في يوم العمال العالمي: المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يطالب بحماية العمال الفلسطينيين ويساند نضالهم لانتزاع حقوقهم المشروعة

 

يحتفل العالم في الأول من مايو/ أيار من كل عام بيوم العمال العالمي، إحياءً لذكرى من سقطوا من العمال دفاعاً عن حقوقهم في حياة كريمة لهم ولأسرهم.  وبهذه المناسبة يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان انحيازه الكامل ووقوفه إلى جانب الحركة العمالية العالمية في مسيرة نضالها المستمرة لانتزاع الحقوق المشروعة، لاسيما نضال العمال الفلسطينيين على مدار سنوات طويلة في ظل انتهاكات سلطات الاحتلال الاسرائيلية لحقوقهم، وغياب منظومة وطنية للحماية والضمان الاجتماعي، تحفظ حقوق العمال في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة خلال الأعوام الأخيرة.

ويبلغ عدد العمال في فلسطين أكثر من مليون عامل، بواقع (655) ألفاً يعملون في الضفة الغربية و(260) ألفاً يعملون في قطاع غزة و(193) ألفاً يعملون داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.  وخلال العام الأخير بلغ عدد العاطلين عن العمل في فلسطين (367) ألف شخص، بواقع (239) ألف شخص في قطاع غزة و(128) ألف شخص في الضفة الغربية.  وقد بلغت معدلات البطالة في قطاع غزة (45%)، مقابل (13%) في الضفة الغربية، وتعتبر النسبة الأعلى في صفوف الشباب والخريجين بقطاع غزة، حيث بلغت (73.9%)، مقابل (28.6%) بالضفة الغربية.[1]

وقد شهد العام الأخير استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق آلاف العمال الفلسطينيين ممن يعملون داخل دولة الاحتلال، حيث توفي (93) عاملاً فلسطينياً خلال العام 2022، و(32) عاملاً خلال  الربع الأول من العام الحالي[2]، من ضمنهم (7) عمال من قطاع غزة[3]، بسبب حوادث العمل المختلفة والناتجة عن تغاضي سلطات الاحتلال واهمالها لإجراءات السلامة والحماية داخل ورش العمل، وغياب الرقابة الحقيقية على المشغلين الإسرائيليين.  يُضاف إلى ذلك حرمان آلاف العمال من حقهم في التأمين الصحي، وهو ما يضطرهم للعودة إلى أماكن سكنهم، وتلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية بعد تعرضهم للإصابة خلال عملهم في الداخل المحتل، دون تحمل المشغلين الإسرائيليين لتكاليف العلاج.

كما تستمر السلطات الإسرائيلية في انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال الفلسطينيين، واتباع سياسات تمييزية أهمها الفجوة الكبيرة في أجور العمال الإسرائيليين والفلسطينيين التي تزيد عن أربعة أضعاف، علاوةً على تشجيع المشغلين الإسرائيليين لانتهاك حقوق العمال الفلسطينيين بإصدار تصاريح عمل بمسميات عديدة مرتبطة بفترات زمنية محدودة كتصاريح الاحتياجات الاقتصادية لعمال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو 17 ألفاً، ورغم  أهمية الزيادة التي سجلت على أعداد عمال قطاع غزة خلال العام الأخير، إلا أن ذلك لم ينعش اقتصاد القطاع بسبب استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 16 عاماً كما تدعي سلطات الاحتلال.

وتستخدم السلطات الإسرائيلية ملف العمّال كورقة ضغط اقتصادي على الفلسطينيين، بحيث يتم منعهم من مواصلة أعمالهم أو سحب التصاريح عند حدوث أي توتر أمني، بالإضافة إلى محاولتها ابتزاز العمال الفلسطينيين للتخابر مع أجهزتها الأمنية مقابل لقمة عيشهم.  وتستمر السلطات المحتلة بتنفيذ خصومات مالية غير قانونية على رواتب العمال الفلسطينيين لصالح الهستدروت (اتحاد عمالي إسرائيلي)، وقرصنة أموالهم من خلال البدء بإجراءات تسليم رواتبهم وحقوقهم المستحقة لشركة (عمتيم) الإسرائيلية، الأمر الذي يمنع ويعرقل تطوير صندوق الضمان الاجتماعي في فلسطين، ويحول دون تمتع العمال الفلسطينيين بحقوقهم التي كفلتها لهم القوانين الدولية.  ويشكل ذلك عبئاً إضافياً على آلاف العمال الذين يواصلون دفع جزء من أجورهم الشهرية لسماسرة التصاريح بشكل غير قانوني، حيث يستنزف ذلك ما يقارب (120) مليون شيكل من رواتب العمال شهرياً.[4]

كما يعتبر وصول العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في إسرائيل شكلاً من أشكال الانتهاك بحقهم، حيث يخرج العمال في ساعات مبكرة جداً (بين الساعة الثالثة فجراً وحتى الخامسة صباحاً) للوصول إلى المعابر، والانتظار الطويل حتى يسمح لهم بالمرور، ويستغرق وصولهم إلى أماكن العمل ما بين (3-5) ساعات، فيما يضطر عدد كبير منهم للمبيت في أماكن العمل، والعودة إلى منازلهم مع نهاية كل أسبوع فقط.

