خلال ورشة عمل نظمتها الهيئة المستقلة: التوصية بتبني استراتيجية وطنية لإدارة المساعدات في غزة تستجيب لاحتياجات النساء والأطفال

أوصى حقوقيون وخبراء وممثلون عن مؤسسات أهلية ودولية، خلال ورشة عمل نظمتها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” عن بُعد، بضرورة تبني استراتيجية وطنية لإدارة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تركز على احتياجات النساء والأطفال، وتعزز آليات التنسيق بين المانحين والجهات العاملة، وتطور المنصات اللوجستية، إلى جانب حماية العاملين في المجال الإنساني وضمان التزام المساعدات بالمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان.

وأدار الورشة المحامي حازم هنية، منسق دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة، موضحًا أن الورشة تقدم قراءة نقدية في حوكمة المساعدات الإنسانية ومستوى التنسيق بين الفاعلين المحليين والدوليين، وتسلط الضوء على مظاهر الخلل مثل غياب قاعدة بيانات موحدة، وظهور أنماط من الفساد والمحسوبية، بالإضافة إلى استهداف العاملين في الحقل الإنساني. كما أبرزت الورشة الفجوات الكبيرة بين حجم الاحتياجات الهائلة وحجم التمويل والاستجابة الدولية، وتحلل التحديات الأمنية والسياسية واللوجستية والاجتماعية التي تحول دون وصول المساعدات إلى مستحقيها، وخاصة النساء والأطفال.

وجاءت هذه التوصيات استنادًا إلى تقرير أصدرته الهيئة بعنوان "واقع المساعدات الإغاثية المقدمة للنساء والأطفال في قطاع غزة خلال حرب الإبادة"، حيث استعرض الباحث الدكتور غسان أبو حطب أبرز ما جاء فيه، مؤكدًا وجود فجوة تمويلية كبيرة وضعف في التنسيق بين الجهات المحلية والدولية، إلى جانب تدخلات سياسية وأمنية أدت إلى تفاقم الأزمة وحرمان الفئات الأكثر هشاشة من حقوقها الأساسية. وأوضح أن غياب قاعدة بيانات موحدة وتباين معايير التوزيع أسهما في ظهور مظاهر الفساد والتمييز، ما ضاعف من معاناة النساء والأطفال في ظل ظروف الحرب القاسية.

وفي تعقيبه على التقرير، أشاد الأستاذ تيسير محيسن باحث في قضايا التنمية والمجتمع المدني بأهمية التقرير العملية والإنسانية وجرأته في تناول واقع المساعدات المقدمة للنساء والأطفال خلال حرب الإبادة، مؤكدًا الحاجة إلى إنتاج معرفة بديلة تُنصت لصوت الضحايا وتُسهم في تعزيز العدالة والشفافية. كما شدد على ضرورة بلورة إطار مفاهيمي واضح وربط الظواهر الاجتماعية والاقتصادية بموضوع المساعدات، وصياغة توصيات تتضمن معايير موحدة وآليات رقابة ومساءلة لضمان وصول الدعم للفئات الأشد هشاشة.

من جانبها، أوضحت الأستاذة خديجة زهران، مسؤولة دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات في الهيئة، أن التقرير يشكل استعراضًا شاملًا للمساعدات المقدَّمة لقطاع غزة مع تركيز خاص على النساء والأطفال كفئات أكثر هشاشة، مؤكدًا على أهمية سماع أصوات المستفيدين، خصوصًا النساء اللواتي أُصبحن معيلات للأسر، والأطفال الذين صاروا فاعلين في عملية توزيع المساعدات، مع التأكيد على ضرورة التوسع مستقبلاً في مواضيع مثل المساعدات الطبية الخاصة بالنساء والفتيات القاصرات.

وتخلل الورشة نقاش معمق من المشاركين حول سبل تعزيز العدالة والشفافية في توزيع المساعدات، وتطوير آليات رقابة أكثر فعالية لضمان وصولها بكرامة إلى الفئات الأكثر احتياجًا، مع التركيز على النساء والأطفال باعتبارهم الأكثر تضررًا من تداعيات الحرب. وأجمع المشاركون على أن المساعدات المقدمة لسكان قطاع غزة قليلة جدًا وغير كافية لتلبية احتياجاتهم، وأن توزيعها لا يراعي معايير الكرامة والعمل الإنساني، مشددين على ضرورة تفعيل منظومة الشكاوى الخاصة بالمساعدات وتفعيل العمل المؤسسي المشترك لضمان فعالية هذه المنظومة وتحقيق عدالة التوزيع، مع مراعاة التركيز على النساء ذوات الإعاقة والفئات الأكثر ضعفًا مثل المرضى وكبار السن.

اشترك في القائمة البريدية