أطلقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم”، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اليوم، الملتقى الشبابي الثاني لمدافعي حقوق الإنسان، تحت شعار: (الشباب شركاء في الحماية والمساءلة وصون الحقوق)، بمشاركة واسعة من الشباب والشابات المدافعين/ات عن حقوق الإنسان من مختلف محافظات الضفة الغربية.
ويهدف الملتقى، الذي يستمر على مدار يومين، إلى تعزيز قدرات الشباب المدافعين عن حقوق الإنسان على حماية أنفسهم ميدانياً، ورقمياً، وقانونياً، ونفسياً، بما يضمن صمودهم واستدامة عملهم الحقوقي، إلى جانب تعزيز العمل الشبكي كآلية حماية جماعية ضمن إطار منظم.
ويتضمن الملتقى الشبابي لمدافعي حقوق الإنسان عدة جلسات، من بينها الجلسة الافتتاحية، التي تحدث فيها كل من: الحقوقي إسلام التميمي، مدير دائرة التدريب والتوعية في الهيئة، والدكتور عمار الدويك، المدير العام للهيئة، والأستاذ أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية ونائب المفوض العام للهيئة، متحدثاً من قطاع غزة، إضافة إلى السيد نيل توبين، نائب مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وشدد التميمي على أن الشباب، بما يمتلكونه من طاقة وإصرار، يشكّلون ركيزة أساسية في بناء شبكات حماية جماعية قادرة على ضمان استمرارية العمل الحقوقي، وصياغة مبادرات عملية وتوصيات قابلة للتنفيذ، تعزز الصمود والأمل في مواجهة القمع والاستهداف.
من جانبه، بيّن الدويك أن الدفاع عن حقوق الإنسان حق أصيل لكل فرد، ويجب أن يكون مشروعاً وألا يعرّض المدافعين لأي مضايقات، سواء بشكل فردي أو جماعي. وفي السياق الفلسطيني، تكتسب أدوار المدافعين عن الحقوق أهمية خاصة، إذ يسعون إلى تعزيز العدالة ونشر ثقافة حقوق الإنسان، ووضع الإنسان في مركز أي عملية تنموية أو سياسية أو مجتمعية.
وأشار الشوا إلى أن مهمة المدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما الشباب في قطاع غزة، تتصدر اليوم طليعة العمل الإنساني، من تثبيت الخيام وإنقاذ العائلات من البيوت الآيلة للسقوط، إلى توزيع المساعدات، في مشهد يجسّد الارتباط العميق بقضايا الناس. وأضاف أنه رغم محاولات الاحتلال زرع اليأس والتشكيك بالنهج الحقوقي، يبقى التمسك بمبادئ حقوق الإنسان والعمل الجماعي الشبكي هو الطريق نحو إنصاف الضحايا وتحقيق العدالة للقضية الفلسطينية.
وأكد نيل أن هناك تضييقات مفروضة على مساحة العمل في مجال حقوق الإنسان والعمل الإنساني، أثّرت سلباً على حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، فضلاً عن المواطنين العاديين. كما ثمّن دور مؤسسات المجتمع المدني والتزامها المستمر بالعمل في هذا المجال رغم جميع التحديات، مشيراً إلى الدور الحيوي للشباب والمدافعين عن الحقوق في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومشدداً على أهمية رفع قدراتهم، بما في ذلك في مجال الأمن الرقمي، إلى جانب دعمهم وإدماجهم في خطط إعادة الإعمار في قطاع غزة.
ويتضمن الملتقى برنامجاً تدريبياً وفعاليات متعددة حول الحماية الشاملة والعمل الحقوقي الآمن، وجلسات تفاعلية متخصصة، أبرزها جلسة بعنوان (من هو المدافع عن حقوق الإنسان؟) قدّمها منسق التوعية والتدريب في قطاع غزة، الأستاذ بهجت الحلو، تناولت التعريف الدولي بالمدافع عن حقوق الإنسان ودور الشباب في السياق الفلسطيني. كما نوقشت قضايا حقوق الإنسان وآثارها على الحقوق الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتحول الرقمي، إلى جانب مخاطر الحواجز والتنقل، والتوثيق الميداني الآمن، والتهديدات الرقمية.
أما الجلسة الثانية، التي حملت عنوان (الحماية الرقمية كجزء من الحماية الشاملة)، فقد قدّمها مسؤول حقوق الإنسان في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، راكان زاهدة ،وركزت على الأمن والسلامة الرقمية والمناصرة الرقمية لقضايا حقوق الإنسان. كما تطرق الباحث والميداني محمد كمنجي من الهيئة – مكتب شمال الضفة الغربية – إلى واقع المدافعين عن حقوق الإنسان في الضفة الغربية، مستعرضاً تجارب المؤسسات الحقوقية والإنسانية في ظل تقلص الحيز المدني، والقيود على الحركة، والاستدعاءات، والملاحقات، وذلك بمداخلات من عدد من المؤسسات الحقوقية والإغاثية، إضافة إلى مداخلات من شباب مدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب جلسات موازية ضمن مجموعات عمل.
ومن المقرر أن يركز اليوم الثاني على الصمود النفسي والدعم الجماعي للمدافعين عن حقوق الإنسان، من خلال جلسة تفريغ نفسي معمّق، أُتيحت خلالها مساحة آمنة لمشاركة التجارب وإدارة المشاعر المرتبطة بالعمل الحقوقي، إلى جانب جلسة خاصة للعناية بالذات كاستراتيجية حماية، تتناول تقنيات الاسترخاء وبناء التوازن النفسي، واستراتيجيات الصمود الفردي والدعم الجماعي داخل الشبكة، بما يضمن الاستمرارية دون احتراق، وذلك بإشراف الأخصائي النفسي ناصر مطر، والأخصائي النفسي عايد حوشية.
وسيتم في ختام الملتقى عرض مخرجات مجموعات العمل، وصياغة توصيات شبابية عملية، وتقييم أعمال الملتقى، إلى جانب إعلان التزام شبابي بالحماية والمناصرة والصمود، بما يعزز العمل الحقوقي الجماعي، ويكرّس دور الشباب كركيزة أساسية في حماية حقوق الإنسان في فلسطين.
