منظمات المجتمع المدني: الإطلالة كما المسؤولية... تاريخية



كتب: رفعت صباح


تاريخياً، منذ نشوء مفهوم المجتمع المدني، لم تتخل منظمات المجتمع المدني عن دورها في إسناد المجتمعات، وتحديدا ًالشرائح المسحوقة، لتضطلع بمهمة الدفاع عن الضعفاء والمهمشين، والوقوف في وجه أي محاولة للتعدي على حقوق الإنسان وكبت الحريات العامة، فكان أن كان من رموز تلك المؤسسات مناضلون عالميون؛ منهم من دفع حياته ثمنا للدفاع عن حرية الآخرين وحقهم في الحياة الكريمة، ومنهم مناضلون اختفوا قسرا لعشرات السنين، وآخرون فقدوا مصدر رزقهم دفاعا عن مواقفهم، ناهيك عمّن حرموا من حريتهم في الحركة، والوظيفة لمجرد الدفاع عن الضعفاء ورفع الصوت بحقوقهم، بعضهم لم يتقاض راتباً، ولم يحظ بامتيازات، بل دفعوا وأهلوهم ثمناً باهظاً من سمعتهم وشرفهم، كما أن هناك نساء مناضلات في بعض الدول كنّ ضحايا تعذيب وتشهير لمجرّد مطالبتهنّ بحقوق النساء، وهنّ في غالبيتهن من الفقراء والمعوزين.


هم استثناء الفعل والموقف، فقد آمنوا بقيمهم، وبحق الناس في العدالة، وحتى حين أغلقت مؤسساتهم، أو حيل بينهم وبين مصادر رزقهم؛ لم يتوقفوا- بمن فيهم أولئك الذين هاجروا خوفاً من الاضطهاد- ليواصلوا الدفاع عن الناس ضد الظلم، فجابوا الأرض بشرقها وغربها، رغم أن مجرّد وصفك ب" ناشط حقوقي" مدافع عن الحقوق، أو حتى حالم بها كفيلا بجعلك عرضة للاستهداف باعتبار أنك تجاوزت الخطوط الحمراء، ولذا؛ كان منع التجمهر، أو حتى محاولة الدفاع عن عائلتك وهي تتعرض للاعتداء من سمات ما ارتبط بالتضييق على المطالبين بالحريّات.


جاءت منظمات المجتمع المدني لتشكل جبهة ضاغطة، وائتلافاً موحداً، لتكون بمعية الأحزاب والنقابات على قدر من الاستعداد لامتلاك مساحة للدفاع عن الحقوق، لنشهد اتساع موجة انتشار منظمات المجتمع المدني في شتى أنحاء الأرض، وهو انتشار لم يكن ليتاح لولا ما أشرت إليه آنفا من تضحيات ومعاناة؛ لنساء ورجال آمنوا بكرامتهم، ورفعوا أصواتهم احتجاجا، ومع اتساع موجة الانتشار؛ تبلور دور منظمات المجتمع المدني.
في قطاع التعليم؛ تبلور دور منظمات المجتمع المدني في اتجاهات ثلاثة، وهي:


-الأول: العمل للتأثير في السياسات، لتكون السياسات، أو التشريعات، أو القوانين ملائمة لاحتياجات الناس وحقوقهم؛ خاصة أولئك الذين نعتبرهم مهمشين وضعفاء، أو تلقائيا من يقطنون مناطق تعتبر" مهمشة"، مثل الريف ومناطق البدو، أو المهجرين واللاجئين.


- الثاني: بناء قدرات الناس ليستطيعوا رفع الصوت عاليا للمطالبة بحقوقهم، وهؤلاء كثر سواء أكانوا معلمين أو طلبة أو الأهالي أو عمالا، أو نساء، أو شبابا، وغيرهم...


