المركز الفلسطيني: الاحتلال يقتل 33 مواطنًا من المجوعين والجوع يصل إلى أعلى مستوياته في غزة

مع دخول المجاعة في قطاع غزة مرحلة حرجة للغاية، وتأثر غالبية المواطنين بها، تمعن قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم قتل جماعية دامية محيط نقاط توزيع المساعدات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ليجد المدنيون المجوعون أنفسهم بين خيارات قاسية، إما القتل بالرصاص أو الموت جوعًا.

أحدث الجرائم، ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت الموافق 19 يوليو 2025، محيط مركزي توزيع المساعدات الإسرائيلية/الأمريكية في الحي السعودي، وحي الحشاش (جنوب محور موراج) شمال غربي مدينة رفح، وأسفرت عن مقتل 33 مواطنًا، وإصابة العشرات بجروح.

ووفق إفادات شهود عيان والمعلومات التي جمعها طاقم المركز، فعند حوالي الساعة 05:30 من فجر اليوم، أطلقت قوات الاحتلال، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه آلاف المواطنين المجوعين أثناء سيرهم تجاه مركزي توزيع المساعدات الإسرائيلية/الأمريكية في الحي السعودي، وحي الحشاش. أسفر ذلك عن مقتل 33 مواطنًا، بينهم امرأة و3 أطفال. كما أصيب العشرات بجروح مختلفة، جراح معظمهم وصفت بالخطيرة. واستهدف معظم الضحايا قرب مركز التوزيع في حي الحشاش شمال غربي مدينة رفح.

في إفادته لطاقم المركز، أوضح أحد المصابين المواطن عاهد ماهر محمد أبو علوان، 25 عاماً، من سكان معسكر خان يونس تفاصيل ما حدث قائلا:

“عند حوالي الساعة 04:00 فجرًا، خرجت مع شقيقي محمد، 33 عاماً، واثنين جيراني، وهما فايز ووليد أبو عكر، باتجاه مركز المساعدات القريب من شارع الطينة (المسلخ التركي) جنوب مدينة خان يونس، بهدف الحصول على كراتين مساعدات. وعند حوالي الساعة 05:30 فجراً، كنا نمشي على بعد حوالي 700 متر إلى 1000 متر من مركز المساعدات مع حوالي 200 موطن، سمعت صوت ميكروفون يقول اطلع يا محمود وتكرر الصوت عدة مرات ثم فتحت نحونا كتلة نارية، وشاهدت الرصاص الدمدم (المتفجر) يصيب عددا من المواطنين حولي، وأصيب كل من أخي محمد في بطنه، و فايز أبو عكر في ساقه ووليد أبو عكر، وأصبت أنا بعدة شظايا في أنحاء جسمي، بعد ذلك تقدمت نحونا دبابة وجيبين وخلفهن يسير الجنود الإسرائيليين، وهم يطلقون الرصاص تجاهنا، فأصيب فايز أبو عكر برصاصة في فمه وهو منبطح على الأرض بجواري، واستشهد بعد دقائق قليلة، ثم نادى الجنود علينا يلا قوموا ارفعوا أيديكم وروحوا ومرتجعوش هون، ووقفنا ومشينا بصعوبة وساعدنا عدد مواطنين وحملوني أنا وأخي محمد في تكتك ونقلونا إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس، ونقل الشهيد فايز أبو عكر وقريبه المصاب وليد أبو عكر في تكتك ثاني، وقد وصف الأطباء جراحي بالمتوسطة، أما أخي محمد فإصابته خطيرة حيث أصيب بأربع رصاصات في الجزء العلوي من جسمه”.

وفي إفادته يوضح المصاب، المواطن أحمد إبراهيم محمد القرا، 33 عاماً، وهو نازح في مواصي خان يونس، جانبًا مما حدث، قائلاً:

“ذهبت عند حوالي الساعة 10:00 مساء أمس الجمعة، مع ثلاثة من أقاربي إلى منطقة شارع الطينة (شارع المسلخ التركي) جنوب مدينة خان يونس، ووصلنا هناك في حوالي الساعة 01:00 فجر اليوم السبت، وانتظرنا فتح مركز المساعدات. أثناء الانتظار مع عدد كبير من المواطنين كنا نسمع صوت إطلاق نار فنتوقف عن المشي، وعندما يتوقف إطلاق النار نمشي للأمام. وعند حوالي الساعة 05:30 فجراً كنا على بعد حوالي 700 متر من مركز المساعدات، وحدث إطلاق نار بشكل جنوني فأصبت بعيار ناري في قدمي اليمنى، وسقطت على الأرض من شدة الألم، وأصيب عدد من الشبان حولي، ثم سمعت صوت تحرك دبابة في المكان، وبعد ذلك قام عدد من الشبان بنقلي مع مصابين آخرين في تكتك إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس، وانتظر الآن تصوير قدمي صور أشعة لتشخيص إصابتي وهل فيها كسر في العظم أو لا”.

وتلقى المركز عشرات الشهادات من مواطنين بما فيهم من العاملين في المركز، عن الصعوبات التي يواجهونها مع النفاد الكامل للدقيق وأغلب المواد الغذائية البديلة. وأكد أغلب هؤلاء أنهم ينطلقون في وقت مبكر صباح كل يوم يجوبون الشوارع والأسواق ومخيمات النزوح بحثا عن أي كمية دقيق ويعودون في آخر النهار دون الحصول على شيء.

يحذر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان من أن قطاع غزة يقف على أعتاب كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يواجه الآلاف، وربما عشرات الآلاف من المدنيين، خطر الموت الوشيك جراء الجوع القاتل خلال الأيام القريبة المقبلة.

ويشير إلى أن المصادر الصحية تؤكد أن الأضرار الصحية نتيجة سوء التغذية مست بالفعل غالبية السكان، حيث رصد خلال الأيام الماضية تزايد حالات الإنهاك والشحوب والسقوط على الأرض في الشوارع، فيما تصل عشرات الحالات لأقسام الطوارئ في المستشفيات وهي تعاني من حالة إجهاد و إعياء شديدين، وهو ما دفع وزارة الصحة للتحذير بأن المئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون عرضة للموت المحتم نتيجة الجوع وتخطي قدرة أجسادهم على الصمود.

يحمل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بجميع هيئاته مسؤولية فورية ومباشرة، ويطالب بتحرك عاجل وفعّال لوقف سياسة الإبادة عبر التجويع، وإلزام دولة الاحتلال بفتح المعابر والسماح بدخول الإمدادات فورا دون قيود، وتوفير ممرات إنسانية آمنة، ومحاسبة كل من تورط في هذه الجرائم التي تهدد بمحو حياة جيل كامل.

اشترك في القائمة البريدية