في اليوم العالمي لحرية الصحافة: المركز الفلسطيني يؤكد على أن الاحتلال والانقسام عدواً الصحافة وحرية التعبير في فلسطين

يحتفل العالم اليوم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق 3 مايو، ولم تزل دولة الاحتلال هي العدو الأول للصحافة في فلسطين، والشاهد الأبرز هذا العام جريمة اغتيال مراسلة قناة الجزيرة، شيرين أبو عاقلة، والذي شكل قتلها بدم بارد صدمة عالمية.  ومن الجانب الآخر استمرت انتهاكات حرية التعبير في السلطة الفلسطينية، وباتت ممارسة حرية العمل الصحفي وحرية التعبير مخاطرة غير محسوبة، سيما لغياب الحماية للصحفيين وتصاعد انتهاكات حرية التعبير.

كان مقتل الصحفية شرين أبو عاقلة واستمرار الاعتداءات المختلفة على الصحفيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي نتيجة مباشرة لحالة الإفلات من العقاب التي ولدتها سياسة الصمت التي ينتهجها المجتمع الدولي تجاه الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.  وهي نفس السياسة التي قادت إلى أن تكون الصحفية أبو عاقلة هي الضحية الـ 25 من الصحفيين الذين قتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء ممارستهم عملهم.

ومن الجانب الآخر، وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول إلى تطبيق المعايير الدولية ذات العلاقة، من خلال إطلاق المزيد من الحريات الصحفية، وتمكين الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام من ممارسة أعمالهم بشكل مستقل ودون أية معوقات، أو تهديد، نجد أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تستهدف الصحفيين وأصحاب الرأي بالملاحقة القانونية التعسفية والاعتقال والتعذيب والتهديد. 

ألزم القانون الدولي سلطات الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية باحترام حرية التعبير.  فقد ألزم القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعدم استهداف الصحفيين وأكد على تمتعهم بالحماية الكاملة كمدنيين.  كما أصدر مجلس الأمن عدة قرارات أكد فيها على ضرورة حماية الصحفيين خلال العمليات الحربية وعدم استهدافهم وضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم ضدهم من العقاب، كان آخرها قرار رقم 2222 لسنة 2015. 

وألزم القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، السلطة الفلسطينية باحترام حرية التعبير، بما فيها حرية الوصول للمعلومات.  وعلى الرغم من ذلك، لا تزال حالة حرية الراي والتعبير في السلطة الفلسطينية في تراجع مستمر، بفعل الانقسام الداخلي المستمر منذ 17 عاماً، والذي أوجد بيئة مقيدة لحرية التعبير والعمل الصحفي، وصلت إلى مرحلة السعي نحو مأسسة حالة من الالتزام الذاتي لدى الصحفيين وأصحاب الرأي بتجنب كل أشكال التعبير التي تثير حفيظة السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي إطار عمل المركز لمواجهة حالة التراجع المستمر في حرية التعبير، استمر المركز في رصد وتوثيق انتهاكات حرية التعبير، سواء المرتكبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو السلطة الفلسطينية.   وقد دأب المركز سنوياً على إطلاق تقريرين في اليوم العالمي لحرية الصحافة حول حرية التعبير في فلسطين: الأول يتناول انتهاكات قوات الاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين "إخراس الصحافة"، والثاني حول انتهاكات الحق في حرية الرأي والتعبير في السلطة الفلسطينية.

تناول التقرير الأول، (إخراس الصحافة) الذي يغطي الفترة بين 1 أبريل 2022-31 مارس 2023، اعتداءات قوات الاحتلال على مدار عام كامل.  وبيَن أبرز تلك الجرائم، حيث كان مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، مراسلة فضائية الجزيرة، وإصابة زميلها، برصاص جنود الاحتلال في مخيم جنين، بينما كانت تغطي الأحداث الدائرة بين تلك القوات ومسلحين فلسطينيين.  وقتلت أبو عاقلة برصاص قناصة، أطلق عليها الرصاص مباشرة في الرأس، على الرغم من ارتدائها الزي الرسمي للصحافيين، واتخاذها وزميلها سبل الأمان.

ووثق التقرير ما مجمله (35) انتهاكاً، شملت: جرائم انتهاك الحق في الحياة والاعتداء على السلامة الشخصية؛ الاعتداء على الصحفيين بالضرب وغيره من وسائل العنف، و/أو الإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية؛ اعتقال واحتجاز الصحفيين؛ القيود على حرية الحركة والتنقل، بما فيها منع الصحفيين من دخول مناطق معينة وتغطية أحداث، ومنع الصحفيين من السفر خارج الأرض الفلسطينية المحتلة؛ إغلاق مؤسسات إعلامية؛ ومنع طباعة صحف في الأرض الفلسطينية المحتلة. 

وتناول التقرير الثاني،" انتهاكات حرية الرأي والتعبير في السلطة الفلسطينية" خلال الفترة بين 1 إبريل 2021 وحتى 31 مارس 2023.  وأظهر التقرير استمرار حالة التراجع في حرية الرأي والتعبير في السلطة الفلسطينية، خلال عامين كاملين.  وكانت السمة الغالبة لهذه الفترة تفاقم حالة الرقابة الذاتية التي بات يمارسها الصحفيون وأصحاب الرأي على أنفسهم، بالامتناع عن تناول كل ما يثير حفيظة السلطات، وأنها جاءت كنتيجة مباشرة لسنوات من قمع الحريات في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، وغياب القانون الحامي للصحفيين وحرية التعبير.

وقد استند التقرير في استنتاجاته إلى خمسة مؤشرات لقياس حالة الحق في حرية الرأي والتعبير، وهي: الاعتقال والاستدعاء التعسفي للصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي، وتعرض بعضهم للتعذيب وللمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة؛ ترهيب الصحفيين وأصحاب الرأي أو منعهم من ممارسة عملهم؛ فرض قيود على حرية الوصول للمعلومات؛ قيود على حرية الإبداع والبحث العلمي؛ استمرار العمل بالقوانين التي تقوض الحق في حرية الرأي والتعبير.

وفي ضوء ذلك، يطالب المركز المجتمع الدولي، سيما الدول السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة بإلزام دولة الاحتلال الإسرائيلي بوقف الجرائم والانتهاكات ضد الصحفيين، والامتناع الفوري عن ملاحقته الصحفيين والاعتداء عليهم، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم بحق الصحفيين.

ويطالب المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة بموجب ولايتها المقرة على الأرض الفلسطينية المحتلة.

ويطالب المركز السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة باحترام حرية العمل الصحفي والالتزام بالمعايير الدولية ذات العلاقة، سيما تلك الواردة في التعليق العام رقم 34 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان المعنية بتطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

ويؤكد المركز على ضرورة سن قانون يحمي حرية الوصول للمعلومات وحرية العمل الصحفي في فلسطين، وأن تتم مواءمة التشريعات طبقاً للمعايير الدولية وأفضل التطبيقات، والشروع فوراً في محاسبة كل من ارتكب انتهاكات بحق الصحفيين وأصحاب الرأي.

 

اشترك في القائمة البريدية