في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني: الميزان يطالب المجتمع الدولي بالتحرك الجدي لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير

يصادف الأحد الموافق 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (ب40/32) في العام 1977، وهو اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم رقم (181) في العام 1947.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يذكر المجتمع الدولي بالظلم والمأساة التاريخية التي لحقت بالشعب الفلسطيني طيلة سبعة عقود، فإنه يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير والعودة إلى دياره التي هجر منها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك حقه في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة أسوة بشعوب الأرض وتطبيقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة.

وبعد مضي نحو (23) عاماً على إقرار الأمم المتحدة يوماً عالمياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يبدو الشعب الفلسطيني أبعد ما يكون عن نيل حقوقه المشروعة ولاسيما حقه في تقرير مصيره والعودة، فدولة الاحتلال تشعر بالحصانة وتمضي قدماً في تطبيق سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري، وتواصل تشريد الفلسطينيين عن أراضيهم والاستيلاء عليها وإخلائهم من منازلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وسط صمت المجتمع الدولي.

ففي الضفة المحتلة بما فيها القدس، عمدت قوات الاحتلال إلى فصل الأحياء السكنية الفلسطينية، عن المدينة المحتلة، واستولت على الأراضي ومصادر المياه وأنشأت ووسعت المستوطنات وأقامت الجدار العازل؛ ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء في الضفة الغربية المحتلة ومست بجملة حقوق السكان ولاسيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي غياب المحاسبة تستمر الحصانة التي تتمتع بها دولة الاحتلال، الأمر الذي شجعها على المضي قدما في سياسة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، كتنفيذ عملي لما يسمي بصفقة القرن، وهي تمضي في مخططات الاستيلاء على الغور والمدينة القديمة في الخليل ومدينة القدس.

وتكرّس قوات الاحتلال أجواء من التخويف والترويع للمدنيين الفلسطينيين، عبر استخدام قواتها للقوة المفرطة والمميتة  بحق المدنيين، وتوفيرها الحماية والغطاء للمستوطنين المتطرفين ليواصلوا اعتداءاتهم شبه اليومية على المدنيين وممتلكاتهم، فيقتلعون ويحرقون أشجار الزيتون المعمرة، وفي حال فكر الفلسطينيون في الدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم، تعتقلهم تعسفياً وتزجهم في السجون باستخدام قانون الاعتقال الإداري الذي يتعارض مع أبسط مقومات العدالة، بل وأصبحت تسعى لإخراس كل صوت يفضح انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة حول العالم.

ولاشك في أن دعم الإدارة الأمريكية المفضوح يشجع الاحتلال على تصعيد انتهاكاته. وتسعى الإدارة الأمريكية إلى معاقبة كل من يفكر في انتقاد أو محاسبة سلطات الاحتلال ومسئوليها على ما يقترفونه من انتهاكات، بما في ذلك فرض العقوبات على مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ومساعديها، ومحاولة وسم منظمات حقوق الإنسان باللاسامية ووضعها على قوائم الإرهاب ومحاولة ملاحقتها وتجفيف منابع تمويلها، في تناقض تام مع القانون الدولي والأسس التي قام عليها النظام الدولي.

وفي قطاع غزة، تواصل قوات الاحتلال حصارها الذي فرضته على قطاع غزة منذ أكتوبر 2000 وشددته في عام 2007 ليصبح خانقاَ، وتقوّض تداعياته أسس الحياة في قطاع غزة، وهو يستمر ويتسامح المجتمع الدولي مع استمراره، بالرغم من كونه عقاب جماعي يشكل انتهاكاً جسيما لقواعد القانون الدولي.

ويشهد قطاع غزة تدهوراً غير مسبوقاً في أوضاعه الإنسانية، حيث تشيع البطالة والفقر، ويفتقد السكان لأبسط مقومات الحياة في ظل تلوث البيئة بما فيها المياه، وتدهور الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والسكن وخدمة تزويد المنازل بالتيار الكهربائي.

ويحرم الحصار القطاعات الحيوية والاقتصادية من النمو والتطور بما يمكنها من تلبية حاجات البشر، الأمر الذي تظهر آثاره جلية على واقع خدمات الرعاية الصحية، في ظل عجزها عن الاستجابة لتحدي فايروس كورونا (كوفيد 19).

هذا وتواصل قوات الاحتلال استهداف الأعيان المدنية والمصادر التي لا غنى عنها لحياة السكان، من خلال التدمير المنظم للمنشآت الصناعية والتجارية وتجريف الأراضي الزراعية وإتلاف المزروعات بالتجريف أو برشها بالمواد الكيميائية السامة من الجو، الأمر الذي قوض من أسس الاقتصاد الوطني وأفقد عشرات آلاف الأسر مصادر دخلها وحولها إلى أسر معوزة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يدعو المجتمع الدولي ولاسيما الدول التي تدعي الدفاع عن قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، إلى تحرك فاعل على الأرض لضمان صون واحترام منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وأن تضمن احترام قراراتها ولاسيما ميثاقها في هذه المنطقة من العالم.

كما يؤكد مركز الميزان على مسؤولية المجتمع الدولي تجاه المدنيين الفلسطينيين، وأن المعاناة التي لحقت بالشعب الفلسطيني هي نتاج تقاعسه عن الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، حيث لا يعقل في العصر الحديث أن يبقى الشعب الفلسطيني وهو الشعب الوحيد في العالم الذي ما يزال يرزح تحت الاحتلال.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد دعوته المجتمع الدولي، لاسيما الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف بالتحرك العاجل لوقف جرائم الحرب الإسرائيلية، وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والعمل الجاد من أجل تمكين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه أسوة بشعوب الأرض واحتراماُ لقواعد القانون الدولي.

اشترك في القائمة البريدية