التغيرات المناخية باتت تهدد القطاع الزراعي والبيئي والمياه، والإغاثة الزراعية تبذل جهوداً كبيرة للتخفيف من اثارها

 

 

 بقلم: مدحت حلس

ان التغيرات المناخية أصبحت من أكثر الامور التي تهدد حياة البشر على كوكب الأرض، إثر ما تتعرض له من ظاهرة الاحتباس الحراري التي ترتب عنها انعكاسات طالت مختلف المجالات والأبعاد الإنسانية في ظل الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعة وزيادة حجم الغازات السامة المنبعثة من المصانع والنفايات، والتي بدورها تعمل على إضعاف التنمية. كما ان الأرض أصبحت تخضع لیس للتغيرات المناخية والطبيعة وحدها، بل أیضاً التغییرات الناتجة عن الأنشطة البشریة بما یزعزع استقرار الأنظمة البیئیة ویتسبب في عدة کوارث طبیعیة مدمرة کالأعاصیر، وذوبان الجلید، واختلال معدل الهطول المطري، والفیضانات، والانهیارات الأرضیة والجفاف الحاد .... إلخ

 

وأمام هذه الظاهرة الكونية (ظاهرة التغير المناخي) والتي أصبحت تؤثر على كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية السياسية والثقافية سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا تترك مكون من مكونات الحياة الا ويتأثر بها بدرجات مختلفة، الامر الذي يقودنا الى استعراض تأثيرات هذه الظاهرة على القطاع الزراعي وما يرتبط بها من قضايا الزراعة والامن الغذائي، المياه والبيئة باعتبارنا نعمل في هذا القطاع. كما اننا سنحاول في هذا المقال التركيز على تأثير التغيرات المناخية على هذه القضايا كونها مرتبطة بشكل مباشر بالقطاع الزراعي الذي يتأثر بالتغير المناخي في فلسطين، واستراتيجيات وخيارات التكيف مع هذه الظاهرة.

 

لقد أثر التغير المناخي على قطاع المياه والامن المائي، من خلال زيادة خطر الفيضانات ومن خطر الجفاف وندرة المياه في بعض المناطق من بلادنا الى جانب زيادة الطلب على المياه للاستخدام الادمي والزراعي، كما شهد القطاع المائي تدني في نوعية مياه الشرب من خلال ارتفاع نسبة الملوحة فيها اثر تسرب مياه البحر الى الخزان الجوفي في قطاع غزة، ويتوقع ان تشهد السنوات القادمة في الأراضي الفلسطينية صراعات قوية على المياه من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما بدى فعلياً منذ عشرات السنوات من خلال ضم الأراضي الفلسطينية الغنية بالمصادر المائية وبناء المستوطنات عليها. وربما تشهد الأراضي الفلسطينية المتبقية مزيداً من الجفاف والتصحر في بعض المناطق.

ان التغيرات المناخية على الزراعة والامن الغذائي بدأت واضحة من خلال ارتفاع معدلات التصحر والجفاف بفعل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الامطار، كما ان انقطاع الامطار في الموسم الزراعي الواحد وبين المواسم وانحسارها في فترات زمنية قصيرة أدى الى حدوث فيضانات وتدمير مساحات زراعية، كما لوحظ هذا الامر في حدوث تغيرات في الجدوى الاقتصادية للمحاصيل الزراعية وزيادة تكلفتها، ولوحظ ايضاً زيادة الاحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة. 

وبالطبع فان التغير الحاصل في المناخ نتج عنه انخفاض في مساحات المراعي، زيادة الضغط على المخزون الجوفي للمياه، ارتفاع نسبة الملوحة، انخفاض الدخل لدى المزارعين، زيادة في أعداد الآفات والحشرات الضارة والامراض النباتية. كما لوحظ ايضاً تساقط الازهار قبل عقدها، وبعد عملية العقد وهو الامر الذي لم نلاحظه قبل عشرون عاماً سابقة. 

وفي إطار الجهود الرامية الى التخفيف من اثار التغيرات المناخية على القطاع الزراعي، بدأت الإغاثة الزراعية ومنذ أكثر من عشرة سنوات العمل وفق خططها الاستراتيجية وبرامجها ومشاريعها على التخفيف من اثار التغيرات المناخية على القطاع الزراعي والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر من خلال اعتماد تكنولوجيا الزراعة الجديدة للتخفيف من الاثار الناجمة عن تغير المناخ، إضافة الى بناء شراكات محلية ودولية في مواجهة التحديات البيئية المعاصرة كالتصحر، وتآكل التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، وتسعى الإغاثة الزراعية من خلال ممارساتها في العمل الزراعي الى استخدام مدخلات طبيعية ومستدامة من الأسمدة العضوية من خلال تطبيق ممارسات الإدارة المتكاملة لإدارة الاعشاب الضارة والآفات بهدف التقليل من استخدام المبيدات الكيميائية.

وفي إطار الحفاظ على استدامة الموارد المائية فقد نفذت الإغاثة الزراعية عدداً كبيراً من مشاريعها الهادفة الى ترشيد الاستهلاك المائي من خلال تطبيق بعض الممارسات الزراعية كالزراعة المائية الموفرة للمياه كما في محصول الفراولة، واستخدام شبكات الري الحديثة بهدف توفير المياه، كما عملت على تجميع مياه الامطار من على اسطح الدفيئات الزراعية وتجميعها في برك مياه للاستفادة منها طوال فترة الشتاء وبعض اشهر الصيف بهدف تقليل السحب على مياه الخزان الجوفي، وتدعم الإغاثة الزراعية نظم الزراعات المحمية لتقليل من تأثير ظاهرة التغير المناخي وتقلبات المناخ. كما اعتمدت الإغاثة الزراعية قي برامجها على إيجاد الطاقة البديلة والصديقة للبيئة من خلال دعم مشاريعها بوحدات الطاقة الشمسية لتشغيل ابار المياه وضخها الى أراضي المزارعين، إضافة الى تركيب وحدات أخرى لمزارع الدجاج البياض واللاحم. مما يقلل من التكلفة الإنتاجية على المزارعين ويتلاءم مع التغيرات المناخية والبيئية.  

 

 

 

 

المصادر:

  • الإغاثة الزراعية - دراسة بعنوان التغير المناخي Climate Change
  • دائرة البرامج والمشاريع – الإغاثة الزراعية

اشترك في القائمة البريدية