في إطار سياسة التهجير القسري: قوات الاحتلال تصدر أوامر عسكرية لإخلاء تجمّع جبل البابا البدوي من سكانه

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء منطقة جبل البابا من أراضي بلدة العيزرية، شرق مدينة القدس المحتلة، من سكانه البدو الفلسطينيين، لصالح مشاريعها الاستيطانية في المنطقة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه المركز على الوضع القانوني لمدينة القدس الشرقية كمدينة واقعة تحت الاحتلال، فإنه يؤكد أيضاً على أن إجراءات الاحتلال هذه تندرج في إطار خطط حكومة الاحتلال الإسرائيلي في تهويد المدينة المحتلة بشكل نهائي، وتوسيع حدودها الإدارية، وربط مستوطناتها المقامة شرق مدينة القدس بالمدينة، وبذلك تقطع أيّ إمكانية للتواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها. ويدعو المركز المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف تنفيذ هذا المخطط الخطير، ووقف كافة النشاطات الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة.


واستناداً لتحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ففي ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس الموافق 16/11/2017، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يرافقها موظفون من اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في (الإدارة المدنية)، تجمّع جبل البابا البدوي قرب بلدة العيزرية، شرق مدينة القدس المحتلة، والقريب من مستوطنة "معاليه أدوميم"، وعلّقت أوامر بإخلاء بيوتهم، ومغادرة المنطقة، كمقدمة لتهجيرها منها.


وأفاد رئيس لجنة خدمات تجمع جبل البابا، عطا الله مزارعة، أن أهالي التجمع، والمكون من (57) عائلة والبالغ عدد أفرادها (320) فرداً، نصفهم من الأطفال، تفاجئوا بمداهمة موظفي (الإدارة المدنية) في الضفة الغربية المحتلة، تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال، المنطقة، وقاموا بتثبيت قضبان حديد في الأرض، وتعليق أوامر عسكرية مع خرائط عليها. وذكر أن جبل البابا مستهدف من قبل قوات الاحتلال، كون سكانه يقطنون ضمن مخطط (E1) الاستيطاني. ويقطن تلك المنطقة فلسطينيون من عرب الجهالين، بعد أن وصلوا إليها إثر تهجيرهم من النقب عام 1948. يشار إلى أن الأمر الموقع من قبل القائد العسكري لمنطقة المركز يعود تاريخه إلى 1/11/2017، وينص على أنه "بعد ثمانية أيام من موعد نشر هذا الإعلان، فإن أصحاب أي ممتلكات تقع في المنطقة التي يشملها الإعلان يجب أن يقوموا بإخراجها من المكان بموجب هذا الأمر". كما يمنع الأمر القيام بأية أعمال بناء في المنطقة المعلن عنها، ويمنع دخول أشخاص، أو إدخال ممتلكات إليها بهدف القيام بأعمال بناء.


ويأتي توزيع تلك الأوامر بعد ساعات قليلة من صدور قرار عن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يقضي بإخلاء البيوت التي يعيش فيها فلسطينيون من البدو في تجمعات في محيط مدينة القدس المحتلة، بالقرب من شارع رقم (1) باتجاه البحر الميت. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن القرار جاء في ختام جلسة عقدها نتنياهو مساء يوم الخميس المذكور، مع ممثلي ما يُسمى "منتدى غلاف القدس" والممثل لتيار المستوطنين، بالإضافة إلى ممثلين عن المجلس الإقليمي لمستوطني "ماطيه بنيامين". وأوضحت أن الحديث يدور عن خيام ومبان متنقلة للفلسطينيين البدو في مناطق فلسطينية مطلة على القدس، ما بين مستوطنة "معاليه أدوميم" ومستوطنة "متسبيه يريحو"، تصفها سلطات الاحتلال بأنها "بؤر سكانية أقيمت بشكل غير قانوني".


المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يدين استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لهذا التجمع البدوي، وغيره من التجمعات البدوية المحيطة في مدينة القدس، ويرى أن هذا الاستهداف يأتي في إطار جرائم التهجير القسري التي تنفذها تلك القوات في المناطق المصنفة (C) وفق اتفاق أوسلو الموقع بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 13 سبتمبر 1993، وذلك لصالح مشاريع التوسع الاستيطاني.


يذكر المركز المجتمع الدولي بانتهاك قوات الاحتلال لقواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب، وبخاصة للمادة الثالثة والثلاثين التي تحظر العقاب الجماعي، وللمادة (147) التي تعتبر تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وبطريقة غير مشروعة وتعسفية من الانتهاكات الجسيمة التي ترتقي لجرائم الحرب وفق البند الخامس من المادة الخامسة والثمانين من البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف.  كما وتعد تلك الجرائم مخالفة للمادة الحادية عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنص على تعهد الدول الأطراف بحق كل شخص في مستوى معيشي كافٍ له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء والكساء والمأوى.


وبناء على ما تقدم، فإن المركز:


1-   يطالب المجتمع الدولي بالتدخل من أجل إجبار إسرائيل على وقف كافة أنشطتها الاستيطانية في الأرض المحتلة، وبخاصة في مدينة القدس الشرقية.


2-   يؤكد على أن القدس الشرقية هي مدينة محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كمنطقة محتلة.


3-   يؤكد على أن كافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة تعتبر جريمة حرب وفقاً للقانون الإنساني الدولي.


4-   يطالب الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في كافة الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها إجراءات تهويد القدس الشرقية المحتلة.



اشترك في القائمة البريدية