المركز الفلسطيني: 5 قتلى خلال أقل من شهر، تصاعد خطير في اعتداءات المستوطنين برعاية مباشرة من جيش الاحتلال

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات جريمة القتل الجديدة التي ارتكبها مستوطنون مسلحون بحق مواطن فلسطيني، مساء أمس، في سهل محفورية جنوب غربي بلدة عقربا بمحافظة نابلس. هذه الجريمة الدموية تُعد الخامسة من نوعها خلال أسبوع، والسادسة منذ مطلع يوليو، وتأتي ضمن موجة عنف منهجي ومتواصل يشنها المستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومظلة دعم من الحكومة والقضاء الإسرائيلي.

ووفقاً لإفادات شهود عيان والمعلومات التي جمعها طاقم المركز، عند حوالي الساعة 19:00 من يوم السبت الموافق 2/8/2025، هاجم ستة مستوطنين مسلحين، يستقلون مركبة مدنية ومركبتين زراعيّتين (تركتورون)، انطلاقًا من بؤرة استيطانية رعوية غير قانونية أُقيمت مطلع يوليو 2025 في جنوب غربي بلدة عقربا، جنوب شرقي مدينة نابلس. تجمع عدد من سكان البلدة لمحاولة صد الهجوم ودفع المستوطنين بعيدًا عن المنازل، ونجحوا مؤقتًا في إبعادهم.

لاحقًا، انضم عشرة مستوطنين آخرين مسلحين قدموا من مستوطنة مقامة بين عقربا وبلدة أُصرين، يرافقهم حارس أمن المستوطنة وكان مسلحا. واعتدى المستوطنون على المواطنين الفلسطينيين الذين لم يتجاوز عددهم 20 شخصًا، باستخدام العصي والحجارة، ثم قام أحد المستوطنين بإطلاق النار باتجاههم، مما أدى إلى مقتل المواطن معين صبحي محمد أصفر، 24 عاماً، جراء إصابته بعيار ناري في صدره، وإصابة 7 آخرين بجروح بين متوسطة وطفيفة.

وكما يحدث كل مرة، سرعان ما وصلت قوات الاحتلال إلى المنطقة، لكنها لم تُلاحق الجناة، بل طردت المواطنين الفلسطينيين ووفرت الحماية للمستوطنين وأعادتهم إلى داخل البؤرة الاستيطانية.

وفي إفادته لطاقم المركز روى أحد المصابين، عصام صبحي عادل ديرية (30 عامًا)، تفاصيل الاعتداء:

كنت في وسط البلدة عندما سمعت أن المستوطنين يهاجمون أطرافها. قدت سيارتي إلى سهل محفورية، وهناك رأيت ستة مستوطنين على متن مركبة وتركتورونات، تمكّنا من إبعادهم قليلًا. بعد دقائق، وصل عشرة مستوطنين مسلحين، ومعهم حارس أمن مسلح. اعتدوا على ثلاثة من الشبان في المقدمة. تدخلنا لحمايتهم، فأطلق أحد المستوطنين النار من سلاح M16 بشكل أوتوماتيكي، ما أدى إلى مقتل معين، وإصابتي مع آخرين. نُقلت إلى مستشفى رفيديا في ظل أجواء من التوتر والرعب.”

هذه الجريمة ليست عرضية أو معزولة، بل تأتي في سياق تصعيد كبير في عنف مليشيات المستوطنين التي جرى تسليحها ورعايتها من كبار الوزراء في حكومة الاحتلال الإسرائيلي. وهي الجريمة الثالثة في غضون أسبوع والرابعة منذ بداية شهر يوليو الماضي، في سلسلة جرائم خطيرة أسفرت عن مقتل 5 مدنيين فلسطينيين، فيما ترتفع الحصيلة منذ بداية العام إلى ثمانية قتلى في هجمات المستوطنين. كما قتل العديد من المواطنين برصاص قوات الاحتلال خلال تأمينها اعتداءات المستوطنين في أرجاء متفرقة من الضفة الغربية.

يؤكد المركز أنّ هذه الجرائم تعكس سياسة منهجية تجري بحماية قوات الاحتلال وتواطؤ القضاء الإسرائيلي الذي يمتنع كالعادة عن اتخاذ أحكام رادعة بحق المستوطنين، فيما تجري كل أعمال العنف بهدف تفريغ الأرض من سكانها الأصليين لحساب التوسع الاستيطاني غير المشروع، الذي يشكل جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي.

تدلل هذه الجرائم أن الاحتلال الإسرائيلي ومليشياته الاستيطانية يمارسون نظام عنف مزدوج يستهدف الوجود الفلسطيني بوسائل القتل والتدمير والمصادرة والطرد القسري والترهيب، ولا يمكن مواجهة هذا النظام دون تدخل دولي حازم وجاد.

إنّ المواقف الدولية التي تكتفي في أحسن الأحوال ببيانات إدانة خجولة، تكرس سياسة الإفلات من العقاب، وتشجّع قوات الاحتلال ومليشيات المستوطنين على مواصلة هذه الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين، وتسهم في تكريس واقع الاستيطان الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي، بما فيها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ويذكر المركز بقرار محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، الذي أكد أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما فيها الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، هو غير قانوني، وألزم دولة الاحتلال بإنهاء وجودها غير المشروع فورًا، ووقف جميع الاعتداءات الاستيطانية، بما في ذلك إخلاء المستوطنين من الأراضي المحتلة.

يعيد المركز التأكيد أنّ هذه الجرائم تتطلب ضرورة التحرك الفوري والفعّال لوقف جرائم الاحتلال والمستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء نظام الفصل العنصري الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

ويدعو إلى التحرك الجاد لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب أمام العدالة الدولية، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، وحماية المدنيين الفلسطينيين ووقف جميع أشكال الدعم الدولي لإسرائيل التي تُمكّنها من الاستمرار في سياساتها العنصرية والاستعمارية.

 

 

اشترك في القائمة البريدية