مسارات تنظم ورشة حوارية لمناقشة سياسات لمواجهة أزمة الكهرباء في قطاع غزة

 

ناقش شبابٌ وخبراء ومختصون فلسطينيون، من الجنسين، أزمة الكهرباء في قطاع غزة، وأسبابها، والآليات المقترحة لحل الأزمة والتخفيف منها بما يتلاءم مع الظروف السياسية والاقتصادية القائمة في القطاع، وبما ينعكس بالإيجاب على حياة السكان في هذا الملف. ودعوا إلى تضافر الجهود ما بين الحكومة وشركة الكهرباء والقطاع الخاص للتخفيف من الأزمة، والعمل على حلها.

جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بمشاركة العشرات من الأكاديميين والباحثين والنشطاء، غالبيتهم من الشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، وذلك في قاعة "هيفينز" بغزة، وعبر تقنية "زووم".

وعرضت في هذه الورشة الحوارية ورقة تحليل سياسات بعنوان "مواجهة أزمة الكهرباء في قطاع غزة"، من إعداد كل من: محمود هنية، وياسمين لولو، ويوسف أبو وطفة، وهم أعضاء في منتدى الشباب الفلسطيني للسياسات والتفكير الإستراتيجي الذي يشرف عليه مركز مسارات. وعقّب عليها كلٌ من: م. أحمد أبو العمرين، مدير عام في سلطة الطاقة في قطاع غزة؛ و م. محمد ثابت، مسؤول العلاقات العامة في شركة توزيع الكهرباء، و أ. محسن أبو رمضان، باحث في شؤون التنمية والمجتمع المدني. فيما أدارت الحوار ياسمين لولو.

ورحّب د. أسامة عنتر، مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت في قطاع غزة، بالحضور، مشيدًا بالشراكة مع مركز مسارات، مؤكدًا أهمية الورقة كونها تعالج مسألة الكهرباء. وأوضح أن أزمة الطاقة أصبحت عالمية بعد الحرب في أوكرانيا، أما قطاع غزة فيعاني من مشكلة الكهرباء منذ 15 سنة.

تأتي هذه الورشة، وهي السادسة، في إطار برنامج "رؤى شبابية فلسطينية"، الذي ينفذه مركز مسارات بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، ويهدف إلى إشراك الشباب في جهود التغيير، من خلال إنتاج أوراق سياساتية تتناول مشكلات تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني، وارتباطاته الإقليمية والدولية، واقتراح بدائل وحلول لهذه المشكلات، وتوفير بيئة للحوار الديمقراطي لمناقشة هذه البدائل والحلول، بمشاركة مجموعة من الخبراء والمختصين.

واستعرض أبو وطفة الورقة فيما عقّب هنية على الملاحظات والتعقيبات، وبيّنا أنها تهدف إلى اقتراح آليات لحل أزمة كهرباء غزة والتخفيف منها بما يتلاءم مع الظروف القائمة في القطاع، إضافة إلى تسليط الضوء على واقع أزمة الكهرباء، وتقديم خيارات وبدائل لصانع القرار.

وأشارت الورقة إلى أن قطاع غزة يعاني من عجز شديد في الكهرباء؛ حيث لا يزيد إجمالي الطاقة المتوفرة حاليًا على 220 ميغا واط حسب بيانات شركة توزيع كهرباء في غزة، من مصدرين رئيسين، هما: محطة توليد الكهرباء الوحيدة، والخطوط الإسرائيلية.

وتطرقت الورقة إلى أبرز أسباب المشكلة، وتتمثل في: الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاصر القطاع، ويتحكم في المعابر، ويستهدف محطة الكهرباء، ويضع العراقيل أمام تنفيذ مشاريع إستراتيجية متعلقة بالكهرباء، ويعمل على إبطاء كل الجهود المبذولة حيث يربط تحسين الأوضاع الاقتصادية، بما فيها ملف الكهرباء بعودة جنوده الأسرى في غزة، وكذلك الخلافات الداخلية بين طرفي الانقسام المتمثلة في النزاع على الشرعية والمسؤولية بشأن هذا الملف، إضافة إلى أسباب فنية تتمثل في: فشل السياسات المتبعة في إدارة أزمة الكهرباء في إيجاد حلول للأزمة، أو التخفيف منها؛ وغياب المانحين عن تنفيذ مشاريع إستراتيجية والاقتصار على التدخل الإسعافي؛ وضعف البنية التحتية للمحطة وللشبكات الخاصة بها، فضلًا عن عدم القدرة على ضبط الفاقد نتيجة وجود خطوط كهرباء مسروقة.