-الثالث: تقديم خدمة للفئات غير المدرجة في قائمة اهتمام الحكومة، كمجموعات الطلبة الذين يعانون من مشكلات أو صعوبات تعلم، أو الأشخاص ذوي الإعاقة بكل أنواعها او المناطق البعيدة مثل مناطق البادية وغيرها


كان من المفترض أن يتم تأطير التوجهات السابقة للدور المفترض لمنظمات المجتمع المدني، لكن هذه المنظمات نحت منحى آخر، وهو القيام بما يجب أن تقوم به الحكومات، مع أن دور المجتمع المدني يجب ألا يحل مكان الحكومة في تقديم الخدمات، مثل تدريب واسع للمعلمين او يناء مدارس ، وإنما يقتضي أن يتمثل دور منظمات المجتمع المدني هو تبني آليات تحقق من أن المعلمين يتلقون تدريباتهم بطريقة جيدة، ويحصلون على حقوقهم بالشكل اللائق، وهنا يأتي دور منظمات المجتمع المدني مع النقابات،فالتخصص في العمل داخل المجتمع المدني مهم، ويساعد على التنسيق البنّاء، ولعلّ عدم الإبقاء على مسافة كافية جعل المجتمع المدني يذهب باتجاه القرب من الحكومات والوزارات والتقارب معها، وقد يكون مرد ذلك التشابه في طبيعة البرامج القائمة على التعامل المباشر مع الفئات المستهدفة، والتي تفترض موافقة الوزارات على تدخلات المؤسسات، ولهذا فعمليات النقد للحكومة كانت محسوبة ومقننة، وهو ما عززته مؤسسات دولية وصل بها الأمر لأن ترهن أي تمويل بموافقة الوزارة ذات الاختصاص.


وجدت المنظمات نفسها مقيدة، ما فرض على كل مؤسسة العمل انطلاقا مما تحوزه من علاقة طيبة مع الجهة المعنية، وهو ما عزز أن تعمل كل مؤسسة منفردة، في محاولة لتسويق أنشطتها  بطريقتها، واعتمدت المؤسسات على علاقاتها مع الإعلام وبذا رأت كل مؤسسة نفسها أفضل من المؤسسة التي تنافسها، وهو ما عزز الفردية على حساب المردود الجماعي، ليظل تأثير عمل المؤسسات محدودا، بل وعاجزا عن إحداث الأثر المطلوب في الأزمات، فالمشهد عرضة للارتباك في أي أزمة، ومن الأمثلة على ذلك كثيرة ؛ ما شهده الاجتياح الأول، حين حاول بعض هذه المؤسسات الظهور بمظهر القادر على إحلال نفسه محل الدولة والأحزاب وحل مشاكل الناس، ووضعت لنفسها توقعات أكبر من قدرتها، أو خارج نطاق قدرتها وبما تجاوز الأهداف التي أسس المجتمع المدني  من أجلها.


إذاً، بنت المؤسسات إستراتيجياتها وفق توقعات أنشطة وضعتها لنفسها، ظانّة أن بعض الترتيبات هنا وهناك، أو نشر يافطات، أو الاحتفال بمناسبات كفيل بأن يجعلها تؤثر فعليا في المشهد، محاولة إيهام نفسها بأنها حققت ما رصدته من توقعات، متناسية أن المحك الحقيقي كامن في الاختبارات الفعلية التي تتطلب جهدا محكوما بالعمل الجماعي لا الفردي، ومن خلال بناء الأمل بالتغيير لا التوقعات، فمن يبني خططه على التوقعات سيكون من الصعب عليه النهوض في حال السقوط ، أما من يبني إستراتيجيته على الأمل؛ فسرعان ما ينهض من جديد، ووحدة الرؤى هي التي تؤسس لحركات اجتماعية تستمر وتتطور، لأنها تكون مبنية على إيمانها بالناس، وحقهم في الحياة وكرامتهم، ولهذا ظل أفرادها فاعلين تاريخيا حتى حين عُذّبواأو سجنوا، أو ضيّق عليهم.


