نظم مركز شؤون المرأة في غزة لقاء حواري دولي لمناقشة تقرير حول "التحديات والعراقيل التي تواجه المنظمات النسوية الحقوقية التي تقودها النساء خلال الاستجابة الإنسانية أثناء الحرب على غزة"، عبر برنامج الزوم (Zoom )، بحضور عدد من ممثلي/ات المؤسسات المحلية والدولية وباحثين/ات وأكاديميين/ات، واعلاميين/ات وناشطين/ات رقميًا، حيث جاء هذا اللقاء الرقمي ضمن مشروع " تعزيز دور المرأة الفلسطينية في الحروب والصراعات"، بدعم وشراكة مع صندوق المرأة للسلام و الأمن، وبالتزامن مع حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة
وقالت ماريس غيموند" الممثلة الخاصة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين،:" تؤثر عدم المساواة بين الجنسين تأثيرًا عميقًا على إمكانية وصول الرجال والنساء والفتيان والفتيات إلى الإمدادات والخدمات والموارد المنقذة للحياة، مما يضعهم في أوضاع غير متكافئة ومجحفة، وتكشف تقاريرنا عن أن النساء والفتيات هن الأكثر تعرضًا لانعدام الأمن الغذائي، مما يزيد من ضعفهن في ظل الأزمات الإنسانية المتفاقمة، وفي هذا الإطار يتجلى الدور الحيوي الذي تؤديه المنظمات النسوية ومنظمات حقوق المرأة في التصدي للتحديات الناجمة عن الأوضاع الإنسانية المتأزمة، لا سيما تلك التي تفاقمت بسبب الحرب المستمرة على غزة"، مشيرة إلى أن المنظمات التي تقودها النساء تعد ضرورية في الجهود الإنسانية، حيث تدافع عن حقوق النساء والفتيات وتضمن دمج أصواتهن في عمليات صنع القرار، وتسهم بشكل كبير في تنسيق الاستجابات الإنسانية العاجلة، بما في ذلك توفير الدعم الحاسم مثل المساعدة القانونية، والدعم النفسي والاجتماعي، والوقاية من العنف المبني على النوع الاجتماعي والحماية منه، وتقديم المأوى، ودعم إعادة الإدماج، والمساعدات النقدية، وسبل العيش.
كما أكدت غيموند على أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين تعمل على تعزيز قدرات الجهات الفاعلة الإنسانية ومساءلتها لضمان تقديم مساعدات تستجيب للنوع الاجتماعي. وقد تضمن ذلك تقديم الدعم الفني لهياكل التنسيق مثل فريق العمل الإنساني الوطني والمجموعات المتخصصة كالحماية، ومجموعة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ومجموعات العمل النقدي، لضمان إعطاء الأولوية لاحتياجات المرأة في مراحل التخطيط والتنفيذ والرصد للاستجابات الإنسانية، وتلتزم الهيئة بدمج منظور النوع الاجتماعي في وثائق التخطيط الاستراتيجي الأساسية، منوهة إلى أن التمويل المحدود للمنظمات النسوية إحدى القضايا الملحة ، حيث تدفع هذه القضية جهود هيئة الأمم المتحدة للمرأة على جميع المستويات، لزيادة الوعي بهذا النقص الحاد في التمويل، منوهة إلى أن هذا الاجتماع فرصة محورية لتوجيه الجهود نحو تعزيز الاستجابة الجماعية لهذه التحديات الملحة واكتشاف سبل تعزيز العمل المشترك في مواجهة هذه الأزمات الإنسانية الحرجة.
وقالت أ.آمال صيام، مديرة مركز شؤون المرأة:" إن هذا التقرير يسعى إلى الوقوف على أهم التحديات والعراقيل التي تواجه المنظمات النسوية الحقوقية والتي تقودها نساء في قطاع غزة، من أجل خلق بيئة تمكينية لهذه المؤسسات وتعزيز دورها ودعم مشاركتها وقيادتها بشكل أفضل في الاستجابة الإنسانية أثناء الحرب على غزة (2023_2024)، حيث يهدف هذا التقرير إلى فهم التحديات والعراقيل التي تعيق القدرة التشغيلية للمنظمات النسوية الحقوقية والتي تقودها النساء خلال الحرب على غزة.
