بيان صادر عن اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني بمناسبة اختتام فعاليات حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة

يختتم العالم فعاليات حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة في وقت تتعرّض فيه المرأة الفلسطينية لأشدّ أشكال العنف المركّب، إذ تواجه مع أطفالها وأسرتها، سياسة إبادة جماعية وتهجيرًا قسريًا ممنهجًا يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وبذلك أصبحت المرأة الفلسطينية اليوم في قلب الاستهداف المباشر: تُقتل في منازلها، وتُشرّد من أرضها، وتفقد أبناءها وأحبّتها، وتُحرم من الغذاء والدواء والمأوى، وتتحمل بشكل رئيسي أعباء الصمود وإعادة ترميم الحياة وسط حربٍ مفتوحة على الوجود الفلسطيني برمّته.

إن العنف ضد النساء الفلسطينيات ليس حادثًا طارئًا أو أثرًا جانبيًا للحرب، بل هو جزء أصيل من بنية الاحتلال الاستعمارية التي تستهدف المرأة بوصفها ركيزة الأسرة والمجتمع، وتعمد إلى تدمير قدرتها على الاستمرار والصمود، فمشاهد القصف والقتل، وتدمير البيوت فوق ساكنيها، واستهداف المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، وحرمان النساء من أبسط الاحتياجات الإنسانية، تكشف حجم العنف الممنهج الذي يهدف إلى تدمير البنية الاجتماعية وتمزيق النسيج الأسري، وترك النساء في مواجهة أعباء تفوق إمكاناتهن، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حماية النساء خلال النزاعات.

وفي الضفة الغربية، تواجه النساء عنفًا متعدد الأوجه: اقتحامات يومية للبلدات والمخيمات، اعتقالات واسعة تطال النساء والفتيات، وإغلاق الطرق، ومحاولات  مستمرة لفرض واقع تهجيري جديد عبر مصادرة الأراضي، حيث تتضاعف معاناة النساء الريفيات والناشطات والمُعيلات مع تصاعد اعتداءات المستوطنين التي تستهدف مصدر رزقهن وأمنهن وحقهن في التنقل والحياة الكريمة،أمّا في القدس، فتعيش النساء تحت تهديد دائم بفقدان منازلهن وهوياتهن وحقوقهن المدنية، في إطار سياسة تطهير عرقي ممنهجة تسعى لإقصائهن من المدينة وطمس حضورهن ودورهن الإجتماعي والوطني.

ويُبدي الاتحاد قلقًا بالغًا إزاء ما تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال من تعذيبٍ وإهمالٍ صحي وحرمانٍ من العلاج، وفرض عقوبات يومية تهدف إلى كسر إرادتهن وثنيهن عن دورهن الوطني، إن استهداف الأسيرات ومحاولات تمرير قوانين تعسفية كقانون الإعدام، هو استهداف مباشر للقيادة النسوية الفلسطينية ولمكانة المرأة في مسيرة النضال والتحرر.

إن اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني يؤكد أن العنف الاستعماري الممارس على النساء الفلسطينيات يهدف إلى تفكيك المجتمع وتجريد النساء من حقوقهن وأمنهن ودورهن الطبيعي في البناء والصمود. فالمرأة الفلسطينية في غزة والضفة والقدس والشتات تقف اليوم في خط الدفاع الأول، وتحمل على عاتقها مهام الحماية والرعاية والصمود وإعادة الحياة وسط الركام، رغم كل أشكال العنف السياسي والجسدي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تتعرض له.

وانطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية والنسوية، ندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسسات حقوق الإنسان إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه النساء الفلسطينيات، ووقف العدوان فورًا، وضمان الحماية للنساء والفتيات، ومنع استمرار التهجير القسري، ووقف الإستيطان وتدمير القرى والبلدات الفلسطينية، كما نطالب بتفعيل آليات المساءلة الدولية ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها ضد النساء، وتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تكفل لهن الحق في الحياة والحرية والكرامة.

ويجدد الاتحاد التزامه الثابت بمواصلة النضال الوطني والنسوي من أجل عدالة تحمي النساء، ومساواة تضمن حقوقهن، ومشاركة فاعلة لهن في مواقع صنع القرار، باعتبار أن حماية النساء وتمكينهن هو جزء جوهري من مشروع التحرر الوطني وبناء مجتمع حرّ، عادل، وديمقراطي.

ختامًا،

يدعو اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني إلى أن تكون حملة الـ16 يومًا منطلقًا لعمل نسوي وطني مستمر طوال العام، يقوم على تعزيز صمود النساء، وتمكينهن من مواجهة العنف والاستعمار، وحماية حقوقهن باعتبارها جزءًا أصيلًا من معركة شعبنا نحو الحرية والعدالة وتقرير المصير.

 

اشترك في القائمة البريدية