المركز الفلسطيني يطالب وزارة الصحة بمراجعة آليات تحويل مرضى قطاع غزة للعلاج في الخارج

ينظر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقلق شديد لاستمرار معاناة مرضى قطاع غزة المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس المحتلة، حيث يعاني عدد منهم من عدم استقبالهم في تلك المستشفيات، أو مطالبتهم بالخروج منها قبل استكمال علاجهم رغم تدهور أوضاعهم الصحية.  وترجع المستشفيات ذلك لعدم تسديد وزارة الصحة الالتزامات المالية المتراكمة عليها، وتؤكد أنها أبلغت وزارة الصحة بعدم قدرتها على استقبال مرضى جدد قبل الوفاء بالالتزامات المالية، بينما تواصل وزارة الصحة تحويل مرضى قطاع غزة إلى تلك المستشفيات رغم إعلامها بعدم استقبال المستشفيات للمرضى، بسبب تراكم الديون المستحقة على الوزارة.

ووفقا لمتابعات المركز، فقد توفي الطفل المريض سليم النواتي،16عاماً، وهو يعاني من سرطان الدم، بتاريخ 9/1/2022، بعد رفض عدة مستشفيات في الضفة الغربية والقدس المحتلة استقباله للعلاج فيها، رغم تدهور حالته الصحية.  وأفاد جمال النواتي، عم الطفل لباحث المركز، أن مسؤول قسم التحويلات في مستشفى النجاح رفض استقبال الطفل سليم بذريعة تراكم الديون على وزارة الصحة، وذلك رغم توصية أحد الأطباء في المستشفى بضرورة إدخاله للعلاج والمتابعة نظراً لحالته المتدهورة.  وتابع النواتي أن مكتب العلاج في الخارج قام بعدها بالتواصل مع مستشفيات المطلع والمقاصد الخيرية ومجمع فلسطين الطبي لكنها رفضت استقبال الطفل المريض وتقديم العلاج له.  وأضاف أنه توجه إلى مكتب وزيرة الصحة وتقدم بشكوى، وبعد ذلك تم تحويل الطفل المريض إلى مستشفى إيخلوف الإسرائيلي، وتم إبلاغه أن المستشفى سيكون جاهزاً لاستقبال الحالة بتاريخ 23/1/2022، غير أن الوصول إلى هذه المستشفى يتطلب إجراءات تنسيق جديدة.  وفي فترة الانتظار تدهورت حالة الطفل المريض، وتم نقله بشكل عاجل بواسطة إسعاف إلى مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله بتاريخ 9/1/2022، غير أنه توفي بعد 15 دقيقة من دخوله قسم الطوارئ في المستشفى.

أما المريض ن. ح، 19 عاماً، فقد أفاد لباحث المركز أنه حصل على تحويلة طبية للعلاج في مستشفى المقاصد الخيرية بمدينة القدس المحتلة، حيث يعاني من سرطان في ركبة القدم اليمنى، وذلك بعد نحو شهر من انتظار إصدار تصريح السفر من سلطات الاحتلال الإسرائيلية.  وتمكن حرب من السفر بتاريخ 12/1/2022، وبعد معاينة الأطباء له فور وصوله إلى المستشفى، تبين انتشار الورم في أجزاء أُخرى من جسده، وقد طلبوا منه العودة إلى قطاع غزة والحصول على تحويلة طبية أخرى لاستكمال علاجه في مستشفى المطلع بمدينة القدس.  وقد قام المريض بمناشدة كافة الجهات ذات العلاقة للتدخل وإنقاذ حياته، مؤكداً أن حالته لا تسمح بالعودة إلى مدينة غزة والانتظار مجددا ً لإصدار تصريح سفر من سلطات الاحتلال لاستكمال العلاج، وطالب بتحويله مباشرة ً إلى مستشفى المطلع كونه يتواجد في مدينة القدس.  وبعد عدة أيام تم الاستجابة لطلبه، وتم نقله إلى مستشفى المطلع مساء يوم 16/1/2022.

إن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ يعرب عن قلقه الشديد من توقف المستشفيات في الضفة الغربية والقدس المحتلة عن استقبال مرضى قطاع غزة المحولين للعلاج فيها، بسبب تراكم الديون المستحقة على وزارة الصحة الفلسطينية، فإنه يحذر المركز من استمرار هذه الأزمة يهدد حياة المرضى الذين يعانون من أوضاع صحية خطيرة، ويتسبب في مضاعفة معاناة المرضى الذين ينتظرون فترات طويلة للحصول على الموافقة الإسرائيلية بمغادرة القطاع عبر معبر بيت حانون “ايرز”، وعند وصولهم إلى المستشفيات المحولين لها، لا يحصلون على الخدمة العلاجية، ويُطلب منهم العودة إلى غزة، والبدء بإجراءات جديدة للحصول على تحويلة طبية أخرى، ومن ضمن هذه الإجراءات طلب حجز موعد جديد في المستشفى وطلب تصريح جديد من السلطات الإسرائيلية المحتلة للسماح لهم بمغادرة القطاع، ويستغرق ذلك عدة أسابيع.

وفي ضوء ما سبق، يرى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن آليات تحويل مرضى قطاع غزة للعلاج في الخارج يعتريها خلل كبير وتحتاج إلى تقييم شامل ومراجعة وتصحيح، حيث يجب إزالة كافة العراقيل التي تحول دون علاج المرضى في المستشفيات المحولين إليها، وضمان تقديم الخدمة العلاجية المناسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة ومستعصية، ولا يوجد لهم علاج في مستشفيات قطاع غزة. 

وفي نفس التوقيت يطالب المركز وزارة الصحة الفلسطينية بتسوية أوضاعها المالية مع المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، لضمان استمرار تقديم خدمات العلاج للمرضى. 

كما يطالب المركز وزارة الصحة بالإعلان عن نتائج تحقيقاتها بشأن التقصير الذي أدى إلى وفاة الطفل سليم النواتي الأسبوع الماضي، والإجراءات المتخذة في سبيل عدم تكرار هذه الحادثة المؤسفة. 

ورغم كل ما سبق، فإن المركز لا يجد أي مبرر للمستشفيات الفلسطينية بعدم استقبال المرضى الذين يعانون من أوضاع حرجة، خاصة بعد اجتيازهم العراقيل الإسرائيلية ووصلهم إلى تلك المستشفيات.

 

اشترك في القائمة البريدية