في الوقت الذي تؤكد فيه التطورات الأخيرة، وعلى رأسها ما يسمى بـ "خطة ترامب" لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل، وفي ظل استمرار جرائم الابادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا تُعرب شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية عن موقفها التالي:
إن الشبكة، وفي الوقت الذي ترحب فيه بأي جهد يؤدي إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار ينهي جريمة الإبادة الجماعية المستمرة بحق شعبنا في قطاع غزة، فإنها تحذر من أن الخطة الأمريكية المطروحة بشكلها الحالي ليست إلا تبنيًا كاملًا للرواية والمشروع الإسرائيليين وتمثل نجاح نتنياهو في اجبار ترامب على تعديل الخطة المتفق عليها مع الدول العربية والاسلامية لتناسب المطالب الاسرائيلية بالكامل. فهذه الخطة لا توفر اية ضمانات لإنهاء جريمة الإبادة، ولا لإنهاء المشروع الاستعماري الاستيطاني، بل هي مجرد إعادة انتشار لقوات الاحتلال، وإعادة ترتيب لآليات القتل والتدمير، بهدف إدامة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة لعقود قادمة.
كما أن الخطة، ومن خلال فصل قطاع غزة بشكل كامل عن الضفة الغربية، تهدف إلى تمزيق النسيج الجغرافي والسياسي للشعب الفلسطيني، دون أن تقدم أي ضمانات حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، أو لتحقيق الخلاص من نير الاحتلال، أو حتى لوقف آلة الإبادة الجارية.
إن طرح الخطة بهذا الشكل والتهديد في حال رفضها باستمرار الإبادة والتهجير هي عملية ابتزاز سياسي لشعب يرزح تحت نير الاحتلال، ومن هنا ندعو كافة قوى وائتلافات شعبنا الى الوحدة الوطنية وتقديم رد وحدوي ينسجم مع مستوى المخاطر المطروحة، ويضمن الوصول لوقف حقيقي لجريمة الإبادة والقتل اليومي وضمان حق شعبنا بالحرية والعودة والاستقلال.
إن شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية تؤكد أن المسؤولية الأساسية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي، لا سيما الدول ذات التأثير، هي العمل على تفكيك منظومة الاستعمار والإبادة الجماعية ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي بكامله، وليس إدارته أو إعادة ترتيبه. كما أن واجبهم يحتم عليهم حماية الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها، وحق تقرير المصير.
في هذا الإطار، وإدراكًا للحاجة إلى آلية دولية فاعلة لتحقيق العدالة والمساءلة، تبقى مبادرة كولومبيا المطروحة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار قرار "متحدون من أجل السلام"، هي المبادرة الدولية ذات الجدوى التي تقدم إطارًا عمليًا يضمن إلزام حكومة إسرائيل وحلفائها بالامتثال للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ووضع حد لإفلاتها من العقاب، وضمان حماية الشعب الفلسطيني من منظومة القتل والاضطهاد الإسرائيلية.
إننا ندعو كافة دول العالم وقواه الحية إلى رفض أي مشاريع تهدف إلى تدوير الاحتلال وإعادة تغليفه، وندعوهم إلى دعم المسار القانوني والسياسي الذي يكفل حقوق شعبنا ويمثل الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.