مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان – غزة، تُعرب عن رفضها الشديد لعمليات إنزال المساعدات الإنسانية من الجو فوق قطاع غزة، وتعتبرها إجراءً دعائياً يهدف إلى حرف الأنظار عن الجريمة الكبرى المتمثلة في سياسة المجاعة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي بشكلٍ ممنهج ضد السكان المدنيين في القطاع، منذ أكثر من 660 يوماً من حرب الإبادة الجماعية المتواصلة.
إن هذه المساعدات التي تُسقَط من الجو لا تُشكّل حلاً حقيقياً للأزمة الإنسانية الكارثية، بل تُعد وسيلة مهينة لإدارة المجاعة وتغليفها بطابع إنساني زائف. كما أن هذه الطريقة تنطوي على مخاطر جسيمة، خاصة عند إسقاطها فوق مخيمات النازحين، مما يهدد حياة المدنيين ويُعدّ انتهاكاً صارخاً لمبادئ العمل الإنساني وللقانون الدولي الإنساني، الذي يفرض احترام كرامة الإنسان وعدم استخدام المساعدات كأداةٍ سياسية. وقد وثقت مؤسسة الضمير إصابة عدد من المواطنين والنازحين جراء عمليات الإنزال، من بينها إصابات خطيرة.
وقد صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ 2 آذار/مارس 2025، من سياسة التجويع عبر منع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود، واستهداف المدنيين المتجمعين حول ما يُسمى "مراكز توزيع المساعدات"، ما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى من المدنيين المُجوّعين.
وترى مؤسسة الضمير أن الادعاء الإسرائيلي بإسقاط المساعدات الجوية ما هو إلا محاولة فاضحة للتضليل الإعلامي وتبرئة النفس من جريمة وسياسة التجويع الجماعي، التي تُرتكب بقراراتٍ عليا من القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، في إطار سياسة ممنهجة تُشكّل جريمة إبادة جماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
كما تُدين مؤسسة الضمير الادعاءات الكاذبة بشأن "هدن إنسانية" تسمح بمرور المساعدات، إذ تؤكد التقارير أن ما دخل من مساعدات لا يُلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، ولا يُشّكل سوى نسبة ضئيلة من الكميات التي يحتاجها أكثر من 2.3 مليون فلسطيني محاصَر. وإن البديل الحقيقي هو فتح جميع المعابر بشكلٍ فوري، وتسهيل إدخال مئات الشاحنات يومياً من الغذاء والماء والوقود والدواء، بما يضمن تدفقاً مستمراً وآمناً للمساعدات، تحت إشراف الأمم المتحدة وبالشراكة مع منظمات محلية ودولية موثوقة.
وعليه، فإن مؤسسة الضمير تدعو الدول المشاركة في عمليات إنزال المساعدات في غزة إلى عدم المشاركة في هذه العملية المهينة والمذلة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي لحرف الأنظار عن حقيقة حرب الإبادة الجماعية. كما تطالب المجتمع الدولي، والأمم المتحدة وهيئاتها، بالتحرك الفوري لفتح جميع المعابر الحدودية دون شروط، لضمان التدفق السلس والآمن للمساعدات الإنسانية الأساسية من الغذاء والماء والوقود والدواء، بإشراف أممي ومنظمات محلية ودولية موثوقة، وبما يضمن حفظ حياة المدنيين وكرامتهم.