المرأة العاملة: الهجوم على مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المؤسسات النسوية تجاوزٌ لكل الخطوط الحمراء ولا يمكن السكوت عنه

 

تدين جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، الهجوم الذي تعرضت له المؤسسات النسوية، عبر منصات مؤتمر علنيٍّ نظم في قطاع غزة المحاصر، مؤخراً. وترى الجمعية أن ما جاء في كلمات المؤتمِرين، لا هدف من ورائه سوى تعميق حالة الفرقة التي يشهدها المجتمع الفلسطيني، بشكل لا يخدم سوى الاحتلال وأجندته وأجندة القوى المنتفعة من الحالة الراهنة، التي فرضت على المجتمع الفلسطيني. فلا يمكن التنكر للتاريخ النضالي الطويل للمرأة الفلسطينية ومؤسسات المرأة، والتي قارعت الاحتلال وساهمت في حماية الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته، وحافظت، ولا تزال تحافظ على الرواية الوطنية الفلسطينية، وتسعى لدحض رواية الاحتلال الرامية لإنكار حق الشعب الفلسطيني في الوجود. وتستغرب الجمعية من محاولات التضليل التي تقوم بها القوى الظلامية في الفترة الأخيرة، والتي تتجاهل الدور التاريخي للمرأة الفلسطينية وتسعى لتشييء النساء والزج بهنّ في الحيز الخاص مع تنكر كامل لحقهن في الحياة الكريمة والمشاركة في الحيز المدني. 

تؤكد الجمعية أن الإشكالية باتت مركبة حاليا، ففي الوقت الذي تنفلت فيه القوى الظلامية من عقالها وتمارس التحريض والتشهير بحق المؤسسات النسوية وقيادات الحركة النسوية، فإن صمت الجهات الرسمية أمام هذا الواقع، يؤكد أن هناك تحالفٌ دفينٌ بين القوى البطريركية والجهات الرسمية. كما ترى الجمعية أن هذا الصمت من الجهات الرسمية هو تبني واضح للموقف المتنكر لحق المؤسسات النسوية للعمل في إطار مجتمع مدني فلسطيني تسوده قيم المساواة والمشاركة، وهو ما يتناقض مع نصوص وثائق العقد الاجتماعي الذي يربط المجتمع الفلسطيني، وتنكر لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية والتي أكدت على عالمية حقوق الإنسان ووجوب احترامها في كافة الظروف، كذلك ترى الجمعية في هذا التطاول على المؤسسات النسوية، محاولة بائسة من القوى المذكورة، لحرمان النساء الفلسطينيات من منظومة الخدمات التي تقدمها المؤسسات النسوية والتي تهدف للمساهمة في توفير حياة كريمة لنساء فلسطين. فالمرأة الفلسطينية والتي وقفت في الخط الأمامي للدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، تستحق احترام حقوقها بوصفها حقوقا طبيعية تكفلها القيم الإنسانية وتعززها المنظومة القانونية 

ومع تصاعد الهجمة على الحركة النسوية والقيادات والمؤسسات النسوية والتعرض للعديد من القيادات النسوية بالاسم، والتحريض عليهنّ علناً وعبر كافة المنابر، فإن الجمعية تؤكد أنه لا بد من قرع الجرس. وفي هذا السياق، تتوجه الجمعية من كافة المؤسسات الحقوقية والقانونية، والقوى والأحزاب الوطنية، للوقوف في وجه هذا المد المتزايد للقوى الظلامية، والتي تنصب العداء للنساء ولحقوقهن. وتؤكد الجمعية أن الهجوم على الحركة النسوية ومؤسسات المرأة، ما هو إلا مقدمةً للهجوم على بقية مؤسسات المجتمع المدني، لإسكات أي صوت يعارض توجهاتها للهيمنة على المجتمع، ويقوض جهود بناء مجتمع تسوده قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان. وهذا ما سيقود إلى زيادة حالة الانقسام والفرقة في المجتمع الفلسطيني، في الوقت الذي نحن أحوج ما نكون فيه لتمتين جبهتنا الداخلية للوقوف في وجه التحديات المفروضة على شعبنا الفلسطيني، وخاصة في ظل تمادي حكومة المستوطنين الحالية في جرائمها بحق أبناء وبنات شعبنا ومحاولاتها للقضاء على وجودنا كشعب. ومع هكذا واقع، فإن الجهود يجب أن تتكاثف لمواجهة المشروع الاستعماري، بدلا من السعي لخلق دوائر صراعات داخلية لحرف البوصلة والتي يجب أن توجه للصراع مع الاستعمار الصهيوني البغيض والسعي لنيل الحرية والاستقلال الوطني وحماية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

من هنا، تتوجه الجمعية من كافة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والقوى والأطر السياسية الفاعلة في السياق الفلسطيني، للتكاتف والعمل بشكل فوري على تشكيل جبهة وطنية عريضة تقف في وجه المد الظلامي ومنع هيمنته على المجتمع الفلسطيني. وتدعو الجمعية كافة الأطراف للشروع فوراً في حوار وطني شامل لوضع استراتيجية وطنية موحدة، للوقوف في وجه عمليات التحريض التي تشنها القوى المحافظة والظلامية، ضد الحركة النسوية ومؤسساتها وقياداتها. وتكرر الجمعية في هذا المقام، أن الصراع الحقيقي هو مع الاحتلال، ويجب أن توجه كافة الجهود صوب الخلاص من الاستعمار الصهيوني. كما تدعو الجمعية جهات إنفاذ القانون في فلسطين إلى تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية في وقف التحريض ضد المؤسسات النسوية وقيادات الحركة النسوية وتوفير الحماية لنساء فلسطين، بوصفهن مواطنات يتمتعن بكافة الحقوق التي أقرتها المنظومة القانونية الفلسطينية والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخاصة تلك التي انضمت إليها دولة فلسطين. كما تدعو السلطة الفلسطينية إلى ضرورة نشر الاتفاقيات الدولية، التي انضمت إليها، في الجريدة الرسمية، وتنظيم الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني)، لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وانتخاب مجلس تشريعي يتولى مهمة توطين الاتفاقيات التي انضمت إليها دولة فلسطين، في المنظومة القانونية الفلسطينية 

 

اشترك في القائمة البريدية