جمعية المرأة العاملة تطالب بتكثيف الجهود لوضع حد للعنف الممارس ضد النساء الفلسطينيات

في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، يصادف الحملة  الدولية "الستة عشر يوماً" لمناهضة العنف ضد النساء، وهو اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة في ديسمبر 1999 سعياً منها لوضع حدٍ للعنف الممارس بحق النساء في مختلف أنحاء العالم، ودعت فيه الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى زيادة الوعي لهذه الظاهرة الخطيرة التي تتزايد بشكل يومي.


ويحل هذا اليوم في وقت تتواصل فيه معاناة النساء الفلسطينيات المستمرة منذ النكبة عام 1948 والتي اقتلعت الحركة الصهيونية شعبنا من أرضه وحولت ثلثيه الى لاجئين ولاجئات، ويستمر العنف الممارس من قوات الاحتلال والمستوطنين الذي يترك آثاراً كارثية على شعبنا عموماً، وعلى النساء والفتيات خصوصاً بفعل ممارسات الاحتلال والانتهاكات التي يقترفها على نطاق واسع بحق المواطنين/ات، فقد شهد العام 2016 اعتقال أكثر من 68 مواطنة بينهن 13 طفلة و13 امرأة منهن جريحات برصاص الاحتلال، يأتي ذلك فيما تتواصل معاناة الأسيرات في سجون الاحتلال منذ لحظة اعتقالهن حيث يتعرضن للضرب والإهانة والشتم، كما تتصاعد عمليات التضييق على الأسيرات في مراكز التحقيق؛ وتمارس بحقهن شتى أساليب العنف والتحقيق النفسية والجسدية، وخلال العام الحالي استشهدت 17 امرأة وطفلة على الحواجز العسكرية التي ينشرها الاحتلال في الارض الفلسطينية، وقد تم احتجاز جثامين عدد منهن، بالإضافة الى سياسات العقاب الجماعي ضد شعبنا في قطاع غزة عبر الحصار والقتل والتدمير الممنهج ، وكذلك تصعيده لعمليات تهويد القدس ومصادرة الأراضي وهدم البيوت دون أن يحرك المجتمع الدولي والمنظمات الدولية أي ساكن، ولم يطالب دولة الاحتلال بوقف عنفها وعدوانها الممارس ضد المواطنات والمواطنين الفلسطينيين، وفق آليات المحاسبة الدولية من أجل إحقاق العدالة والأمن الانساني.


وقد أشارت كافة المعطيات الاحصائية والاجتماعية الى العلاقة الجدلية بين العنف العسكري الاستعماري والعنف الممارس ضد النساء من قبل المجتمع المحلي، الذي يمارس أشكالاً مختلفة من العنف الجسدي والنفسي بحق النساء بفعل الموروث الثقافي والاجتماعي في مجتمع أبوي ذكوري يطغى فيه النظام العشائري على احترام وسيادة القانون، خاصة فيما بتعلق بقضايا النساء والعنف الأسري، حيث قتلت 8 نساء في الأراضي الفلسطينية وبظروف غريبة ومختلفة منذ مطلع العام الحالي وحتى تاريخ 30-10-2016.


 ويستدل من احصائيات لجمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية زيادة أعداد النساء المعنفات اللواتي توجهن للجمعية خلال العام 2016 الى(325) امرأة، في حين بلغ عددهن  (243) خلال العام الماضي، وقد ركزت هذه الاحصائيات على العنف الأسري والجسدي.


وفي هذا اليوم وكما في كل يوم تطالب جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية كافة المؤسسات الرسمية والحقوقية بضرورة العمل الجاد والضغط من أجل إقرار قوانين عصرية تلبي حاجات النساء وتوقف التعامل معهن باضطهاد، وكذلك وقف العمل بالقوانين الحالية البالية، والتي تعطي شرعية بصورة مباشرة وغير مباشرة لممارسة العنف من خلال النصوص الموجودة فيها لانها تشرعن التمييز ضد المرأة،كما تطالب بضرورة تعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية ومواقع صنع القرار.