هذه المواقف من الثبات، وسمت أداء منظمات المجتمع المدني حين كانت هناك ضغوط ترتبط بالتمويل، وبشكل عام، لم يستطع المجتمع المدني تطوير نفسه عندما ذهب للتدخل بكل شيء والانجرار إلى حالة التمويل الموجودة واتجاهاتها، ولذا عانى في بعض مفاصله- ولا أعمم- من ضعف الحوكمة والتنسيق الداخلي، وقلة الشفافية، وغلبت على قيادته روح الاستحواذ والسيطرة ليستخدم كل الأساليب للإبقاء حالة علاقات القوة كما هي، وهو ما أضعف الجماعي، فالغلبة كانت لقوة نفوذ هذه المؤسسة أو تلك؛ ما انعكس بالتالي على مردود المؤسسات، وعلى النهج الديمقراطي في عدد منها، وشهدنا تأسيس شبكات صحية وزراعية وتعليمية وشبابية وبيئية ونسائية، سيطرت عليها قلة متنفذة، وحتى الشبكات العامة التي جمعت الكل تحت مظلتها وكان يفترض أن تكون الحارس الأمين تبيّن مع الأزمات أنها هشّة إلى حد كبير، والأسباب المؤدية إلى ذلك كثيرة.


لو أخذنا المؤسسات التعليمية وهي بالمناسبة محدودة، وتغلب عليها صفة تقديم الخدمات، وكثير منها يعمل بشكل جزئي مع الطلبة والمعلمين والأهالي على قضايا خاصة بالتعليم، منها ما هو موجود قبل مجيء السلطة، ومنها ما وجد بعد مجيء السلطة استجابة لحاجات معينة، ومنها ما جاء استجابة لحالة من التمويل. وبغض النظر عن سبب وجودها؛ جرت محاولات حثيثة لتجميعها في سياق شبكات تنسيق، كان منها محاولتان للتنسيق التربوي  لتجميع المؤسسات في سياق جهة تنسيقة تعليمية واحدة، إلا أن هذه المحاولات فشلت، لتتقوقع كل مؤسسة على ذاتها، بل إن بعض المؤسسات ونتيجة فشل جهد التنسيق؛ أصبحت عدائية لفكرة أو تكون في سياق شبكة ومنها أشخاص أو مؤسسات كانت مبادرة سابقا في الدفع باتجاه تقوية الشبكات والتنسيق بينها، وفي الحقيقة أن التوجه للتفرد غلب بشكل عام على هذه المؤسسات، لتعزل كل مؤسسة نفسها، وفي الوقت ذاته؛ ظهر قصر نفس عند من حاولوا تشكيل تحالفات أو تجمعات، لأنهم طوروا خططهم على توقعات وضعوها لأنفسهم، أو بناء على وجود فرص للتمويل، ولذا سرعان ما كانت أول عقبة سببا في نكوصهم، ليغلقوا باب الاجتهاد في هذا الشأن.
ثمة أمل بالنجاح، وهو ما تحقق عبر الائتلاف التربوي الذي لم يأت من فراغ، وجاء تتويجا لمحاولات عدّة؛ لتأسيس شبكات، ليؤسس الائتلاف بعد انطلاقه عام ٢٠٠٧ لرؤية ولحركة تنويرية تربوية عبر رسالة محددة، وخلق بيئة تربوية صحيحة، بمراعاة أن  تأسيس حركة تربوية لا يقف عند عضوية المؤسسات، بل على قدرة هذه الحركة على ضم أفراد ونقابات واتحادات في عضويته، وبناء علاقة مع الأحزاب السياسية أيضا، والإيمان بأن مؤسسة الائتلاف في حال رهنت ذاتها بالتمويل ستفشل، وستفقد قوتها وحيويتها، إذا غدت رهينة أجندات التمويل.


