواجز البيئية والاتصالية والسلوكية والمؤسسية التي تعيق وصولهم إلى الخدمات والمساعدات. وشدّدت على أهمية الالتزام بالأطر العالمية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وميثاق الإدماج، وإرشادات اللجنة الدائمة المشتركة، مؤكدة ضرورة تحويل هذه الالتزامات إلى إجراءات عملية. كما عرضت اتجاهات إيجابية ناشئة، منها تزايد الاعتراف بالحاجة لاعتماد نُهُج شاملة، وتعزيز قاعدة الأدلة حول الاحتياجات والمخاطر، وترسيخ الدور الحيوي لمجموعة عمل الإعاقة في قطاع غزة. وفي المقابل، أشارت لوجود فجوات مثل ضعف إعطاء الأولوية لإدماج الإعاقة في التخطيط والتنسيق، وغياب البيانات الموثوقة، وقصور التنسيق بين الخدمات المتخصصة والعامة، ونقص تمويل المنظمات المحلية، وضعف القدرات والمعرفة العملية لدى العاملين الإنسانيين، إضافة إلى محدودية مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في التقييم والتصميم والمتابعة. واختتمت بالتأكيد على أهمية تعزيز القيادة والمساءلة، واعتماد الإعاقة كأولوية عابرة للقطاعات، وتمكين المنظمات المحلية، وتحسين أنظمة البيانات، ودعم مجموعة عمل الإعاقة لضمان استجابة أكثر شمولاً وفعالية.

وأكد بكر التركماني ممثلًا عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أن هذه الحرب شكّلت اختباراً واضحاً لمنظومة القوانين والمواثيق الدولية التي فشلت في حماية الفئات الأشد هشاشة، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة. وأضاف رغم أن الاحتلال ضمن الموقعين على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أنه الأكثر انتهاكًا لها في ظل غياب المساءلة، داعياً مكتب المقررة الخاصة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة إلى فتح تحقيق دولي في الانتهاكات والفظائع المرتكبة. كما دعا إلى العمل على سنّ تشريعات وطنية جديدة تُلائم الواقع القائم وتضمن حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

اختتم إياد الكرنز أعمال الورشة بتقديم خلاصة للتوصيات التي طرحها المتحدثون والمشاركون، مؤكداً على جملة أولويات محورية، أبرزها: ضرورة إدخال المساعدات والأجهزة والأدوات المساعدة الخاصة بجميع فئات الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء الإعاقات الحركية أو البصرية أو السمعية أو الشلل الدماغي، من دون أي قيود أو شروط. كما شدّد على أهمية استمرار دعم المؤسسات المحلية العاملة في مجال الإعاقة باعتبارها ركناً أساسياً في منظومة العمل الإنساني والاستجابة. وأكد كذلك على ضرورة إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل حقيقي وفاعل في مراحل التعافي وإعادة الإعمار.

 

 

اشترك في القائمة البريدية