وعرّجت الورقة على أسباب اقتصادية ساهمت في تعمق الأزمة، مثل عدم قدرة الجهات الحكومية في غزة على تحصيل كافة المبالغ المالية المتعلقة باستهلاك الكهرباء، وعدم وجود آليات واضحة في التعامل مع عملية التحصيل، إضافة إلى عدم وجود تمويل مستمر ومستدام يستهدف النهوض بالمحطة وقدرتها على الإنتاج.

وتناولت الورقة الجهود المبذولة لحل الأزمة، ومنها: تشكيل اللجنة الوطنية لحل الأزمة التي ترتكز على ستة حلول، تشمل التحلل من العقود التي تكبل شركة توزيع الكهرباء بما يتعلق باستيراد السولار، وربط الخط 161، ورفع إنتاج الخطوط القادمة من الاحتلال، ورفع قيمة الوارد من الخطوط المصرية، وربط غزة بالخط الثماني العربي، وإنشاء محطة جديدة لغزة إلى جانب المحطة السابقة، تغذي غزة باحتياجاتها التي تصل إلى 500 ميجا واط، وكذلك العمل على مشاريع وخطط، مثل غاز غزة، وإنشاء محطات الطاقة الشمسية لتغطية أحمال المرافق الرئيسة.

وطرحت الورقة خمسة بدائل لمواجهة أزمة الكهرباء، وهي: حلول طارئة وعاجلة لاحتواء الأزمة، وتشكيل مجلس إدارة طاقة مولدات الشوارع، وصيانة وتطوير محطة الكهرباء في غزة، وخطة لزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية، وربط غزة بالربط الثماني العربي.

تقترح الورقة التعامل مع البدائل الخمسة بشكل تكاملي، ضمن خطة أو منظور شامل، يقوم على البدء بالحلول العملية الطارئة؛ أي البديلين الأول والثاني، بهدف التخفيف من حدة الأزمة ومنع تفاقمها. وبالتوازي، العمل على الحلول الإستراتيجية متوسطة المدى (تطوير محطة توليد الكهرباء)، والإستراتيجية بعيدة المدى (الطاقة الشمسية، والربط الثماني).

وأشار أبو العمرين إلى أهمية وجود مناخ سياسي مستقر لحل مشكلة الكهرباء، ولتطبيق الاقتراحات والبدائل التي تضمنتها الورقة، مشيرًا إلى أن غاز غزة بات حديث الساعة، وهو من أهم البدائل لتوسيع محطة توليد الكهرباء. وبين أن البدائل الأخرى المقترحة مثل الطاقة الشمسية أو الطاقة الحيوية، مكلفة والاستفادة منها محدودة، لا سيما في ظل صغر مساحة القطاع، وتحكم إسرائيل في دخول المعدات والآلات اللازمة لذلك.

بدوره، أشاد ثابت بأهمية الورقة، ومدى الدخول في تفاصيل كثيرة، موضحًا أنه من الجيد أنها لو تطرقت إلى وضع الكهرباء في القطاع ما قبل المولّدات الكهربائية؛ حيث كلفت البدائل نحو ملياري دولار.

وأشار إلى أن الحصول على الكهرباء من إسرائيل بحاجة إلى موافقة إسرائيلية وبنية تحتية، وبناء محطات تحويل، فضلًا عن خطوط ناقلة وموزعة للتيار الكهربائي، موضحًا أن الشركة قطعت شوطًا في العمل للتحكم ذاتيًا بالتيار الكهربائي.

من جانبه، أكد أبو رمضان أن أزمة الكهرباء تعود إلى الاحتلال والحصار والانقسام، وهي بحاجة إلى معالجة سياسية، موضحًا أن الورقة شخّصت الأزمة بشكل سليم، لكنها لم تشر إلى جزئية ثالثة متعلقة بسوء الإدارة والحكم الرشيد، مطالبًا بأهمية دراسة انعكاسات الأزمة على مختلف القطاعات الحيوية، وكذلك تداعياتها الاجتماعية على القطاع.

وبين أن البدائل موضوعية وفنية وبحاجة إلى حلول سياسية، مطالبًا بتحييد قطاع الكهرباء عن التجاذبات السياسية، وبتشكيل هيئة وطنية مهنية لإدارة هذا القطاع.

اشترك في القائمة البريدية