مركز الميزان يدعو شعوب العالم للتضامن مع الشعب الفلسطيني لوقف الجرائم الإسرائيلية وتمكينه من نيل حقوقه

يصادف الاثنين الموافق للخامس عشر من شهر أيار/ مايو 2017، ذكرى مرور تسعة وستين عاماً على نكبة فلسطين، التي تعرض خلالها الفلسطينيون لأكبر جريمة تهجير قسري وتطهير عرقي شهدها التاريخ الحديث، حيث أجبر مئات الآلاف منهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم وحرموا من حقهم في تقرير المصير أسوة ببقية شعوب المنطقة التي كانت ترزح الاستعمار الأجنبي في حينه.


تأتي الذكرى هذا العام بينما يخوض لليوم (28) على التوالي، أكثر من (1500) معتقل فلسطيني إضرابهم عن الطعام لنيل أبسط الحقوق التي أقرتها وكفلتها القوانين والمواثيق الدولية، فهم محرومون من تلقي الأموال لشراء احتياجاتهم الأساسية بعد أن تحللت سلطات الاحتلال من واجباتها القانونية التي تفرض عليها توفير كافة حاجات المعتقلين. ويحرم المعتقلون من مواصلة تعليمهم، ويحرمون من زيارات ذويهم، ويحرم المرضى منهم من الرعاية الصحية الكافية، ويحصلون على وجبات طعام سيئة نوعاً وكماً، ويحتجزون في ظروف تنتهك المعايير الدنيا لمعاملة السجناء، سواء لجهة أماكن الاحتجاز وموائمتها من حيث المساحة الكافية والإضاءة ومرافق الإصحاح، هذا ولم تزل سلطات الاحتلال تضرب بعرض الحائط هذه المطالب، بل وتمعن في المزيد من الاجراءات التعسفية بحق المعتقلين.



وتترافق ذكرى النكبة مع استمرار قوات الاحتلال في انتهاكاتها المنظمة، والتي توقع العقاب الجماعي بالسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، ولا سيما الحصار والإغلاق الذي تفرضه قوات الاحتلال للعام السابع عشر على التوالي. وتستهدف تلك القوات المدنيين، وتدمر المنشآت المدنية الحيوية التي لا غنى عنها لحياة السكان، والمنازل السكنية، والمنشآت التعليمية ودور العبادة. كما تحرم الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الإنسانية، كحرمان المرضى من السفر للوصول إلى المستشفيات، ومنع الصيادين والمزارعين من مزاولة أعمالهم، ما فاقم من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها سكانه بطريقة أفضت إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان، حيث تشير الاحصائيات ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة لـ (41.7%)[1]، فيما قدّرت نسبة الفقر بين الأفراد وفقاً لأنماط الاستهلاك الشهري بـ (38.8%)[2] في قطاع غزة.



وبحسب توثيق مركز الميزان منذ العام 2000 وحتى الآن، قتلت قوات الاحتلال (7348) فلسطينياً في قطاع غزة، منهم (549) من النساء، و(1708) من الأطفال، ودمرت (53508) منزلاً بشكل كلي وجزئي، و(3906) منشأة تجارية وصناعية، و(2041) منشأة عامة، وجرفت (52453) دونماً من الأراضي الزراعية، ناهيك عن مئات الدونمات الأخرى التي تضررت بواسطة رش المبيدات الكيميائية.



وفي القدس المحتلة، تعمد تلك القوات إلى إفراغها من سكانها الفلسطينيين الأصليين من خلال هدم منازلهم، ومنعهم من البناء أو حتى التعديل في مساكنهم، وتفصل الأحياء السكنية الفلسطينية عن المدينة المحتلة. كما تفرض إجراءات مشددة على دخول البلدة القديمة في المدينة، وتقيم الحواجز العسكرية على مداخلها وتنكل بسكانها، وتمعن في أعمال الاعتقال وما يرافقها من تعذيب ومعاملة مهينة، وتستهدف المتظاهرين سلمياً بالرصاص الحي وغيره من أدوات القمع، وتخلق حالة من الخوف والهلع في صفوف الفلسطينيين من خلال اتاحة وتشجيع استخدام الأسلحة من قبل الجنود وأفراد الشرطة وحتى المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، كما تفرض ضرائب باهظة على نشاطهم التجاري.



وفي الضفة الغربية، تصادر قوات الاحتلال الأراضي، وتنشئ وتتوسع في المستوطنات، وتفصل المدن والقرى في الضفة الغربية عن بعضها البعض، وأقامت جدار الفصل العنصري الذي ابتلع 58% من أراضي وممتلكات الفلسطينيين، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.


مركز الميزان لحقوق الإنسان يؤكد أن نكبة فلسطين وتهجير شعبها كانت نتيجة لتواطئ القوى العظمى في حينه، وأن معاناة شعبها وانتهاك أبسط حقوقه الإنسانية يستمر لذات السياسية التي تتجاهل خلالها الدول التزاماتها القانونية والأخلاقية والتي تفرض عليها ملاحقة ومحاسبة كل من يشتبه في ارتكابه جرائم حرب.


مركز الميزان إذ يستنكر الجرائم الإسرائيلية المتواصلة، فإنه يؤكد أنها تشكل انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتبرز مدى تحلل دولة الاحتلال من التزاماتها القانونية. ويؤكد المركز على أن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني خلال العقود الماضية، تشكل جرائم يجب محاسبة مرتكبيها، وجبر الضرر الناجم عنها بحق الضحايا، مع التأكيد على أنها جرائم لا تسقط بالتقادم.


عليه فإن المركز يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري، بالنظر إلى قضية الشعب الفلسطيني كقضية حقوق تكفلها الشرعية الدولية وتتحمل الأمم المتحدة ودولها الأعضاء مسئولية خاصة تجاه إنهائها وفقاً لقواعد العدالة الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة.


مركز الميزان إذ يهيب بشعوب العالم وكل الأحرار والمدافعين عن حرية الإنسان وكرامته كقيمة أن يعززوا من فعاليات تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وأن يمارسوا ضغوطاً على حكوماتهم لاتخاذ خطوات تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالخروج عن صمته ومواجهة الاستحقاقات القانونية التي يوجبها عليه القانون الدولي، من خلال وقف الجرائم المتواصلة بحق السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوفير الحماية الدولية العاجلة لهم، كخطوة أولى نحو إعمال قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع في المنطقة، لا سيما حق اللاجئين في العودة والتعويض وتقرير المصير، وإنهاء معاناة نحو 6500 من مناضلي الحرية في السجون الإسرائيلية.

اشترك في القائمة البريدية