مع اقتراب اليوم العالمي للاشخاص ذوي الاعاقة، الإغاثة الطبية: 170 ألف شخص من ذوي الإعاقة في غزة و42 ألف إصابة مُغيّرة للحياة بسبب الحرب

أكد مصطفى عابد، مدير برنامج التاهيل  في الإغاثة الطبية  بغزة، أن اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة يأتي هذا العام وقطاع غزة يعيش واحدة من أقسى الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، وسط انهيار في البنية الصحية والتأهيلية، وغياب شبه كامل للخدمات الأساسية بعد الحرب التي استمرت لعامين ونصف. وقال عابد إن الظروف الحالية وضعت الأشخاص ذوي الإعاقة في مواجهة واقع شديد القسوة، بعد تضرر المراكز المتخصصة وتوقف البرامج العلاجية وانقطاع الخدمات الأساسية، ما جعل حياتهم اليومية أكثر هشاشة وصعوبة.

وأوضح أن الخدمات المقدمة خلال هذه الفترة لم تغطِّ سوى 1% فقط من احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، نتيجة الحصار وتدمير المرافق الحيوية ومنع دخول الأجهزة التعويضية والمستلزمات الطبية. هذا النقص الحاد خلق فجوة كبيرة بين حجم الاحتياج والإمكانات المتاحة، وترك آلاف الأسر أمام معاناة غير مسبوقة.

تصريحات وتحذيرات منظمات دولية

وأضاف عابد أن منظمة الصحة العالمية قدّرت عدد الإصابات المُغيّرة للحياة في قطاع غزة بنحو 42 ألف إصابة منذ بدء العدوان، وهي إصابات تحتاج إلى برامج تأهيل طويلة الأمد ورعاية طبية مستمرة. وأشارت المنظمة في تقاريرها الأخيرة إلى أن “النظام الصحي في غزة يعمل بأقل من 30٪ من طاقته التشغيلية”، وأن غياب خدمات التأهيل يهدد بجعل آلاف الإصابات تتحول إلى إعاقات دائمة.

كما ذكر أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أكد في تقرير صدر منتصف 2025 أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأكثر تضرراً من الانهيار الإنساني، وأن 90% منهم فقدوا الوصول إلى خدمات العلاج الطبيعي والأجهزة المساعدة. وأشار التقرير إلى أن "مراكز الإيواء غير صالحة مطلقاً لذوي الإعاقة، وأن غياب المواءمة يضاعف المخاطر الصحية والنفسية عليهم".

وفي السياق ذاته، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن آلاف الجرحى الذين يحتاجون إلى أطراف صناعية أو أجهزة مساعدة “مهددون بفقدان قدرتهم على الحركة بشكل دائم بسبب عدم السماح بدخول المواد اللازمة للتأهيل الجسدي”.

أما اليونيسيف فأكدت أن ما لا يقل عن 20–25% من المصابين ببتر الأطراف هم من الأطفال، محذرةً من أن عدم تلقي العلاج وإعادة التأهيل “يهدد مستقبل جيل كامل”.

أرقام صادمة ومؤشرات خطيرة

ووفقاً للأرقام الموثقة حتى نوفمبر 2025، قال عابد إن:

عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة بلغ 170 ألف شخص (8.2% من إجمالي السكان).

الحرب تسببت في 5,000 إلى 6,000 حالة بتر.

أكثر من 2,000 إصابة في الحبل الشوكي أدت إلى شلل نصفي أو كلي.

1,300 إصابة دماغية شديدة تسببت في إعاقات دائمة.

1,500 حالة فقدان بصر كلي أو جزئي، و4,000–5,000 شخص مهددون بفقدان البصر قريباً.

آلاف الإصابات بفقدان السمع دون وجود إحصاء رسمي موحد حتى الآن.

وأضاف أن نسبة كبيرة من المصابين هم من الأطفال، الذين يشكّلون ما بين 20–25% من حالات البتر، وهو ما يعكس الحجم المأساوي لاستهداف المدنيين وعدم توفر الرعاية اللازمة لهم.

تدمير منظومة التأهيل وغياب بيئة دامجة

وبيّن عابد أن قطاع التأهيل كان من الأكثر تضرراً، بعد تدمير المراكز العلاجية وتوقف جلسات العلاج الطبيعي والدعم النفسي وبرامج الإرشاد الأسري. كما تحولت المدارس الدامجة إلى مراكز إيواء غير مهيّأة إطلاقاً، ما فاقم من معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة.

وأشار إلى أن مراكز الإيواء والخيام تفتقر إلى أبسط معايير المواءمة، سواء من حيث الحركة والتنقل أو الأمان الشخصي أو توفير الأجهزة الأساسية المساعدة.

دعوة عاجلة واستغاثة إنسانية

ودعا عابد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية إلى اتخاذ خطوات فورية تشمل توفير حماية إنسانية عاجلة، إعادة تأهيل المراكز الصحية والتعليمية، توفير الأجهزة التعويضية، استئناف خدمات العلاج الطبيعي والدعم النفسي، ومواءمة مراكز الإيواء، إضافة إلى إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في خطط الإغاثة وإعادة الإعمار باعتبارهم أصحاب حق وخبرة.

وختم قائلاً: "الأشخاص ذوو الإعاقة في غزة من أكثر الفئات التي دفعت ثمناً باهظاً للحرب، وواجبنا الإنساني أن نضمن لهم حياة كريمة وفرصاً عادلة تعيد لهم القدرة على المشاركة في بناء مستقبل أفضل."

اشترك في القائمة البريدية