في اليوم العالمي للبيئة: الميزان يحذر من تردي الوضع البيئي في غزة الذي يفتقر لمكونات البيئة النظيفة والصحيّة

 

يحتفل العالم اليوم بمرور (50) عاماً على إعلان الأمم المتحدة لليوم العالمي للبيئة والذي يصادف 5 يونيو/حزيران من كل عام، وهو مناسبة لتسليط الضوء على قضايا البيئة التي تهدد الحياة على كوكب الأرض، وتحمل المناسبة هذا العام شعار: "دحر التلوث بالمواد البلاستيكية"[1].

 

تأتي المناسبة هذا العام بينما تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمير مكونات البيئة في قطاع غزة من خلال هجماتها الحربية وانتهاكاتها المنظمة، وحصارها المشدد للعام الـ 16 على التوالي، ما صنع واقعاً بيئياً متردياً. وتتواصل مشكلات غزة البيئية التي تمس بحقوق السكان في الصحة، وتحول دون وصولهم إلى بيئة نظيفة وصحية وآمنة.

تظهر مشكلة النفايات الصلبة كواحدة من المشكلات الكبرى التي تواجه سكان قطاع غزة، وتتعامل معها البلديات- عدا النفايات الطبية تتعامل معها وزارة الصحة- وتُنقل تلك النفايات أو تُطمر في مكبات خاصّة. وتُقدّر كمية النفايات الصلبة الناتجة في القطاع بحوالي 2,000 طن يومياً، وتكمن المشكلة في عدم وجود مكبات تكفي للتعامل الآمن مع النفايات بشكل يحمي المواطنين من مخاطرها، لا سيما المواد البلاستيكية، وتعاني محافظة شمال غزة من مشكلة بيئية خطيرة، حيث تتكدس أطنان النفايات الصلبة في مناطق مفتوحة غير مؤهلة. ويحتاج القطاع فعلياً إلى مكبين صحيين رئيسين، في الوقت الذي يتوفر فيه مكب واحد فقط تنطبق عليه الشروط الصحية والبيئية في خان يونس، كما يحتاج إلى مكبات فرعية في كل محافظة، بالإضافة إلى زيادة أعداد مركبات جمع النفايات[2].

وتتواصل معاناة سكان قطاع غزة في الحصول على مياه مأمونة وكافية، حيث ينخفض استهلاك الفرد الفلسطيني عن الحد الأدنى بحسب معايير منظمة الصحة العالمية البالغ (100) لتر في اليوم؛ جراء القيود الإسرائيلية، واستمرار السيطرة على أكثر من (85%) من المصادر المائية الفلسطينية[3]. يُشار إلى أن أكثر من (97%) من مياه الحوض الساحلي غير متوافقة مع معايير منظمة الصحة العالمية. وبلغ معدل الاستهلاك اليومي للفرد في قطاع غزة (82.7) لتراً في قطاع غزة، وإذا ما أخذنا في الاعتبار نسبة التلوث العالية للمياه في قطاع غزة، واحتساب كميات المياه الصالحة للاستخدام الآدمي من الكميات المتاحة، فإن حصة الفرد من المياه المتوافقة مع المعايير الدولية تنخفض إلى (21.3) لتراً فقط في اليوم[4].

وخلال الهجمات العسكرية المتكررة على قطاع غزة تتعرض شبكات نقل وتوزيع المياه للأضرار؛ وتتفاقم مشكلة المياه خاصة في ظل نقص إمدادات الطاقة التي تضعف قدرة السكان على توفير الكميات الكافية والمأمونة من المياه خاصّة في البنايات العالية.

وتتواصل مشكلة معالجة مياه الصرف الصحي في قطاع غزة؛ في ظل عدم استكمال إنشاء محطات مركزية لمعالجة الصرف الصحي واستمرار عرقلة سلطات الاحتلال دخول المعدات اللازمة. وتطال الهجمات الحربية الإسرائيلية أيضا شبكات ومضخات مياه الصرف الصحي، وشبكات الطاقة الكهربائية، الأمر الذي يعرقل عمليات معالجة مياه الصرف الصحي.

وفي سياق متصل، تضطر بعض البلديات إلى ضخ مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر، في ظل استمرار أزمة الطاقة والعجز في الكميات المتوفرة من التيار الكهربائي؛ ما يفاقم من مشكلة تلوّث مياه البحر والشاطئ، حيث كشفت نتائج تقييم جودة شاطئ محافظات غزة المبنية على الفحص الميكروبيولوجي والتفتيش الصحي لدورة مايو 2023م عن استمرار تلوّث (30- 40%) من الشاطئ، البالغ طوله (40) كم؛ وهو الأمر الذي يضرّ بالبيئة والصحة العامة وبصحة المصطافين؛ ويتسبب في منع السباحة في المناطق الملوثة[5].

وبناء عليه، وسعياً نحو وصول سكان قطاع غزة إلى بيئة آمنة وصحيّة؛ يطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بتحرك فاعل لإنهاء حصار قطاع غزة، وضمان مرور المواد اللازمة لصيانة وتطوير مرافق المياه والصرف الصحي، وإنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات، التي ترقى لمستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية. ويؤكد الميزان على ضرورة تحرّك الدول والمؤسسات المانحة وتخصيصها الأموال اللازمة لدعم المشروعات البيئية التنموية، لا سيما تلك المتعلقة بالنفايات الصلبة، والمياه والصرف الصحي، ومختلف أوجه النظافة العامة.

 

--------------------- 

[1] الأمم المتحدة، اليوم العالمي للبيئة، الرابط الإلكتروني: https://www.un.org/ar/observances/environment-day.

2 وحيد البرش- مدير مجلس النفايات الصلبة شمال غزة، مقابلة شخصية، بتاريخ 30/5/2023.

3 الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية، اليوم العالمي للمياه، بيان صحفي، 22/3/2023م. الرابط الإلكتروني: https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?lang=ar&ItemID=4467

4 المرجع السابق.

5 محمد مصلح- مدير وحدة حماية البيئة في سلطة المياه وجودة البيئة بغزة، مقابلة شخصية، بتاريخ 29/5/2023.

اشترك في القائمة البريدية