خلال ورشة عمل نظمتها مسارات: مناقشة مستقبل القضية الفلسطينية في ظل حكومة بينيت – لابيد

ناقش مشاركون/ات في ورشة حوارية مستقبل القضية الفلسطينية في ظل حكومة بينيت – لابيد، وأوضحوا أن هذه الحكومة مكونة من أحزاب غير منسجمة مع بعضها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الصهيوني، وأنها توحدت على هدف واحد، وهو إنهاء حكم نتنياهو، مشيرين إلى أن هذه الحكومة التي أطلق عليها اسم "التغيير"، لم تحمل أي تغيير تجاه القضية الفلسطينية، بل تمشي على نهج نتنياهو في مجال التوسع الاستيطاني الاستعماري، وفرض الحقائق على الأرض، إضافة إلى اتباعها سياسة تجاه قطاع غزة تقوم على تشديد الحصار عليه، وعرقلة وصول المساعدات وتقليصها، فضلًا عن أنها لم تحمل أي جديد لفلسطينيي 48 رغم وجود مكون عربي ضمن ائتلافها.

وأشاروا إلى أن هذه الحكومة لن تصمد أمام أي ضغوطات، سواء أكانت الضغوطات داخلية ناجمة عن اندلاع انتفاضة أو تصعيد أو حرب ضد قطاع غزة، أو ضغوطات أخرى من أطراف دولية لفتح مسار سياسي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، والتوصل إلى "اتفاق سلام"، ولذلك تركز على تفادي الدخول في القضايا الخلافية بين مكوناتها، موضحين أن إدارة بايدن لن تضغط كثيرًا حتى لا تسقط هذه الحكومة، وذلك لانشغال الولايات المتحدة بملفات أخرى أكثر أهمية من القضية الفلسطيينية، لا سيما الملف النووي الإيراني.

جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بمشاركة أكثر من 80 مشاركًا، من الأكاديميين والباحثين والمختصن في الشأن الإسرائيلي، غالبيتهم من الشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، وذلك في قاعة نيو لفل بغزة، وعبر تقنية زووم.

ورحب كل من د. عماد أبو رحمة، منسق المشروع والمستشار في مركز مسارات، ود. أسامة عنتر، مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت في قطاع غزة، بالحضور، وبكل من هاني المصري، المدير العام لمركز مسارات، وهانس ألبن، مدير مؤسسة فريدريش إيبرت في فلسطين.

وقال أبو رحمة، الذي أدار الحوار، إن هذه الورشة هي الثانية ضمن مشروع "مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التطورات المحلية والإقليمية والدولية"، الذي ينفذه مركز مسارات بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت، وتهدف إلى توفير بيئة حوار ديمقراطي بين الشباب الفلسطيني ونخبة من الخبراء والمسؤولين، حول التطورات على الساحة الفلسطينية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن هذه الورشة مخصصة لنقاش تداعيات تشكيل حكومة بينيت - لابيد الائتلافية على الوضع الفلسطيني، ويشمل ذلك الفلسطينيين في أراضي 48، والعلاقة مع السلطة الفلسطينية، وقطاع غزة، ويطرح ذلك أسئلة عدة، منها: هل هي حكومة تغيير فعلًا كما تطلق على نفسها؟ وهل ستنعكس مشاركة القائمة العربية الموحدة في الائتلاف الحكومي إيجابًا على أوضاع الفلسطينيين في أراضي 48؟ وهل ستشهد العلاقة مع السلطة الفلسطينية انفراجة، سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي أو فيما يتعلق بالمشروع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس؟ وهل سياساتها تجاه قطاع غزة ستكون استمرارًا لسياسات حكومة نتنياهو أم سنشهد سياسات أكثر تشدداً؟

وثمن المصري، في كلمة افتتاحية، الشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت، موضحًا أن هذا البرنامج يتناول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل التطورات المحلية والإقليمية والدولية، ويستهدف الشباب بصورة أساسية، وهم مكون أساسي من المجتمع، ولم يأخذ حقه في المشاركة لا في السلطة ولا منظمة التحرير ولا في القطاعين الخاص والأهلي.

وأشار إلى أن البرنامج يعمل على توفير بيئة حوار ديمقراطي بين الشباب ونخبة من الخبراء والمسؤولين، وإتاحة المجال للشباب للتعبير عن أفكارهم، وبلورة رؤية وطنية شبابية إزاء التطورات على الساحة الفلسطينية وتفاعلاتها الإقليمية، وسبل الخروج من المأزق الراهن.

من جانبه، رحب ألبن بالحضور، وأشاد بالتعاون مع مركز مسارات، ذي التأثير الكبير على الساحة الفلسطينية، موضحًا أن مؤسسة فريدريش إيبرت تسلك منهج الديمقراطية القائمة على العدالة الاجتماعية.

وأضاف: "من المهم معرفة ماذا يجري لدى الطرف الآخر، فهناك الكثير من المعلومات التي لا نعرفها وتوضح لنا ماذا يجري هناك"، مشيرًا إلى أنه "من خلال المتحدثين في الورشة ستكون لدينا القدرة على فهم ما يجري".

وتحدث في هذه الجلسة كل من: عايدة توما، نائب في الكنيست عن القائمة المشتركة، ود. عاهد فروانة، الباحث في الشأن الإسرائيلي، ورازي نابلسي، الباحث في الشأن الإسرائيلي، حيث قدموا مداخلات حول مستقبل القضية الفلسطينية في ظل حكومة بينيت – لابيد.