في خضم المراجعة يجدر القول إن التأثير على السياسات، لا يتحقق عبر تنظيم نشاط هنا وهناك، بل يتطلب جهداً مؤسساً له، وعبر حركة اجتماعية تربوية يؤمن أعضاؤها بالفكرة، وبحق الجميع في تعليم مجاني وإلزامي؛ بتعليم حيد النوعية لا يستثني أحدا، فالاتفاق على الفكرة وتسخير كل مقدرات المؤسسات والأفراد والنقابات لخدمتها كفيل بتحقيق الرؤى، والحركة الجمعية الواعية والناضجة وحدها كفيلة بتغيير السياسات، والتأثير في مضمون ومحتوى ما نتعلمه.


نعم، هي فرصة لاستعادة القيم، فتعزيز روح التضامن مع المستضعفين والمحرومين والمظلومين، والإيمان بحقهم وحده القادر على تحريك الناس للالتفاف حول المطالب، وواهم من ظنّ أنه بمقدور مؤسسة وحدها تعزيز رقابة شعبية على مخرجات التعليم، وعلى مدخلاته، فالرؤية المجتمعية للتعليم ضرورية لنستطيع إجبار أصحاب القرار على تغيير مسارهم.


إذا آمن الناس برؤية كانوا شركاء في صياغتها، فإنهم سينخرطون آنذاك بشكل نشط في التدقيق على مدخلات التعليم ومخرجاته، ولن تستطيع قلّة التحكم في المصير، فالشراكة المجتمعية في تكوين معنى التعلم تجعلهم منخرطين في كل تفاصل العمليةالتعليميةالتعلمية، ولن يكون بمقدور أي جهة حينها التفرد في صياغة الأفكار نيابة عن الناس.


نحن أحوج ما نكون إلى شراكات متعددة لنستطيع التغيير، فالشراكات تحمي الناس، وتبعد الاستفراد بالمؤسسة، وتحميها من تأليب الناس عليها، أو قلب الرأي العام ضدها، وستكون الحكومات حذرة جدا، وتفكر مليّا قبل الإقدام على أي خطوة، خاصة حين تدرك أن الحركات الاجتماعية قادرة على إبقاء جذوة التفاعل بين الناس في البلد الواحد.


أقول البلد الواحد، وأستحضر غزة كحالة؛ إذ زادت أزمة كورونا من أهمية تدارك ملاحظات كانت موجودة أصلا قبل الأزمة؛ فيما يختص بأهمية مراجعة واقع التكامل ين مؤسسات المجتمع المدني، أو حتى التحقق من كون برامجها تركز على تدخلات تتجاوز الأنشطة النمطية، فما تعكسه المعطيات عن غزة؛ تتطلب حراكا وتكاملا وجهدا عمليا للارتقاء لمستوى التحديات في ظل محدودبة الإمكانيات، والحراك المعني هنا هو حراك مدني يؤسس لتجاوز التفكير  بنشاط هنا أو هناك، وبإمكان وحدة الجهود من مؤسسات المجتمع المدني خلق حالة تضامن وطني وإقليمي ودولي، فتدريب المعلمين مثلا نشاط، لكن هل يأخذ مداه ومعناه في ظل الافتقار حتى لبنية تحتية مناسبة؟ واستحضار غزة كحالة إنما يعزز أهمية الانتصار للمراجعة والتأمل لواقع كان موجودا حتى قبل كورونا، لتأتي أزمة كورونا فارضة أهمية لوجود مثل هذه المراجعة.


في غزة مجال رحب للتأسيس لواقع أكثر فاعلية من الحضور لمردود ما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني، وسط ارتفاع متنام في حالات العجز والحالات النفسية والاجتماعية على المدى الطويل، مع ارتفاع نسبة البطالة هناك بشكل مقلق ومن  43٪ في عام 2018 إلى حوالي 47٪ في الربع الثاني من عام 2019، إذ بلغت البطالة بين الشباب 64٪، وهو ما يفرض على الكل الفلسطيني بمن فيهم مؤسسات المجتمع المدني محاكمة برامجهم من منظور احتياجات سوق العمل والتدريب المهني.


