الانتخابات البلدية والمسار الوطني... !!!

بقلم: محسن أبو رمضان


جاء قرار الحكومة الفلسطينية بإجراء الانتخابات البلدية بصورة مفاجئة وضمن أجواء مليئة بالإحباط وفقدان الأمل بسبب سنوات الانقسام المرير وانعكاساتها السلبية على القيم والآليات الديمقراطية، ليس فقط بسبب تعطل إجراء الانتخابات فحسب، حيث مضى على الانتخابات التشريعية أكثر من 10 سنوات، والرئاسية نحو 11 عامًا، إلى جانب الإخفاق في تنفيذ الانتخابات بالعديد من الهيئات والأطر والمؤسسات ما دون السياسية "الجامعات، البلديات، النقابات وغيرها".


وعليه فإن قرار إجراء الانتخابات جاء ليعيد الأمل ولو بصورة بسيطة باتجاه العودة إلى صندوق الاقتراع، وإلى اعتماد إرادة المواطنين الحرة بما يضمن إفساح المجال لإشاعة الحرية والتعددية والحق بالمشاركة بالعمل السياسي والاجتماعي والخدمي والنقابي.


ورغم ما يعتري هذه الانتخابات من معيقات، نأمل أن يتم تجاوزها وفق إرادة وطنية فلسطينية جامعة تم ترجمتها عبر التوقيع على ميثاق الشرف المقترح من لجنة الانتخابات المركزية، فإنه يجب النظر لها بجدية واهتمام باتجاه إعادة صياغة النظام السياسي على قاعدة الوحدة والشراكة والديمقراطية في ذات الموقف، ويجب عدم النظر لها بوصفها معركة كسر عظم بين تيارات سياسية مختلفة.


جيد أنه تبلور مؤخرًا من خلال قرار القوى الديمقراطية بتشكيل تحالف ديمقراطي في إطار استكمال اللوحة السياسية لعله يساهم في تعديل مسار الاستقطاب الحاد، وليلعب دورًا في تخفيف الاحتقان وإزالة المعيقات باتجاه استكمال مسيرة البناء الوطني والديمقراطي من خلال إعادة تشكيله على أسس انتخابية تشاركية وبصورة موحدة وعبر تعزيز المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني وفي المقدمة منها م. ت. ف، ليس فقط تنفيذًا لاتفاقات المصالحة، بل لأننا ما زلنا في مرحلة تحرر وطني وديمقراطي تتطلب مشاركة الجميع دون إقصاء أحد.


أعتقد أننا يجب أن نميز بين الانتخابات البلدية بوصفها انتخابات خدماتية من جهة، وبين الانتخابات ذات المضمون السياسي، وخاصة التشريعي والوطني والرئاسة، فالأخيرة لها علاقة بالبرامج السياسية والتمايزات بالرؤى تجاهها وتجاه التفاعل مع القضايا الاجتماعية المختلة، أما الأولى فإنها ذات طابع عملي وخدماتي.


وإذا أردنا الربط ما بين الانتخابات البلدية وبين آفاق تشكيل النظام السياسي، وباتجاه يساهم في إعادة الثقة بين الأطراف، تلك الثقة التي شرخت خلال سنوات الانقسام، فإننا نرى أنه لا مانع من التفكير الجاد بتشكيل قائمة موحدة يشارك بها كافة القوى "حماس وفتح والتيار الديمقراطي"، ولكن على قاعدة بعيدة عن المحاصصة وباتجاه المهنية، أي اختيار شخصيات مهنية وكفؤ تستطيع أن تقدم الإيجابي والجيد والمفيد للمواطنين.


ربما يعتبر هذا الطرح طوباوي وغير عملي ولكن إذا أردنا التوجه بأفق جديد وموحد للمستقبل، فيجب عدم إهمال هذا الخيار .


قد يستغرب البعض من هذا الطرح، حيث أن حياتنا سياسية بامتياز، ولكن إذا أردنا التفكير خارج الصندوق وباتجاه إبداعي ونوعي، وباتجاه يساهم في إعادة ترميم الثقة بين الأطراف المختلفة، فعلينا الدفع بهذا الخيار كمرحلة انتقالية على طريق إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني التي يجب أن تكون ذات مضمون سياسي واجتماعي، ولكن بالاستناد إلى عقد اجتماعي سياسي وحقوقي متوافق عليه.

اشترك في القائمة البريدية