وقالت توما إن تشكيل الحكومة الجديدة سيكون له انعكاسات على الوضع الفلسطيني، ولذلك من المهم فهم وتحليل مضمون هذا التحول لرسم سياسات مستقبلية إزاء هذه الحكومة. وأضافت: البعض يعتقد أنها حكومة تغيير، ولكن يجب علينا كفلسطينيين أن نقرأها بشكل مختلف، فهي لم تأت بجديد فيما يتعلق بالاحتلال وسياساته الاستعمارية، بل تكمل الطريق الذي بدأه نتنياهو منذ سنوات وستحافظ على هذا النهج. فهي حكومة هجينة ومكوناتها متناقضة، والرغبة في إزاحة نتنياهو هي الأساس لتشكيل هذا الائتلاف.

وأردفت: هذه الحكومة تشكلت بناء على توازن بين مكوناتها المختلفة في آلية اتخاذ القرار، واستحوذت الأقلية اليمينية على رئاسة الحكومة إلى جانب وزارة الحرب والداخلية والقضاء، وهذا يعني أن من يسمون أنفسهم "مركزًا ويسارًا" سلموا بسيطرة اليمين على المفاتيح المركزية للحكم.

وأوضحت توما أن "إحدى الحيثيات المهمة لفهم وجود حزب عربي إسلامي ضمن الائتلاف الحكومي، تكمن في أنه ارتضى أن تكون حدودنا هي حدود المواطنة المفتوحة والرعاية، وأن المعركة على مليار شيكل إضافي، وهي أقل من قيمة الضرائب المدفوعة ... هذه أحد المواطن التي يجب توضيحها حتى لا تستخدم كورقة التوت التي تغطي عورة الحكومة اليمينية المتطرفة".

بدوره، أكد فروانة أن "الهدف الأساسي لتشكيل الائتلاف الحكومي هو إزاحة نتنياهو، وأن وجود الأخير في المعارضة هو الضامن لبقاء الائتلاف الهش". وأضاف: يتبنى بينيت مفهوم تقليص الصراع، وهو قريب من مفهوم السلام الاقتصادي، ويقوم هذا المفهوم على التقليل من مظاهر الاحتلال من دون إنهائه، من خلال تقديم تسهيلات حياتية للفلسطينيين بما يعزز الانطباع بالسيادة الفلسطينية رمزيًا ويقلل التصادم والاحتكاك مع الفلسطينيين، وبخاصة في الضفة الغربية.

وأشار إلى أنه سيكون من الصعب على بينت - المؤيد بقوة للاستيطان اليهودي – الذهاب إلى مفاوضات سياسية مع الفلسطينيين، وأن الإدارة الأميركية لن تمارس ضغطًا على حكومته للعودة إلى المفاوضات تخوفًا من انهيار الائتلاف الهش وعودة نتنياهو.

أما فيما يتعلق بقطاع غزة، فأشار إلى إلى أن حربًا جديدة على غزة ستشكل ضغوطًا على القائمة العربية الموحدة وتهدد بانهيار الائتلاف الحكومي، وأن بينت سيسعى للظهور وكأنه يتبنى سياسات مختلفة وأكثر تشددًا من نتنياهو تجاه غزة، ومؤشرات ذلك التعاطي مع المنحة القطرية، وربط إعمار غزة بعودة الجنود الأسرى، وغيرها من الإجراءات، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى حرب جديدة.

أما نابلسي، فأشار في مداخلته إلى أن تشكيل هذه الحكومة يعكس نوعًا من التسليم الكامل بأن رئيس الحكومة يجب أن يكون من اليمين، بغض النظر عن عدد المقاعد التي يمتلكها حزبه في الكنيست، وأن قبول ما يسمى باليسار الصهيوني بوجود رئيس مجلس المستوطنات سابقًا على رأس الحكومة يمثل اعترافًا بذلك، علما بأن هذا يتطابق مع حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي يتجه أكثر نحو اليمين، بدليل وجود نحو 80 نائبًا في الكنيست ينتمون إلى اليمين بشقيه القومي والديني.

وأوضح أن بينت ليس معنيًا بتقليص الصراع أيديولوجيًا، بل تأجيجه، لأنه ينتمي إلى اليمين المتطرف الذي يسعى لتكريس يهودية الدولة، لذلك يصح الحديث عن تقليص الاحتكاك مع الفلسطينيين، أو تمويه الصراع، للحفاظ على الائتلاف الحكومي وتخوفًا من انفجار الأوضاع، مضيفًا "أن حكومة بينيت ستعمل المستحيل لدفن الملف الفلسطيني، ولن تقبل بالعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين، وأن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي يمكن أن يضغط على حكومة بينيت، ولكنها حاليًا معنية بالملف الإيراني كأولوية، وبالتالي يمكن تجميد الملف الفلسطيني طالما لم يؤد ذلك إلى تصعيد الصراع أو انفجار الأوضاع".

وختم نابلسي بالقول: إن قبول حزب عربي المشاركة في حكومة يمينية مقابل موازنات يمثل خطوة أولى لتحول الفلسطينيين في الداخل إلى وضعية العبيد. فالكرامة أن نعيش متساوين، أي أن تكون الدولة للجميع، وهذا جوهر صراعنا مع الدولة.

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية