خلال لقاء مفتوح نظمته الهيئة المستقلة: مطالبات برؤية شمولية وتكاملية وواضحة لإعمار كل ما دمره الاحتلال في قطاع غزة

أوصى ممثلون عن المؤسسات الرسمية والأهلية والحقوقية وممثلون عن المتضررين جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بضرورة ضمان تدفق مواد البناء، ورفض أي شروط تُقيّد عملية إعادة الإعمار، وأن يكون الإعمار ضمن رؤية شمولية وتكاملية لإعمار كل ما دمره الاحتلال على مدار الأعوام السابقة من الاعتداءات والجرائم التي ارتكبها، وتحييد عملية إعادة الإعمار بشقيها الإنساني والقانوني عن التجاذبات السياسية، وتفعيلها من منطلق المسؤولية المجتمعية والوطنية تجاه شعبنا الفلسطيني.

وذلك خلال لقاء مفتوح نظمته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بعنوان: "حول إعادة الإعمار وحصار قطاع غزة"، لتسليط الضوء على آثار الحصار على قطاع غزة وواقع ملف إعادة الإعمار، ومناقشة أبرز التحديات التي تحول دون البدء بتنفيذ إعادة الإعمار، والخروج بمقترحات تساهم في تحديد المطالبات المتعلقة بتفعيل الخطط والبرامج التنفيذية، بما يتناسب مع المعايير القانونية الخاصة بالحق في السكن والمستوى المعيشي اللائق.

أدار اللقاء المحامي أحمد الغول مدير مكتب الهيئة في وسط وجنوب قطاع غزة، موضحاً أن دأب دولة الاحتلال في عدوانها المتكرر على قطاع غزة، على قصف آلاف المنازل، وتدمير وهدم عشرات الأبراج والعمارات السكنية، والبنية التحتية، والمباني الحكومية ودور العبادة وغيرها، يعتبر انتهاكاً للحق في السكن، وكذلك لحقوق أخرى مرتبطة به كالحق في تكوين الأسرة، والحق بالخصوصية، وحق الانسان في اختيار مكان إقامته وألاَ يتم إخلاؤه بالإكراه، والحق بالصحة والبيئة السليمة، والضمان الاجتماعي، بل وفي المفهوم الواسع الحق في الحياة بالنظر إلى المسكن باعتباره مكانا يوفر الأمان لقاطنيه، علاوة على أنه جرائم حرب يجب أن يتم محاسبة دولة الاحتلال عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وانصاف الضحايا وجبر الضرر. 

وفي كلمته أشار المهندس ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان إلى أن بداية إعادة الإعمار ستكون مطلع أكتوبر القادم استنادا إلى المنحتين القطرية والمصرية، موضحاً أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة خلف تدمير 1400 وحدة سكنية بشكل كلي، و880 وحدة سكنية بشكل بليغ، و55600 وحدة سكنية بشكل جزئي متوسط وطفيف، علماً بأن الأضرار التي لا تزال قائمة جراء الحروب السابقة بلغت 600 مليون دولار، مطالباً بضرورة تجاوز مجموعة من التحديات في مقدمتها تجاوز الطابع السياسي والمشروطية الدولية، وإدخال الاليات والأدوات اللازمة لتمكين الشركات والأيدي العاملة في قطاع غزة من العمل.

من جانبه، قال المهندس عبد الفتاح الزريعي وكيل وزارة الاقتصاد الوطني الحصار الإسرائيلي فإن الحصار الإسرائيلي رض واقعا صعباً على القطاع الاقتصادي، خلف خسائر سنوية بمتوسط 570 مليون دولار، وتقدر بـ 17 مليار دولار خلال جل سنوات الحصار وتتابع الحروب، ما فرض تحديا كبيراً أمام القطاع الاقتصادي، تسببت به أيضاً العقوبات التي يفرضها الاحتلال والتي وصلت إلى تقييد حركة الأموال والحوالات المالية، وهذا جعل من الصعب تحقيق ظروف تنمية اقتصادية، مشيراً إلى أن التقييمات الأولية تفيد  بحدوث أضرار أكبر طالت القطاع التجاري بلغت 1150 منشأة، في حين تضررت 322 منشأة صناعية، و700 منشأة خدمية، مطالباً بفتح كامل للمعابر وان تشمل إعادة الإعمار كافة القطاعات المتضررة.

