الهيئة المستقلة تصدر ورقة حقائق حول "مؤسسة غزة الإنسانية وعسكرة الإغاثة"

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تصدر ورقة حقائق بعنوان مؤسسة غزة الإنسانية وعسكرة الإغاثة، تسلط الضوء على تجربة هذه المؤسسة في إدارة وتوزيع المساعدات داخل قطاع غزة، بوصفها نموذجًا مثيرًا للجدل في المشهد الإنساني الدولي، وخلصت الورقة إلى أن تجربة GHF ليست مجرد إخفاق عملياتي أو قصور مؤسسي، بل هي تعبير عن اتجاه خطير يهدد جوهر العمل الإنساني، فبدل أن تكون المساعدات ملاذًا للضعفاء، تحولت إلى شرك مميت يضاعف من معاناة المحاصرين.

تكمن أهمية هذه الورقة كونها تفتح النقاش حول واحدة من أخطر الظواهر المعاصرة، وهي عسكرة العمل الإنساني وتحويل المساعدات إلى أداة ضغط عسكري وسياسي، بما يتعارض والمبادئ الأساسية للعمل الإنساني المتمثلة في الحياد، الاستقلالية، النزاهة، والإنسانية، وأيضاً كصرخة تحذير موجهة إلى المجتمع الدولي وصنّاع القرار الإنساني، بضرورة استعادة المبادئ المُؤسسة للعمل الإنساني، وضمان أن تبقى المساعدات أداة للحماية والكرامة، لا وسيلة للإبادة البطيئة.

 وانطلاقاً من كون المساعدات الإنسانية في النزاعات المسلحة تشكل واحدة من أكثر القضايا حساسية في النظام الدولي المعاصر، لأنها ترتبط مباشرة بإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين في ظروف بالغة القسوة، جاءت هذه الورقة لتدرس حالة مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) كنموذج تطبيقي جدلي يسلّط الضوء على التداخل بين العمل الإنساني والأجندات العسكرية والسياسية، وما ينتج عنه من انتهاكات جسيمة للمبادئ الأساسية للعمل الإنساني.

وبالنقد والتحليل والتشخيص والتوثيق، تحاول ورقة الحقائق هذه الإجابة عن سؤال مركزي: كيف يمكن أن تتحوّل المساعدات الإنسانية من وسيلة للحماية إلى أداة للإكراه والتطويع السياسي؟ وما الذي يكشفه نموذج GHF عن المخاطر المستقبلية التي تهدد المنظومة الإنسانية الدولية برمّتها؟ علاوة على تحليل نشأة وتطور هذه المؤسسة وظروف عملها داخل القطاع، وتقييم آليات توزيع المساعدات التي اعتمدتها، ومقارنتها بالمعايير الدولية المعمول بها، ربط النموذج المطروح بمفاهيم (عسكرة الإغاثة) كما وردت في أدبيات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية، ودراسة الأبعاد القانونية والأخلاقية المترتبة على هذا النموذج، خاصة فيما يتعلق بانتهاك القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. واعتمدت الورقة على مراجعة الادبيات ذات العلاقة والمتابعة والرصد الميداني لكيفية تعامل مؤسسة غزة الإنسانية مع توزيع المساعدات الإنسانية.

وخلصت الورقة إلى أن تجربة GHF ليست مجرد إخفاق عملياتي أو قصور مؤسسي، بل هي تعبير عن اتجاه خطير يهدد جوهر العمل الإنساني. فبدل أن تكون المساعدات ملاذًا للضعفاء، تحولت إلى شرك مميت يضاعف من معاناة المحاصرين. وتتضمن الورقة قائمة المصطلحات والمفاهيم، تعريف الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، المفهوم العام لعسكرة المساعدات، وثيقة مونترو (2008): الخلفية والمضمون والدول المشاركة، تحليل مقارن بين مبادئ وثيقة مونترو وآلية عمل مؤسسة غزة، أبرز الانتقادات الدولية لـ GHF ومواقف أبرز المؤسسات الإنسانية، وأخيراً النتائج والتوصيات، وأبرزها أنّ نموذج GHF لا يستجيب للمعايير الدولية المتعارف عليها، بل يعكس حالة من التسيس والتطويع للمساعدات تخدم مصالح الاحتلال أكثر مما تستجيب لاحتياجات السكان، وأن عملية التوزيع القائمة على أربعة مراكز مؤمّنة عسكريًا حوّلت المساعدات إلى (مصائد موت)، من خلال توظيف شركات أمنية خاصة دون شفافية أو مساءلة، وتحويل الجوع إلى وسيلة للإكراه الجماعي والنزوح القسري.

وأوصت الورقة بضرورة إعادة الاعتبار لدور الأمم المتحدة ووكالاتها باعتبارها المرجعية الشرعية الوحيدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة. وفك الارتباط بين العمل الإنساني والأجندات العسكرية عبر إنشاء مناطق آمنة للتوزيع بإشراف مدني محايد. وإعادة دمج المنظمات الفلسطينية المحلية باعتبارها الأكثر قدرة على الوصول والاستجابة، وتعزيز التنسيق بينها وبين الشركاء الدوليين. والتحقيق الدولي في الانتهاكات الناجمة عن نموذج GHF بما في ذلك سقوط الضحايا في محيط مراكز التوزيع، وتفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاسبة المتورطين. والتحرك الأممي والسياسي لرفض الاعتراف بمؤسسة GHF كمزوّد إنساني شرعي. والدفع نحو تحويل مبادئ وثيقة مونترو إلى إطار قانوني مُلزم يضمن حماية المدنيين ومنع عسكرة الإغاثة.

وفيما ييلي الورقة كاملة: 

اشترك في القائمة البريدية