في اليوم العالمي للمياه: الإجراءات الإسرائيلية تُبطئ الخطى والجهود لتحقيق الأمن المائي للفلسطينيين


يصادف اليوم الأربعاء 22 مارس 2023، اليوم العالمي للمياه، وهو يوم أقرته الأمم المتحدة في العام 1993 للتركيز على القضايا المتعلقة بالمياه، وربط التقدم بها بجل القضايا العالمية الرئيسة من الصحة والأمن الغذائي والمساواة بين الجنسين والتوظيف، والتعليم، والصناعات، والسلام.

 وتنطلق فعاليات هذا العام بعنوان “تسريع خطى التغيير” لحل أزمة المياه والصرف الصحي في العالم.  فلسطينياً، تظل الخطوات والجهود في الوصول إلى الأمن المائي والتنمية المستدامة بطيئة ً أمام استمرار سياسات الاحتلال الإسرائيلي التمييزية، وسيطرته على 85% من المصادر المائية الفلسطينية، بما فيها أحواض المياه الجوفية الفلسطينية، وموارد حوض نهر الأردن. 

وبات واضحاً، انتهاج إسرائيل نظاماً يكرس الفصل العنصري مائياً، وهي سياسة ترقى إلى جريمةً ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد قدمت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية (الحق، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الميزان) مذكرةً قانونية لمحكمة الجنايات الدولية تناولت الانتهاكات الإسرائيلية المتمثلة في نهب وسلب الثروات الطبيعية الفلسطينية، ووضعت المذكرة أساساً معقولاً يدفع للاعتقاد بأن الاحتلال ارتكب جرائم حرب تتمثل في تدمير ونهب الثروات ومصادرة ممتلكات على نطاق واسع.[1] 

 ويساهم حرمان الفلسطينيين بالقوة من مصادرهم المائية المشروعة وسلبها في الإضرار بجهود التنمية المستدامة، وحقوق المواطن الفلسطيني، وخاصة حقه في المستوى المعيشي اللائق، وحقه في الحصول على مياه صحية وآمنة.  ونتيجة السيطرة الإسرائيلية على المصادر المائية الفلسطينية تقلصت الحصة اليومية للمواطن الفلسطيني من 180 لتراً إلى 82 – 89 لتراً يومياً، وفي قطاع غزة تنخفض حصة الفرد من المياه العذبة إلى 21 لتراً فقط في اليوم، وهو أقل مما أوصت به منظمة الصحة العالمية لحصة الفرد الواحد يومياً والبالغة 100 لتر.  ويشكل معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي ثلاثة أضعاف الفرد الفلسطيني من المياه، إذ بلغت حصة الفرد الإسرائيلي نحو 300 لتر في اليوم، وفي المستوطنات الإسرائيلية يصل الاستهلاك إلى 7 أضعاف استهلاك الفرد الفلسطيني. كما يدفع الاحتلال الفلسطينيين نحو تعويض نقص الموارد المائية من خلال شراء المياه من الشركات الإسرائيلية، لتبلغ الكميات المشتراة 22% من المياه المتاحة للفلسطينيين[2].

وفي قطاع غزة، قوض الاحتلال من قدرات الجهات الحكومية في إدارة ملف المياه، باستهدافه البنى التحتية وشبكات المياه خلال الأعمال العدوانية على القطاع، إضافة إلى فرض القيود على توريد 109 من الأصناف الخاصة بمعدات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في غزة، بحجة أنها مزدوجة الاستخدام[3].  كما يقيم الاحتلال عدداً من السدود المائية على طول الحدود مع قطاع غزة، لمنع الانسياب الطبيعي لمياه الأمطار ووقف جريان الأودية من جبال الضفة الغربية، ما أدى إلى حرمان الخزان الجوفي للقطاع من مصادر تغذيته.    وتقوم سلطات الاحتلال حال امتلاء هذه السدود بفتحها دون سابق إنذار، والتسبب في إغراق منازل المواطنين ومئات الدونمات من الأراضي الزراعية في المنطقة الشرقية لمدينة غزة، كان آخرها بتاريخ 20 مارس 2023، مما أدى لإحداث أضرار جسيمة في منازل المواطنين ومحاصيلهم الزراعية وممتلكاتهم.

ويساهم استمرار الانقسام الفلسطيني بشكل كبير في تراجع أداء الهيئات المحلية والبلدية، وإضعافها أمام تحديات تطوير وتوفير الخدمات بشكل جيد للمواطنين في قطاع غزة، حيث يبقى تحدى عدم التحاق 35% من السكان في القطاع بالشبكة الأساسية للصرف الصحي، عائقاً أمام جهود تحسين الموارد المائية من الخزان الجوفي الساحلي، ووقف ترشيح مياه الصرف الصحي إلى الخزان، الأمر الذي جعل أكثر من 97% من مياه الحوض الساحلي غير متوافقة مع معايير منظمة الصحة العالمية.

وبهذه المناسبة، يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على:

  • ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الحقوق الفلسطينية في تقرير المصير، وضمان تحكمهم بمواردهم الطبيعية، بما في ذلك وصولهم إلى المياه المأمونة والصحية، وإجبار سلطات الاحتلال على وقف سياسة التوزيع غير المتكافئ للمياه، وممارستها نظاما للفصل العنصري المائي.
  • دعوته المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم الإسرائيلية المرتكبة فيما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية.
  • أهمية استخدام أدوات القانون الدولي في انتزاع الحقوق المائية الفلسطينية، ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، وهو ما يتطلب جهداً كبيراً يشترك فيه الجانب الفلسطيني الرسمي ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية الدولية. 
  • ضرورة تجاوز الانقسام السياسي الفلسطيني، وتطوير خطط العمل لإدارة وحوكمة قطاع المياه الفلسطيني، وتحقيق جودة المياه الواصلة للمواطنين في فلسطين وفق عدالة توزيعية.

 

 ————————————————

[1] “منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية تقدم ملفًا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية: التحقيق والملاحقة في أعمال النهب والاستيلاء على موارد الطبيعية الفلسطينية وتدميرها”، 26/10/2018، رابط الكتروني:  https://pchrgaza.org/ar/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%af%d9%85-%d9%85/

[2]  “بيان الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة المياه الفلسطينية” بمناسبة يوم المياه العالمي 22/03/2023، رابط إلكتروني:  https://www.pcbs.gov.ps/postar.aspx?tabID=512&lang=ar&ItemID=4467&mid=3915&wversion=Staging

[3] ورقة حقائق “نظرة عامة على احتياجات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة في غزة 2023” صادرة عن wash cluster Palestine، رابط الكتروني: https://drive.google.com/file/d/1febqU57F-jjHiMKKxaabDeONSiu24Ez-/view

اشترك في القائمة البريدية