في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، مركز "شمس": مكافحة الفساد وتعزيز الحكم الرشيد من أهم سمات النظام الديمقراطي

يؤكد مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" في اليوم العالمي لمكافحة الفساد على أن مكافحة الفساد وتعزيز قيم الشفافية والمساءلة والنزاهة والحكم الرشيد قضية أساسية في بناء دولة المؤسسات وترسيخ أسس النظام الديمقراطي الأصيل، لما لذلك من انعكاسات إيجابية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحياة المواطنين وتعزيز الثقة في النظام السياسي وتقوية قيم المواطنة والانتماء داخل الدولة، وتساعد في تحقيق عجلة التنمية والتخلص من افة الفساد وتأثيراتها السلبية على الدولة والمجتمع وتعزز الوعي الجمعي والمسؤولية المجتمعية لدى المواطنين، بل أصبحت ركيزة أساسية من ركائز التنمية في الدول ومتطلب أساسي لسيادة القانون، بما تحتويه من وسائل وأدوات وآليات ومشاركة فاعلة من فئات المجتمع من أفراد وأحزاب ومؤسسات أهلية ومؤسسات إعلامية، ومؤسسات رقابية، والفساد يشكل انتهاك لحق أصيل من حقوق الإنسان وهو الحق في المساواة وعدم التمييز بين المواطنين، إذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 من كانون أول/ ديسمبر من كل عام ليكون يوماً دولياً لمكافحة الفساد، وأقرت في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2003، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وفقاً للقرار ( 4/58).

يشدد مركز "شمس" على أن الفساد بكافة أشكاله وتجلياته والتي تشمل الرشوة، والاختلاس، وغسل الأموال، والمتاجرة بالنفوذ، والكسب غير المشروع، وإساءة استعمال السلطة، وقبول الواسطة والمحسوبية والمحاباة، وعدم الإفصاح عن تضارب المصالح، يؤدي تدمير المجتمعات وتدهور الخدمات العامة وتراجع الثقة في القطاع العام والأهلي والخاص، ويعزز الزبائنية وظاهرة الاغتراب داخل الوطن ويقضي على تطلعات المواطنين في الأمان والاستقرار داخل أوطانهم ومجتمعاتهم، وتواجه جهود مكافحة الفساد الكثير من التحديات في فلسطين أهمها نقص الموارد المالية والبشرية، والتدخل السياسي، وتعقيدات الإجراءات القانونية، وانعدام الشفافية في بعض المؤسسات، لذلك فمن الواجب بذل جهوداً متواصلة وتعاوناً شاملاً من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وتفعيل عمل المؤسسات الرقابية لمكافحة الفساد وخاصة هيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية والنيابة العامة، وضرورة إجراء انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني الذي يمثل الجهة الرقابية الأساسية على أعمال السلطة التنفيذية، والتأكيد على الالتزام بالقانون الأساسي الفلسطيني من خلال الفصل بين السلطات، واستقلال السلطة القضائية.

يشير مركز "شمس" إلى أن مسؤولية مكافحة الفساد هي مسؤولية تشاركية مجتمعية فردانية ومؤسساتية في آن واحد، فهي لا تقتصر على الهيئات والجهات الرقابية، كهيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية ومؤسسات إنفاذ القانون، بل تشمل المجتمع بأكمله بدءً من المواطن إلى المؤسسات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني وانتهاءً بالمؤسسات الرسمية ذات الاختصاص، ولذلك يجب تعزيز ثقافة مكافحة الفساد في المجتمع من خلال التربية والتعليم في المؤسسات التعليمية والمدارس والجامعات والنوادي الشبابية والمساجد والكنائس ومؤسسات المجتمع المدني لتصبح مكوني أساسي من مكونات الثقافية الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني وألا تقتصر على الجهات الرسمية فقط، وبذلك يجب العمل على إعادة صيغة القيم في المجتمع من البداية لأن التوعية ضرورة مهمة لمحاربة الفساد، فالمجتمع الواعي هو المجتمع الأقل توجه نحو الفساد، إن سر نجاح مكافحة الفساد يكمن في تكاتف المواطنين للتصدي للفساد والفاسدين، والتشبيك المؤسسي غاية وضرورة مهمة للتصدي لآفة الفساد.

يؤكد مركز "شمس" على أن الفساد يشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان ويؤدي إلى تراجع في معدلات النمو وانتكاسة التنمية البشرية وكفاية الإنتاج، وسوء توزيع الدخل القومي بين أفراد المجتمع ويوسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء ويؤدي إلى تردي المستوى المعيشي للفقراء والفئات المهمشة لا سيما الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة ، والمسنين ، وحرمانهم من الحصول على الخدمات والرعاية الكافية ويعمق الفجوة بين طبقات المجتمع ويساهم في انتشار وتفشي القيم السلبية داخل المجتمع وإلى الاستهتار بالقوانين والأنظمة وخرقها باستمرار وإلى انهيار منظومة القيم الأخلاقية والروحية وتشجيع ثقافة الاتكال والاستهلاك وإلى تكديس الثروات بأيدي أصحاب النفوذ والسلطة على حساب تهميش بقية أفراد المجتمع، ويدفع الفساد بمن بيدهم السلطة إلى التركيز في الإنفاق على المؤسسات والمشاريع التي يمكن من خلالها بسهولة كسب المال عن طريق الرشاوى، وانخفاض مستوى التعليم والرعاية الاجتماعية والصحية ونقص الخدمات العامة وانتشار الغش بالسلع والمواد الاستهلالية وغيرها مما يؤدي إلى تعريض حياة الناس للخطر.

