في تأصيل مفهوم إعادة الإعمار

بقلم : محسن أبو رمضان

تتكرر مقولة إعادة الإعمار بعد انتهاء اية عملية عسكرية إسرائيلية علي قطاع غزة. لقد تم تنفيذ خلال ثلاثة عشر عاما أربعة عمليات عسكرية عدوانية واسعة على قطاع غزة ( 2008 ,2012,2014).

ورغم أن الرأي العام والإعلام العالمي يفسر ما يحدث بانة حروب الا ان التوصيف القانوني يؤكد بان ما تقوم به دولة الاحتلال بانة  عدوان.

إسرائيل وبوصفها دولة احتلال فرضت  حصارا ظالما علي قطاع غزة واعتبرته منطقة معادية وحظرت دخول العديد من  السلع ومنعت المئات منها  بحجة أنها مزدوجة الاستخدام وامعنت في ذلك من خلال آلية الرقابة التي تبلورت بعد عدوان 2014.(GRM)

ان ردة فعل الشعب الفلسطيني تندرج في إطار الدفاع المشروع عن النفس  وفق توصيف القانون الدولي وذلك من أجل إنهاء الحصار والذي يعتبر عقابا جماعيا  ومن أجل إنهاء الاحتلال وضمان حق شعبنا بتقرير المصير كحق مشروع تكفله الشرائع والمواثيق الدولية .

وعلية فإن إعادة إعمار ما تم تدميره من بنية تحتية ومرافق سكنية واقتصادية يجب أن يتحمل مسؤوليتها  الاحتلال الذي يلحق الضرر ومن واجب المجتمع الدولي إرغامه علي جبر الضرر .

وبالوقت الذي يثمن شعبنا جميع الدول التي تقوم بالتبرع لتنفيذ عملية إعادة الإعمار بوصفة دعما لصمود وتضحيات شعبنا الا انه في ذات الوقت فيجب علي الخطاب الفلسطيني سواء الرسمي او الشعبي(الأهلي والخاص والناتج عن ممثلي الضحايا ) أن ينطلق من مقولة تحميل الاحتلال لمسؤوليته عن الدمار والأذى الذي الحقة ويلحقه  بشعبنا.

أن تحميل المسؤولية للاحتلال  يقتضي بلورة آليات من المسائلة والمحاسبة لما قام بة  من جرائم قد ترتقي الي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عبر استهدافه خلال العمليات العسكرية العدوانية الأربعة الي جانب تداعيات الحصار لآلاف  الشهداء والجرحى والحاقة   لخسائر كبيرة بالبنية الاقتصادية الأمر الذي ادي الي تعطيل ديناميات التنمية في محاولة جادة لتحويل المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة الي مجتمع يعتمد علي الكبونة والسلة الغذائية اي مجتمع اغاثي واستهلاكي يفتقد  لإمكانيات التنمية والإنتاج.

وعلية فبالوقت الذي يجب أن نطالب بتنفيذ عملية إعادة الإعمار وتجنيب هذا الملف النزاعات السياسية الناتجة عن الانقسام من أجل تضميد الجراح واغاثة المكلومين وذلك عبر اقتراح آلية وسيطة ومنها تشكيل مجلس وطني للاعمار  يضم كل أصحاب الشأن من مستويات رسمية سواء من القطاع او الضفة و كذلك  ممثلين عن القطاع الخاص والعمل الأهلي وأسر الضحايا  فعلينا في ذات الوقت تعزيز الخطاب المبني على الحقوق.

أن الخطاب المبني على الحقوق يقضي العودة للأصول حيث مازال الاحتلال هو المسبب الرئيسي للازمات في قطاع غزة وبالتالي علي المجتمع الدولي الزامة بإنهاء الحصار والسماح بحرية الحركة للبضائع والأفراد علي قاعدة أن الحق بالتنمية هو جزء من حق الشعوب في تقرير المصير.

ان أولوية المطالبة بتنفيذ عملية  اعادة الإعمار يجب أن يترافق بالضرورة مع خطاب الحقوق الذي يرمي الي مسائلة ومحاسبة الاحتلال علي جرائمه المستمرة بحق شعبنا ليس فقط بقطاع غزة ولكن ايضا بالضفة الغربية من خلال  الاستيطان ومصادرة الأراضي والسيطرة علي أحواض المياه وغيرها من الممارسات التي تؤدي بالضرورة الي تراجع معدلات التنمية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة .

لقد بات من الضروري قيام منظمات حقوق الإنسان وغيرها من منظمات المجتمع المدني العمل علي بلورة ملفات  تدين ممارسات الاحتلال بالجانب الاقتصادي الي جانب الملفات الأخرى بهدف مسائلته امام محكمة الجنايات الدولية وغيرها من  المحافل الحقوقية والدولية .

من الهام أن تبقي منظمات المجتمع المدني متمسكة بخطابها المبني علي الحقوق بما يخص مسألة إعادة الإعمار الي جانب مساهمتها بتضميد الجراح وتعزيز الصمود عبر تقديم ما تستطيع من خدمات للمتضررين  بالإضافة إلي تقديم مقاربات وحدوية لتخطي عقبة الانقسام ومنها تشكيل مجلس وطني لإعادة الإعمار يضم الجميع بلا استثناء كمرحلة أولى علي طريق إجراء الانتخابات الشاملة في ظل إشراف قيادة وطنية موحدة ينبثق عنها حكومة وحدة وطنية.

اشترك في القائمة البريدية