 وتدعو الجمعية الى ضرورة موائمة التشريعات الفلسطينية وبشكل خاص القانون الأساسي وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات مع جوهر ومضامين اتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي صادقت عليها فلسطين في نيسان 2014.


كما وتطالب بدسترة حقوق النساء بدون تجزأة وتأويل على قاعدة المساواة التامة، وضرورة تشكيل هيئة رقابية ضد التمييز المبني على النوع الاجتماعي كمبدأ ونص دستوري لجسر الهوة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي لها على الواقع اليومي للنساء والفتيات.


وتؤكد الجمعية على  ضرورة سن مسودة قانون حماية الأسرة من العنف، بالإضافة إلى إحداث تغييرات في المنهاج وفي كافة الأدوات الثقافية التي تشكل الوعي والخطاب المجتمعي فيما يتعلق بمكانة وحقوق النساء بما يضمن مناهضة كافة أشكال التمييز والعنف والإقصاء والتهميش، وضرورة تكريس المبادئ الديمقراطية والانسانية التقدمية. وفي هذا المسار لا بد من التزام فلسطين بعمل مسوحات واحصائيات دورية كل خمس سنوات عبر جهاز الاحصاء المركزي، لبناء وتطوير سياسات لمعالجة العنف وتخصيص موازنات حكومية للنساء المعنفات،وكذلك وضع سياسات لإنشاء بيوت آمنة لها صفة الاستدامة في مختلف المحافظات وتخصيص موازنات لهذه البيوت وتأهيل كادر مؤهل للعمل فيها.


وتشير الجمعية إلى أن المرأة الفلسطينية لا تزال تعاني من انتهاك حقها في الحياة، ذلك الحق الذي اعترفت به كافة الأعراف والديانات السماوية، وأقرته الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكفله القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003، حيث ترتكب سنويا جرائم قتل للنساء الفلسطينيات على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة "، رغم صدور المرسوم الرئاسي الذي يعتبرها جرائم يجب أن يعاقب عليها القانون عبر الغاءه العمل بالمادة 340 التي تعطي عذراً محلاً للمجرمين الذين يمارسون قتل النساء والفتيات، الأمر الذي يتطلب سن فوري لمسودة قانون العقوبات الفلسطيني الذي توافقت عليه كافة الأطراف.


كما وتطالب الجمعية الرئيس محمود عباس بإنصاف النساء وحماية حقهن في الحياة من خلال إصدار مراسيم وقرارات لتعديل عدد من المواد القانونية، لحين استعادة المجلس التشريعي لدوره بإيجاد قوانين جزائية فلسطينية تحقق للإنسان الفلسطيني إنسانيته وكرامته وتوحِد بين شطري الوطن،متمنية تحقيق المصالحة الوطنية بأسرع وقت ممكن حتى تتمكن المؤسسة التشريعية من ممارسة دورها الفاعل في إقرار القوانين والتشريعات التي تلائم وتخدم قضايا المجتمع بكافة فئاته.


وتؤكد جمعية المرأة العاملة، أن المرأة الفلسطينية لا تزال تواجه أشكالاً متنوعة من العنف والاضطهاد،فهي تواجه عنف من المجتمع الذي يحرمها من حقها في المشاركة في الحياة العامة بشكل متساوي مع الذكور رغم كفائتها وتفوقها العلمي ويحرمها من حقها في الميراث والملكية التي تعزز مكانتها الاقتصادية والاجتماعية، وعنف من الاحتلال الذي يحاول القضاء على عطاءها ومصادرة حياتها.


وعليه فإن الجمعية تطالب كافة الجهات الدولية والوطنية بتوفير الأمن الانساني ووقف التمييز ضد المرأة على قاعدة القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وبشكل خاص اتفاقية "سيداو" وقرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بأمن وحماية النساء تحت الاحتلال، وفي مشاركتهن في صنع القرار على قاعدة المساواة.


كما تعاهد نساء فلسطين على المضي قدماً في النضال من أجل الحرية والعدالة والمساواة.


 

اشترك في القائمة البريدية