خلال مؤتمر نظمته الجمعية الوطنية: المطالبة بموائمة القوانين الفلسطينية للمواثيق الدولية الخاصة بالكرامة الإنسانية

أوصى إعلاميون وحقوقيون ونشطاء، بضرورة العمل على تطوير التشريعات والقوانين المحلية الفلسطينية، لتصبح أكثر موائمة مع التشريعات الدولية، التي تتطور باستمرار، بما يضمن الحفاظ على الكرامة الإنسانية، وضمان أقصى درجة ممكنة من صيانة حقوق الإنسان.


 وأكد مشاركون على ضرورة العمل على أهمية صون وحماية الكرامة الإنسانية، وضمان عدم تجاوزها من قبل السلطة التنفيذية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.


جاء ذلك، خلال مداخلات وأوراق عمل، قدمها مشاركون ضمن فعاليات مؤتمر بعنوان "الحق في الوصول للخدمات الأساسية، ومدى اتساقه مع معايير الكرامة الإنسانية"، والذي نفذته الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون بمحافظة رفح، ضمن فعاليات مشروع "ضمان الكرامة الإنسانية، وتعزيز الوصول للعدالة، للفئات الهشة في جنوب قطاع غزة - كرامة"، بدعم من "سواسية" البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة تعزيز سيادة القانون: العدالة والأمن للشعب الفلسطيني.


وانقسمت فعاليات المؤتمر إلى جلستين، شارك فيهما كلاً من: المحامي سعيد عبد الله، والمستشار سلامة بسيسو، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وغسان أبو حطب، مدير مركز دراسات التنمية بجامعة بيرزيت، والدكتورة ميرفت حجازي، والأستاذ عبد المنعم الطهراوي، مدير البرامج في مركز الديمقراطية وحل النزاعات، والدكتور أسامة عنتر، مدير مؤسسة "فريد ريش إيبرت" الألمانية في قطاع غزة.


الافتتاح


افتتح المؤتمر د. إبراهيم معمر رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون، متحدثاً عن أهمية المؤتمر والغاية من تنظيمه في مثل هذه الظروف التي يمر بها ابناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.


واعتبر معمر أن مؤسسات المجتمع المدني وجدت في الأصل لخدمة المجتمع، ويقع عليها التزاماً أخلاقياً بالعمل من أجل احترام حقوق الإنسان وصون كرامته باعتبارها محورا رئيسيا في جميع الديانات السماوية. معتبراً أن كرامة الإنسان تمثل قيمة للذات الانسانية كقيمة مترسخة في الشخص كونه انسان بغض النظر عن أصله وجنسه وعمره وحالته. وكرامة الانسان قيمة تولد مع ولادته. والتكريم الالهي هو سر خلق الانسان وتميزه عن الكائنات الاخرى.


وقال معمر بأن توقيت المؤتمر جاء بظروف غير مسبوقة نتيجة لتداعيات الحرب الإسرائيلية الشرسة التي مارسها الاحتلال الاسرائيلي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وما خلفته من أثار جسيمة على مختلف الأصعدة والمستويات جميعها اخترقت القوانين والمواثيق الدولية التي أكدت على مبدأ أساسي وهو الحق في الكرامة الإنسانية ومنها ميثاق الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهديين الدوليين لعام 1976.


وأضاف أن حماية الكرامة الإنسانية في المجتمع الفلسطيني هي مصلحة ليس لأولئك الذين تستباح كرامتهم وحقوقهم، وإنما هي في نفس الوقت تصب في مصلحة أولئك الذين لا يشعرون إن كرامتهم مهددة أو مستباحة، هي مصلحة لضمان استقرار عمل الحكومات. هي مصلحة وشرط أساسي لبناء مجتمع فلسطيني ديمقراطي تسوده العدالة والمساواة. وطالب واجب المجتمع الدولي ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، بالتدخل الفوري لتوفير الأمن والحماية لحقوق الشعب الفلسطيني وضمان كرامته الانسانية.


