الميزان يؤكد مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن تردي وتدهور الأوضاع الإنسانية وازدياد نسب الفقر والبطالة في قطاع غزة

يصادف يوم الاثنين الموافق 17 من شهر كانون الأول/ أكتوبر 2017، اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1992 من خلال القرار 47/196، ليصبح يوماً عالمياً للتضامن مع الفقراء حول العالم.


ويشكل اليوم العالمي للقضاء على الفقر مناسبة استثنائية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة لإبراز معاناتهم وتذكير المجتمع الدولي بواجباته القانونية والأخلاقية، حيث ترزح الغالبية العظمى من السكان تحت خط الفقر والفقر المدقع، وبالرغم من الإحباطات الكبيرة التي تتملك الفلسطينيين من سياسات المجتمع الدولي إلا أنهم يتطلعون لدور أكبر للمجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة في العمل على القضاء على الفقر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.


وكانت سلطات الاحتلال أعلنت فرض حصار عسكري على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧ في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٠٠، ومنذ ذلك التاريخ فرضت قيوداً على عمل المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية ببعضها وبدولة الاحتلال وبالعالم الخارجي.


ففي الضفة الغربية والقدس المحتلة، واصلت سلطات الاحتلال سياسة الاستيلاء على الأراضي ومصادر المياه وإنشاء وتوسيع المستوطنات وإقامة الجدار والحواجز العسكرية، وتفصل الأحياء العربية عن بعضها البعض، وتدمر المنازل، وتفرض ضرائب باهظة على نشاط الفلسطينيين التجاري، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء في الضفة الغربية المحتلة.


وشهد قطاع غزة تصعيداً كبيراً في القيود المفروضة على حرية حركة وتنقل السكان والبضائع منه وإليه منذ شهر أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٧، بعد أن أعلنت سلطات الاحتلال قطاع غزة كياناً معادياً وشطبت كوده الجمركي وأصبحت تمنع دخول وخروج السكان والبضائع من القطاع وإليه وأصبح الأصل هو منع الحركة والتنقل والاستثناء هو السماح بالمرور.



هذا وانتهجت سلطات الاحتلال سياسة التدمير المنظم للمنشآت الصناعية والتجارية وجرفت الأراضي الزراعية وأتلفت المزروعات، الأمر الذي قوض أسس الاقتصاد الوطني وأفقد عشرات آلاف الأسر مصادر دخلها وحولها إلى أسر معوزة سواء جراء فقدان أربابها فرص عملهم داخل الخط الأخضر أو في القطاع الخاص الفلسطيني. وجاء الحصار ليكمل مهمة الهجمات العسكرية، حيث حال دون قدرة المنشآت الصناعية على استيراد المواد الخام وتصدير المواد المصنعة ما تسبب في إغلاق آلاف المنشآت الصناعية والتجارية.



جميع ما تقدم ساهم في ازدياد أعداد العاطلين عن العمل وارتفاع نسبة الفقر والفقر المدقع، وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن نسبة البطالة في العام الماضي 2016 بلغت )41.7%( في قطاع غزة، وكانت نسبة البطالة في صفوف الخريجين في العام 2015، )69,5%(. في حين لم يورد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أرقام جديدة حول نسبة الفقر واقتصرت الأرقام على العام 2011، حيث يقع (38.8) من سكان القطاع تحت خط الفقر، و(21.1%) تحت خط الفقر المدقع، وذلك بدون حساب السنوات اللاحقة والمستمرة للحصار، وحربي عام 2012 و2014.


وأفاد تقرير للبنك الدولي بعد الحرب على قطاع غزة في العام 2014، أن نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت حينها )43%( وهي الأعلى في العالم، كما تقلص قطاع الصناعة بنسبة )60(%، وبحسب تقرير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) المنشور بتاريخ 5 يوليو 2016، أنها قدمت في عام 2000 المساعدات الغذائية لحوالي (80,000) لاجئ في قطاع غزة، إلا أن هذا الرقم تضاعف ليصل إلى أكثر من (930,000) لاجئ في منتصف العام 2016، أي حوالي (70%) من تعداد اللاجئين وأكثر من (50%) من تعداد السكان العام في القطاع.



هذا ولعب الانقسام السياسي بين شطري الوطن دوراً في ازدياد تردي الأوضاع المعيشية للسكان، من خلال التضارب في القوانين الضريبية وطرق الجباية وازدواجية الضرائب، والخصومات التي طالت رواتب الموظفين العموميين، ما ساهم في زيادة الأعباء المالية على المواطنين.



مركز الميزان لحقوق الإنسان، وفي اليوم العالمي للقضاء على الفقر، يشدد على أهمية دعم ومساندة الفقراء حول العالم، ويؤكد على أن ممارسات قوات الاحتلال تجاه المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تهدف إلى تعميق ظاهرة الفقر وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، من خلال تشديد الحصار وتدمير البنية التحتية الفلسطينية واستهداف القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية في مخالفة واضحة وصريحة لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.



بناءً عليه، يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي تحمل التزاماته القانونية والاخلاقية، والعمل على رفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة وتقديم مساعدات فاعلة من شأنها أن تعيد ترميم البنية التحتية للاقتصاد الوطني بما يضمن خلق فرص عمل تستوعب عشرات آلاف العاطلين عن العمل كسبيل للحد من ظاهرة الفقر وتقليص عدد الفقراء التدريجي.



كما يطالب المركز الحكومة الفلسطينية، وخاصة بعد اتفاق المصالحة الذي عقد مطلع الشهر الجاري أكتوبر 2017، العمل الجاد والسريع على معالجة أزمات القطاع وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وفي نفس الوقت يدعو المركز المجتمع الدولي لتقديم كافة أشكال المساعدة المادية والفنية للحكومة الفلسطينية، بما في ذلك تشجيعها على تبني سياسات تراعي مصالح الفقراء والمهمشين، كسبيل للحد من أعداد الفقراء في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص.

اشترك في القائمة البريدية