كما أشارت صيام إلى أن أهم التحديات والصعوبات التي تواجه المنظمات عملهن خلال الحرب على غزة هي التحديات التي تتعلق بمكان العمل حيث تعرضت العديد من مقرات المنظمات النسوية الحقوقية التي تقودها النساء للتدمير الكامل أو الجزئي، نتيجة استهدافها المباشر أو بسبب قصف مواقع مجاورة، بالإضافة الى ان المنظمات واجهت صعوبة في الوصول إلى المقرات الواقعة في مناطق خطرة، مما أثر على قدرتها التشغيلية، وهناك تحديات تتعلق بطاقم العمل (الموراد البشرية)، حيث أدت الحرب إلى نزوح الموظفين/ات أكثر من مرة ويعيشون في ظروف نفسية واجتماعية صعبة تؤثر على أدائهم، كما أن هناك عراقيل تتعلق بالحركة والتنقل حيث يمثل التنقل تحديًا كبيرًا للمنظمات النسوية بسبب نقص الوقود، تضرر الطرق ووسائل النقل. تعتمد المنظمات على وسائل تقليدية كالعربات التي تجرها الحيوانات، مما يسبب صعوبات للموظفين/ات، كما أن هناك صعوبة في الاتصال والتواصل يمثل تحديًا كبيرًا بسبب انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع الاتصالات ونفاد الوقود الصناعي يعوقان جهود العاملين/ات في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى ضعف شبكات الانترنت وعدم وصولها للعديد من المنظمات،
وأضافت صيام تحديات تتعلق بالجهات الرسمية فتتمثل بانتهاء صلاحية اعتماد التواقيع البنكية، الذي يُعطل العمليات المالية ويتطلب إجراءات طويلة، أما حول تحديات التمويل الإنساني للمنظمات النسوية في غزة فهي تعتمد على مشاريع قصيرة الأمد (6 شهور كحد أقصى)، وهو غير ملائم للأزمة المستمرة والحرب الطويلة، لم تُجرِ العديد من الجهات المانحة تغييرات جوهرية على متطلبات وإجراءات التمويل لتتناسب مع ظروف الحرب، مما أدى إلى بطء في الحصول على التمويل وعدم استجابة كافية للاحتياجات المتزايدة، وهناك تحديات تتعلق بالمنظمات النسوية هو زيادة مضاعفة في الطلب على الخدمات الإنسانية مقابل عدم كفاية التدخلات الإنسانية، بمعنى أن حجم التدخل لا يساوي حجم الاحتياجات. أيضاً تواجه المنظمات صعوبات في توفير المواد والبضائع والمستلزمات اللازمة للقيام بدورها سواء على مستوى العمليات التشغيلية للمنظمة أو على مستوى الخدمات التي تقدمها للجمهور، فقد لا يتوفر في الأسواق محتويات الطرود الغذائية وغير الغذائية في الأسواق المحلية، وهناك تحديات تتعلق بالسيولة النقدية حيث تواجه المنظمات النسوية صعوبات إدارية وتنظيمية وعقبات مالية تتمثل بشكل أساسي بقلة السيولة المالية وما نتج عنها من تغير في سعر الصرف. تسبب نقص السيولة في تعثر عدد من الأنشطة الاقتصادية بحيث يعرقل عمليات الشراء والبيع، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى زيادة التأخر في تسديد الديون على نحو يزيد في مخاطر الأزمات المالية.
في ذات السياق أشارت أ.زينب الغنيمي، مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، إلى أن المؤسسات الأهلية، بما في ذلك المنظمات النسوية التي تقدم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني، إضافة إلى المؤسسات الإغاثية، تعمل تحت ظروف خطرة للغاية وفي مساحات ضيقة، حيث تعرضت مقرات المؤسسات للتدمير المباشر، كما أصيب عدد من العاملين خلال تأديتهم لواجبهم، موضحة إلى أن الصعوبات الكبيرة التي تواجه فرق العمل في التنقل بسبب وعورة الطرق ونقص وسائل النقل، فقلة السيارات المتاحة، نتيجة عدم توفر السولار والغاز، تجبر العاملات في المؤسسات على المشي أو استخدام عربات تجرها الحيوانات للوصول إلى أماكن عملهن.
كما أضافت الغنيمي إلى أن من بين التحديات الكبرى التي تواجهها المؤسسات هو التركيز المفرط من قبل المانحين على المشاريع قصيرة المدى والجانب الإغاثي، رغم أهميته. إلا أن هناك غيابًا للتوزيع العادل للموارد، حيث يتم تجاهل الكشوفات التي تقدمها المؤسسات المحلية، وخاصة تلك التي تقودها النساء وتعمل مباشرة مع النساء، من قبل المؤسسات الدولية، موصية إلى ضرورة ل توحيد نماذج التقارير المستخدمة لتوثيق وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للنساء، ضرورة توفير جميع أنواع الدعم اللازم للنساء، خصوصًا في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.