كما ألقت وفاء الكفارنة محللة المشاريع في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كلمة خلال المؤتمر، تحدثت من خلالها عن انجازات برنامج "سواسية"، الذي بدأ في العام 2014 ويستمر حتى 2017، ومدى إسهاماته في دعم الفئات الهشة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة لها.


وأشادت الكفارنة بالجهود التي بذلتها العيادة القانونية رقم "9" بالجمعية الوطنية خلال فترة المشروع، والإنجاز الكبير التي حققته جراء الوصول للفئات الهشة والضعيفة الصعبة الوصول اليها، ولكن استطاعت العيادة من خلال العاملين فيها الالتقاء بهم وتسهيل تقديم العون القانوني بمستوياته الثلاثة الرئيسة.


وأكدت الكفارنة على اهتمام البرنامج في اللقاء بالمؤسسات الفاعلة والعاملة في محافظات الجنوب وتناول أبرز القضايا، تلك الدور التي نجحت فيه الجمعية الوطنية، حيث ان هدف البرنامج الأساسي كيفية الوصول للفئات الهشة نظرا لتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.


وأشارت الكفارنة الي سعى البرنامج في المرحلة المقبلة لتقديم خدمات ذات جودة عالية وذلك ضمن حقوق الإنسان لتتفق مع المعايير الدولية من خلال بلورة احتياجات الفئات الهشة للأخذ فيها للمرحلة القادمة من المشروع.


عقب الكلمتين السابقتين عرض فيديو قصير لأهم الإنجازات والنجاحات التي حققها المشروع خلال الفترة السابقة، من اعداد رباب الشاعر "المحامية في العيادة القانونية" بالجمعية الوطنية، وتحت إشراف أ. حسام جرغون منسق مشروع كرامة


الجلسة الأولى


وبدأت فعاليات المؤتمر بالجلسة الأولى التي أدارها المحامي سعيد عبد الله، مرحباً بالحضور، وأكد المستشار سلامة بسيسو في ورقة عمل قدمها بعنوان "واقع ومفهوم الكرامة الإنسانية في فلسطين"، على ضرورة أن تحافظ إجراءات التوقيف والتفتيش وكل الإجراءات التي تنفذها السلطات التنفيذية على الكرامة الإنسانية، خاصة وأن ثمة نصوص كثيرة في القانون تضمن هذه الكرامة، ومنها إجراءات المحاكمة العادلة التي كفلها القانون من حيث الأدلاء بالبيانات وجلب الشهود ومن حقه الدفاع عن نفسه، ولا يجوز توقيف مواطن دون مذكرة توقيف ومعرفة أسباب التوقيف، ولا يجوز بالمطلق توقيفه بالإكراه وإذا اخترق أي بند من تلك التي تم ذكرها يعتبر انتهاك لحقوق الإنسان.


وتحدث بسيسو عن تداعيات الحصار والانقسام، وتأثيراتها السلبية على المواطنين وعلى الكرامة الإنسانية، حيث أن المواطن الفلسطيني انتهكت أبسط حقوق خلال مدة الانقسام والحصار التي استمرت لأكثر من عشر سنوات، أصبح المواطن بلا عمل وغير قادر على السفر والتنقل بالشكل الطبيعي ناهيك عن حرمانه من العلاج، حيث أن الغالبية العظمى من السكان لا يتمتعون بالصفة التي منحهم إيّاها الدستور.


كما قدم غسان أبو حطب ورقة عمل ثانية ضمن الجلسة الأولى كانت بعنوان: "التزامات السلطة الفلسطينية اتجاه الحق في الوصول للخدمات الأساسية، من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان"، تحدث خلالها عن المواثيق والمعاهدات الدولية التي ركزت على أهمية الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان على مستوى العالم، وأنّ اختراق أي حق من تلك الحقوق يعتبر انتهاك للكرامة الإنسانية، وحينما نربطها بنتائج العدوان الأخير على غزة نجد أن المواطن الفلسطيني لا يزال يعاني من تبعات تلك العدوان، وعلى رأسها الحق في السكن التي نصت عليها الشرعة الدولية، حيث أن جهود الإعمار لا زالت غير مكتملة،