وعلى الصعيد الفلسطيني، تفاقمت أوضاع العمال خلال السنوات الماضية، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إضافةً إلى استمرار انتهاك حقوقهم، نتيجة التهاون في تطبيق قانون العمل الفلسطيني، والالتزامات الناشئة عن انضمام دولة فلسطين للمواثيق والمعاهدات الدولية، وأهمها العهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. 

ويحرم غياب منظومة وطنية للضمان والحماية الاجتماعية آلاف العمال الفلسطينيين في القطاع الخاص من التمتع بحقوق الإعانات  في حالة الشيخوخة والإعاقة، والضمان الاجتماعي بعد الوفاة لعائلاتهم، كذلك اعانات بعد إصابة العمل، والأمومة، فيما يستفيد من  هذه الإعانات موظفي القطاع العام الفلسطيني، وهو ما يستدعي الحاجة  لتطوير منظومة وطنية للحماية الاجتماعية، تحفظ كرامة العمال وحقوقهم الإنسانية.

وتفتقر بيئة العمل في فلسطين للحد الأدنى من شروط الحماية والسلامة نتيجة ضعف السياسات الحكومية الخاصة بمتابعة أماكن العمل والتفتيش على أوضاع العمال فيها، فضلاً عن عدم تطبيق بعض أصحاب المنشآت الصناعية والتجارية للضوابط والقيود المفروضة على عمالة الأطفال، أو القوانين المنظمة لعمل النساء، أو تلك المتعلقة بالسلامة المهنية والصحية لهم.  

كما يتسبب عدم تطبيق قانون العمل الفلسطيني بانتهاك حقوق العمال في الحد الأدنى للأجور، رغم أنه لا يلبي متطلبات الحياة الكريمة لأسرهم، ويتطلب إعادة النظر فيه وجعله أكثر انصافاً في ظل التدهور الاقتصادي الكبير والغلاء العالمي في الأسعار الذي تتأثر به فلسطين.  وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ الحد الأدنى للأجور الفعلي في قطاع غزة (697 شيكل) مقابل (1419شيكل) في الضفة الغربية، وهو ما يعتبر أقل من الحد الأدنى المقرر قانوناً والبالغ (1880 شيكل).  ويتقاضى (86%) من العاملين في القطاع الخاص في قطاع غزة أجراً يقل عن الحد الأدنى للأجور، بينما تبلغ هذه النسبة في الضفة الغربية (8%) فقط.

وفي هذا اليوم، يُعبرُ المركز الفلسطيني لحقوق الانسان عن كامل تقديره لسعي العمال الفلسطينيين المستمر في الحصول على مستوى معيشي لائق لهم ولعائلاتهم، ويُجدد  تأكيده على ضرورة معالجة كافة الأسباب التي تحول دون تمتعهم بفرص عمل تكفل كافة حقوقهم، والتي تؤمّن لهم بيئة وظروف وشروط وأجور عمل مناسبة، تراعي واقعهم وحاجاتهم وقدراتهم وتعمل على تطويرها. وعليه فإن المركز الفلسطيني لحقوق الانسان:

  • يطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف انتهاكاته بحق العمال الفلسطينيين، وتحمل مسئولياته كاملةً بوصفه قوة احتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
  • يدعو السلطة الوطنية الفلسطينية إلى اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية احتراماً لالتزاماتها الدولية الناشئة عن انضمامها للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ومن ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لضمان حماية وإعمال الحق في العمل لجميع الفئات العمالية بما فيهم الأشخاص ذوي الإعاقة. 
  • يطالب الحكومة الفلسطينية بضرورة العودة إلى الأحكام الراسخة في قانون العمل الفلسطيني وتفعيلها، وتعزيز صلاحيات دوائر الرقابة والتفتيش على أصحاب العمل، وضمان حصول العمال على حقوقهم المقررة بالقانون.
  • يذكر السلطة الوطنية الفلسطينية بأهمية تطوير منظومة وطنية للحماية الاجتماعية، واعتبارها على رأس أولوياتها التشريعية، لضمان حقوق جميع الفئات بما فيها العمال في الحصول على إعانات الشيخوخة والإعاقة، والوفاة، وإصابة العمل، والأمومة.

اشترك في القائمة البريدية