وفيما يتعلق بالتدمير الذي لحق بالبنية التحتية، أكد الدكتور يحيى السراج، رئيس بلدية غزة أنه تركز في مدينة غزة وبشكل عنيف، والبلديات كانت تعمل تحت القصف لتوفير ما يمكن من خدمات أساسية، وبدأت بحصر الأضرار خلال العدوان، إلا أن الأضرار لا زالت غير محددة بشكل دقيق لأن الخراب كان يحدث تحت الأرض بمسافات تصل الى 10 أمتار نتيجة اهتزاز القذائف خلال القصف، مشيراً إلى أن الحصر الأولي لدمار البنية التحتية يقدر بما يزيد عن 50 مليون دولار، وفي مدينة غزة لوحدها 20 مليون دولار، داعياً إلى ضرورة وجود رؤية واضحة لإعادة اإمار البنية التحتية، في ظل ما يشاع انها قد تبدأ مطلع العام الحالي، وهذا سيؤثر على الإشكاليات التي قد يتسبب بها دخول فصل الشتاء، محذراً من أن تأخر العملية قد يؤدي لمضاعفة الأخطار المتمثلة بالفيضانات.

 من ناحيته تطرق المهندس تيسير محيسن، منسق شبكة المنظمات الأهلية إلى ملف إعادة الإعمار من منظور اقتصادي سياسي ومحاولات تقويض ركائز المجتمع الفلسطيني سواء داخلياً أو خارجياً، تحديد المطلوب لتصويب الانحراف لتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار والامن والتنمية، عملية متداخلة ومشروطة ومرتبطة بقضايا أخرى ورغبات ومصالح ومراكز قوة، مطالباً بضرورة تصحيح مسار إعادة الإعمار، وبإعادة مقومات صمود المجتمع بالتكافل الاجتماعي وتوزيع الأعباء والحوكمة الصالحة وما يتوافر من خبرات سابقة وعلاقات مع المجتمع الدولي.

 من جانبه أشار الأستاذ محمد المنسي ممثلاً عن الاتحاد العام للصناعات ان 7000عامل انضموا الى صفوف البطالة بفعل العدوان الأخير، متحدثا عن الاضرار غير المباشرة التي خلفها والتي تتجاوز المليارات منذ بداية الحرب الى يومنا هذا، مشيراً إلى أن هناك عوائق كبيرة تؤخر الإعمار منها عدم وضوح الرؤية الحكومية، الإشكاليات المتعلقة بالممولين فيما يخص التعويضات حيث لا يتم الاعتراف بها، ما يؤثر على القطاع الخاص بشكل كبير ويؤدي إلى تدهور أوضاعه.

وتخلل اللقاء مشاركات واستفسارات من المشاركين، أجمعوا خلالها على أن منع الاحتلال دخول مواد إعادة الإعمار هو العائق الرئيس الذي من شأنه تأخير بدء عملية الإعمار، كما أن دولة الاحتلال هي الجهة المتسببة في الأضرار والخسائر التي لحقت بقطاع غزة، ويجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة، علاوة على عدم وجود إطار مرجعي يتم من خلاله استقبال وتفعيل المنح الدولية والإقليمية التي تعهدت الجهات المانحة بتوفيرها لإعادة الإعمار.

وطالب المشاركون بضرورة النظر إلى البيئة المحلية والإقليمية والدولية وما يعتريها من تحديات تقف عائقاً في طريق بدء عملية إعادة الإعمار، وتوفير حلول سريعة لجميع المواطنين الذين فقدوا منازلهم تضمن لهم الإيواء الكريم وتوفير احتياجاتهم إلى أن يتم إعادة إعمار منازلهم، وضمان تدفق مواد البناء وإلغاء الآلية الدولية السابقة الخاصة بإعادة الإعمار "GRM" ورفض أي شروط تُقيّد عملية الإعمار، والضغط على الاحتلال الإسرائيلي للسماح بتدفق المواد اللازمة لعملية إعادة الإعمار، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة، وفتح المعابر بشكل كامل، وضمان حرية الحركة للأفراد والبضائع وبشكل مستمر، والسعي لتشكيل هيئة وطنية لإعمار قطاع غزة متوافق عليها تضم في عضويتها مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، ممثلين عن الوزارات المختصة والمجالس المحلية والمنظمات الأهلية ومؤسسات القطاع الخاص والكفاءات وقطاع المرأة وممثلين عن المتضررين.

 

اشترك في القائمة البريدية