جمعية التوفيق التعاونية لصيادي الأسماك بين ماض مزدهر وحاضرٍٍ متعثرٍ

 تقرير/ مدحت حلس       

يأتي هذا التقرير ضمن توجهات واهتمامات جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) بالعمل التعاوني الزراعي باعتباره رافعة من روافع التنمية المستدامة، كما وتهدف توجهات الإغاثة الزراعية الى تشجيع العمل التعاوني في مناطق السلطة الفلسطينية من خلال تنفيذ البرامج والمشاريع الخاصة بتعزيز قدرات الجمعيات التعاونية الإدارية والفنية والتسويقية، وابراز النشاط التعاوني في قطاع الصيد، وإتاحة الفرصة لكافة الجهات ذات العلاقة بدعم هذا القطاع وتشجيعه وتقديم كافة الإمكانيات للحفاظ على استمراره، ولاعتبارات أهمها ان قطاع الصيد يلعب دوراً رئيسياً في توفير الامن الغذائي لسكان قطاع غزة، وتشغيل عدد لا يقل عن 5000 صياد فيه.  

جمعية التوفيق طموح، عمل، ملكية مشتركة.

اكتسبت جمعية التوفيق التعاونية لصيادي الأسماك في قطاع غزة أهمية كبيرة في مجال العمل التعاوني، كونها أول شكل تنظيمي يجمع الصيادين في إطار تعاوني، حيث بدأت فكرة الجمعية بمبادرة من مجموعة من الصيادين لا يزيد عددهم عن (32) صياد التقت مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة، واتحدوا طوعياً لتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم في ذلك الوقت، حيث قاموا بتأسيس الجمعية في عام 1973، واستمرت مجموعة الصيادين في عملها الى ان حققت طموحها في عمل مشترك وملكية مشتركة وإدارة ديمقراطية.

لم تتوقف الجمعية عن عملها واستمرت مفسحة المجال لكل من يعمل في مهنة الصيد ويحمل رخصة صيد سارية المفعول، للانضمام اليها، وعملت في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي وفق مبادئ وأنظمة العمل التعاوني المتوفرة منذ زمن الانتداب البريطاني، وابان الحكم المصري، وفترة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة. وصل عدد أعضائها المنتسبين الى 440 عضو، حيت تجري العملية الانتخابية للجمعية كل عامين، ويديرها مجلس إدارة مكون من تسعة أعضاء منتخبين، كما توظف الجمعية طاقم اداري وفني مؤهل وكفؤ لإدارة اعمال الجمعية اليومية.  

أنشطة وخدمات متنوعة:

تنوعت أنشطة جمعية الصيادين التعاونية لتشمل تقديم خدمات لأعضائها ولكافة الصيادين في مجال التسويق وزيادة الإنتاج، وتوفير مستلزمات الإنتاج من شبك وأدوات صيد وثلج ومحروقات وقطع غيار وصيانة بالأجل وتستد من الصيادين بعد عملية الصيد بالقسط.  كما منحت الجمعية أعضائها فرص الاقتراض وعمليات التخزين والتبريد بهدف تحسين وتطوير وسائل الصيد والتسويق. وتملك الجمعية ايضاً مصنعاً للثلج، محطة للمحروقات، مستودع لجميع أدوات الصيد، ورشة صيانة لماكينات الصيد، براد لحفظ وتخزين الأسماك، كما تساهم الجمعية بنسبة 30% في التأمين الصحي لأعضائها. إضافة الى انها تعمل على برنامج تمويل مع بنك فلسطين لمساعدة الصياد كما تعمل على حل مشاكل الصيادين وتوصيل صوتهم الى المجتمع المحلي والدولي.

الأوضاع السياسية والاقتصادية وانعكاساتها على الجمعية والصيادين:

تدهورت أوضاع جمعية التوفيق التعاونية مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000، وما تلى ذلك من حصار خانق على قطاع غزة براً وبحراً، وتأثرت جمعية التوفيق التعاونية بجملة الإجراءات والسياسات المتخذة من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي التي شملت تقليص مساحات الصيد من 20 ميل بحري حسب اتفاقية أوسلو الى 12 ميل، ومن ثم 6 اميال واحياناً وصلت مساحات الصيد الى ثلاثة اميال بحرية فقط، الامر الذي ضيق فرص العيش للصيادين، عدا عن ملاحقة الطرادات الإسرائيلية لمراكبهم على مدار الساعة واطلاق الاعيرة النارية عليهم ومصادرة مراكبهم وأدوات صيدهم واعتقال وقتل العديد منهم.

لقد تركت هذه الأوضاع اثارها على عمل الجمعية وتراجع عدد المنتسبين اليها بسبب تدني عائدات الصيد، وفي شهر سبتمبر من العام الماضي توقف مصنع الثلج التابع للجمعية الذي أصبح بحاجة الى قطع غيار وصيانة، ولم تتمكن الجمعية من إصلاحه بسبب أوضاعها المالية. كما تعاني الجمعية من نقص في أدوات الصيد وقطع الغيار التي كانت تملكها سابقاً ولم تعد قادرة على توفيرها حالياً، مما انعكس على الصيادين سلباً.

وتذكر مصادر الجمعية التعاونية للصيادين انها كانت التعاونية الثانية في قطاع غزة بعد جمعية غزة للخضار والتوت الأرضي، وأنها كانت تقتطع نسبة 10% من الأرباح، يتم توزيع 5% منها على الأعضاء مقابل ترميم أدوات صيدهم. اما الان فأوضاع الجمعية غاية في الصعوبة وهي غير قادرة على تقديم خدمات مساندة للصيادين بسبب ما أحاط بها من ظروف سياسية واقتصادية صعبة للغاية.              

احتياجات جمعية التوفيق لصيادي الأسماك وتطلعاتها لمستقبل أفضل:

من خلال لقاء مع منسق العلاقات العامة وأعضاء الهيئة الإدارية للجمعية أظهرت جمعية التوفيق لصيادي الأسماك احتياجاتها الضرورية للمضي في عملها واستمرار وقوفوها الى جانب الصيادين ومساندتهم في مهنتهم، حيث أشاروا في اللقاء ان "الجمعية أصبحت في حاجة لتوفير قطع غيار لمراكب الصيد، وشباك وغيرها من أدوات الصيد، كما ان مصنع الثلج لديها قد توقف منذ شهر سبتمبر من العام الماضي، وان هذا المصنع يعتبر قديم ويعطي كل 18 ساعة كهرباء متواصلة 15 طن من الثلج، وتتطلع الجمعية الى ادخال النظام الحديث لكونه يعطي كميات من الثلج اكثر بكثير ويتناسب مع وضع غزة وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتشغيله يعتمد على توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية". 

اشترك في القائمة البريدية