بألوان الزيّ الفلسطيني المطرّز، وأصوات تغني للوطن، وأيادٍ صغيرة ترسم بذاكرة الكبار، أحيت المساحة الامنة التابعة لجمعية الثقافة والفكر الحر يوم التراث الفلسطيني، الذي يوافق السابع من أكتوبر كل عام، من خلال احتفالية تراثية وفنية .
تحوّل فضاء المساحة الامنة إلى لوحة نابضة بالحياة، حيث جسّد الأطفال هويتهم الثقافية والفكرية من خلال رسوماتهم، وأعمالهم اليدوية، ومجسماتهم الفنية، وعروضهم الغنائية والفلكلورية. وقد شكّل هذا الحدث مساحة للتعبير الحر عن الذاكرة الجمعية، والانتماء العميق للأرض والتاريخ والتراث الفلسطيني.
بأناملهم الصغيرة، أعاد الأطفال رسم معالمهم الأثرية التي تلاشت تحت ركام العدوان ، فكانت لوحاتهم بمثابة توثيق بصري لذاكرة المكان، ومرآة لوعيهم الثقافي. فقد أنتج الأطفال هذه الأعمال بعد مشاركتهم في ورش فنية استمرت لأكثر من ثلاثة شهور، تعرفوا خلالها على تاريخ المواقع الأثرية في غزة والمدن الفلسطينية، وتعلموا كيف يحولون الحنين إلى ألوان.
يقول الطفل أحمد غالي (12 سنة)، الذي رسم قصر الباشا في غزة:
"نفسي رسوماتي توصل لكل الناس، ويشوفوا إنه في غزة في آثار وأماكن حلوة. أنا رسمت قصر الباشا لأنه دُمر بالحرب، ونفسي العالم يعرف إنه في غزة فيها تاريخ، وراح نظل نرسمه ونحفره بذاكرتنا".
أما الطفلة سهام طارق الطويل (11 سنة)، فشاركت برسم قلعة برقوق في خانيونس، وقالت: "أنا من خلال رسمي بقول للعالم: هون كان إلنا آثار، وإحنا ما راح ننساها. التراث الفلسطيني هو هويتنا، ولازم نظل نحييه".
في كلمتها خلال الفعالية، أكدت الأستاذة فوزية حويحي، رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفكر الحر، على أهمية هذا الحدث، قائلة: هذه الفعالية ليست مجرد احتفال، بل هي إعلان وفاء وولاء للتراث الفلسطيني، ورسالة واضحة بأن الأجيال الجديدة قادرة على حماية ذاكرتها الثقافية، وإعادة إحيائها بروح معاصرة وإبداع متجدد".
وأضافت "من خلال إنتاجات الأطفال التي رسموها، وعروضهم الفلكلورية والغنائية، يرسل أطفالنا رسالة للعالم: نحن باقون ما بقي الزعتر والزيتون، ومتشبثون بأرضنا وتراثنا وهويتنا".
الفعالية لم تقتصر على الرسومات فقط، بل امتدت لتشمل عروضًا فلكلورية وغنائية قدمها كورال الأطفال، حيث أدوا أغانٍ تراثية تعبّر عن واقعهم في النزوح، وأحلامهم بالعودة، وتمسكهم بحقهم في الحياة على أرضهم. كما عرض خلال الاحتفال أدوات تراثية وأزياء فلسطينية تقليدية، عكست جمال التراث الفلسطيني.