كثيرة هي المؤسسات العاملة في مجال الصحة النفسية والإرشاد، لكن السؤال المطروح هل وحدّت تلك المؤسسات جهدها لبناء برنامج موحد للتصدي لما يشهده القطاع من زيادة اللجوء إلى آليات التكيف السلبية والضارة من جانب الفئات الضعيفة وخاصة الأطفال؟ وهو ما يعبر عنه ارتفاع معدلات التسرب من المدرسة، وعمالة الأطفال وزواج الأطفال ، وحوالي 270.000 طفل يعانون من شدة أو معتدلة أو شديدة أشكال خفيفة من الاضطرابات النفسية جاءت أزمة كورونا لتعظم من هذه المشكلات وتترك 1,430000  طفل خارج المدرسة 34% منهم في غزة موجودين في ما يقارب 737 مدرسة تم إغلاقها، ولا ننسى رياض الأطفال التي يبلغ عددها 685 التي يعمل في إطارها 2750 إداريا، هم أصلا متعبون جراء الأزمات المتلاحقة التي عصفت بهم, ولا يمكن  لمؤسسة منفردة ان تغطي احتياجاتهم وإنما يتطلب الأمر عملا جماعيا.


نظريا؛ كثيرة هي مؤسسات المجتمع المدني العاملة في القطاع، لكن عمليا كل مؤسسة تعمل في اتجاه، لتظل مشاكل من قبيل عدم ملاءمة الأبنية المدرسية، وعدم وجود موازنات تشغيلية للمدارس، وارتفاع أعداد الطلبة في الغرفة الصفية، لتظل هذه المشاكل حاضرة وغير مدرجة على أجندة أي مؤسسة؟ السؤال: لماذا؟ والسؤال الأهم: كيف يمكن توحيد خطط المؤسسات لتكون في إطار تدخلات هادفة وعملية.


هي رؤية لا تنفصم عن المشهد العالمي، فوجود الحركات الاجتماعية الفاعلة يؤسس للتضامن مع الآخرين في بلدان مختلفة، ما يتيح بناء علاقات احترام ومساندة، وبذا تنمو الحركات لتكون إقليمية ودولية، ولعل ما نعيشه حاليا من أزمة عابرة للحدود يفرض علينا الاهتمام بالحركات والائتلافات والقوى العابرة أيضا للحدود، وهذا ما يجب أن يعكس ذاته على الرؤى والاستراتيجيات.


قد أكون أطلت لكن التوصيف للحالة التاريخية كان ضرورة، لبيان أن العمل لم يكن يوما بمنأى عن الأزمات، فالأزمات جزء من حالة، وهي لا تدخل العمل في دائرة الاستحالة، ما يعطّل وتيرة العمل هو وجود أزمة في القناعات، وفي الاستعداد للعمل موحدين وبشراكة، هذا هو المعطّل غير المرئي تماما كالفيروس غير المرئي، فهل نستخلص العبر والدروس لتجاوز الكثير مما علق بعمل بعض المؤسسات من سلبيّة التعاطي؟ وهنا أقول بعض ولا أعمم، فلنا في تجربة الائتلاف التربوي ما يمكن البناء عليه، والانطلاق منه، خاصة وأن الأزمة الراهنة ستفرض على مؤسسات المجتمع المدني توسيع نطاق عملها ومجالاته للاستجابة لما أملته الجائحة من تحديات، فمسؤولياتها باتت تاريخية.
تمكين مؤسسات المجتمع المدني تمكين للاستقرار، فهل تعي الحكومات ذلك؟







اشترك في القائمة البريدية