يحيي مركز "شمس" ما تقوم به هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية من جهود جبارة في محاربة الفساد، وانفتاحها العميق على مؤسسات المجتمع المدني في إطار المشاورات العامة حول الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتعاون المشترك، إذ تعبر تلك الجهود عن الإرادة الصلبة والمهنية العالية لدى هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية في تطبيق القانون ونشر وتعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة والحوكمة في المجتمع الفلسطيني بطريقة تشاركية مع الجهات ذات العلاقة من مؤسسات رسمية ومؤسسات مجتمع مدني، إذ أن تلك الجهود شهدت تطوراً نوعياً ملموساً في السنوات الأخيرة، وحققت إنجازات هامة في مسيرة مكافحة الفساد، من خلال الأدوات الإجراءات والمشاورات التي تقوم بتنفيذها بشكل دائم ومستمر مع كافة الجهات ذات العلاقة وخاصة مع مؤسسات المجتمع المدني.

يؤكد مركز "شمس" على ضرورة العمل على تنفيذ كافة القوانين والأنظمة واللوائح المتعلقة بمكافحة الفساد في فلسطين وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003م والتي وقعت عليها دولة فلسطين، وقانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005م وتعديلاته وقرار مجلس الوزراء رقم (7) لسنة 2019م الخاص بحماية الشهود والمبلغين والمخبرين عن الفساد وتوفير الحماية الوظيفية والقانونية والشخصية لهم، وقرار مجلس الوزراء رقم (1) لسنة م 2020 م الخاص بنظام الإفصاح عن تضارب المصالح والذي أكد على تعزيز قيم الشفافية والمهنية والمساءلة ومنع تضارب المصالح سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فعلى الرغم من وجود منظومة قانونية رقابية فلسطينية لمكافحة الفساد إلا أن هناك عوائق وأسباب كثيرة تحول دون تطبيق تلك الأنظمة والتشريعات وقيام المؤسسات الفلسطينية الرقابية بممارسة دورها الفعال في الرقابة والتقييم والمتابعة والمحاسبة، وهذا يعود إلى أسباب ومشكلات وعوائق كثيرة منها إدارية ومنها مالية منها سياسية ومنها قانونية، وأهم تلك العوائق هو غياب المجلس التشريعي الفلسطيني وانتفاء دوره في سن التشريعات وغياب دوره الرقابي على المؤسسات ذات الاختصاص، وهذا شكل بيئة حاضنة للفساد وتجلياته في المؤسسات الفلسطينية وغياب للرقابة والمساءلة والمحاسبة وسيطرت السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، مما أعاق عملية تطبيق الأنظمة والقوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الفساد.

يدعو مركز "شمس" الجهات ذات الاختصاص إلى تطوير وتشديد قوانين مكافحة الفساد في القطاع العام، بما في ذلك تحديد الأعمال غير القانونية وتعزيز العقوبات المناسبة للمسؤولين عن الفساد والعمل على إقرار مواد قانونية جديدة من شأنها الحد من الفساد والتصدي للفاسدين، وتعزيز آليات الرقابة في القطاع العام من خلال تعزيز الآليات التقنية للرصد والكشف عن الفساد، وتطوير نظام الإبلاغ عن الشبهات وحماية المبلغين عن الفساد، وتحسين الآليات التقنية للرصد والكشف عن الفساد من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتقدمة لتعزيز الرقابة والمراقبة، وتطوير نظام الإبلاغ عن الشبهات وحماية المبلغين عن الفساد من خلال إنشاء نظام فعال وآمن يتيح للمواطنين والموظفين إبلاغها عن حالات الفساد أو الشبهات المتعلقة بالفساد بسرية ودون خوف من الانتقام، وتعزيز الشفافية في العمل الحكومي من خلال ضمان وجود إجراءات واضحة ومتوفرة للجمهور للوصول إلى المعلومات الحكومية، وتوعية وتثقيف المواطنين بأضرار الفساد من خلال تنظيم حملات توعوية وتثقيفية في المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية لتعزيز الوعي بأهمية مكافحة الفساد في المجتمع، وتعزيز الحوكمة الرشيدة في القطاع العام من خلال تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة والمشاركة في صنع القرار، وتعزيز تدريب وتطوير الموظفين الحكوميين لتعزيز مهاراتهم في مجال الحوكمة الرشيدة، وتعزيز التعاون والشراكات مع الجهات ذات الاختصاص بمكافحة الفساد من هيئات رقابية ومنظمات غير الحكومية وقطاع خاص.

 

 

اشترك في القائمة البريدية