وركز أبو حطب على أهم الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الانسان الفلسطيني وما يزال يفتقر لوجودها بحكم وقوعه تحت الاحتلال الإسرائيلي ومنها الحق في التعليم والصحة والعمل والتنمية، جميع الحقوق نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واكد عليها في 30 بند، وقال بأن أغلب المشاريع الممولة من قبل المؤسسات الدولية تركز على الجانب الإغاثي أكثر من الجانب التنموي، في الوقت التي يستفيد حوالي 80% من سكان قطاع غزة من المساعدات الإنسانية حسب التقارير المحلية والدولية، تلك المنظومة لا تستقيم مع معايير الكرامة الإنسانية على الأقل في توفير الحد الأدنى من الحقوق.


 


الجلسة الثانية


أدار فعاليات الجلسة الثانية من المؤتمر الدكتورة ميرفت حجازي، وقدم أولى أوراقها عبد المنعم الطهراوي مدير البرامج في مركز الديمقراطية وحل النزاعات ، وكانت بعنوان: " آليات تعزيز الكرامة الإنسانية في فلسطين- قطاع غزة نموذجاً".


وأكد الطهراوي في ورقة العمل أن مفهوم الكرامة الإنسانية كمصطلح ظهر جلياً في دستور ايرلندا عام 1937، ثم انتقل إلى ألمانيا، ومن ثم إلى بقية دول أوروبا، وهو مصطلح يتصدر كل القوانين.


وأكد أن القانون الأساسي الفلسطيني لم يتضمن بالمطلق كلمة "الكرامة الإنسانية" بشكل صريح، وإن كانت ظهرت ضمناً في الكثير من نصوصه ومواده المختلفة.


وشدد الطهراوي على ضرورة أن يوضع تطبيق القانون تحت بند الكرامة الإنسانية، وأن تكون الأخيرة سابقة لأي إجراء تنفذه السلطات التنفيذية، وأن يتم التعامل مع بعض المسجونين على أنهم ضحايا وليسوا جناة، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية.


أما الدكتور أسامة عنتر مدير مؤسسة فريدريش ايبرت ، فقدم وورقة عمل قدمها بعنوان " المسؤولية الدولية تجاه المواطنين في قطاع غزة من منظور القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان".


وأكد عنتر في ورقة العمل الخاصة به، أن هناك التزامات تقع على عاتق المجتمع الدولي تجاه أية دولة تتعرض لكوارث سواء طبيعية أو من صنع الإنسان، كالاحتلال أو الحرب، وفلسطين تقع ضمن هذه الالتزامات، كونها لا تزال دولة محتلة.


وأكد عنتر أن القانون الدولي الإنساني والاتفاقات الدولية أوجدت لتخفيف ويلات الحرب عن المدنيين، وتجنبيهم دائرة الصراع.


وفيما يخص فلسطين، أكد عنتر أن هناك 168 مؤسسة دولية لها نشاط في فلسطين، تنقسم إلى حكومية وغير حكومية وأممية.


ونوه إلى أن هذه المؤسسات بعضها عليه التزام بتقديم المساعدات والبرامج مثل "الأنروا"، وأخرى ليس عليها أية التزامات، وهي تعمل وفق رؤيتها.


وتخلل المؤتمر العديد من النقاشات الهادفة الي تعزيز الكرامة الانسانية، حيث اجمع الحضور على اهمية توفير البيئة القانونية لحماية كرامة المواطن وصون حريته علي مختلف المستويات وضمان تمتعه بحقوقه الانسانية وفق الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان.


كما طالب المشاركين المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لضمان احترام حقوق الانسان الفلسطيني، والعمل علي تمكينه من الحق في السفر والتنقل اسوة بكل شعوب ودول العالم. اضافة الي تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.

اشترك في القائمة البريدية