يصادف 27 من شهر آب/أغسطس من كل عام “اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب”، بهدف تعزيز الضغط الشعبي والجماهيري لتحريك جهود فعّالة لكشف مصير جثامين الشهداء والمفقودين، وتمكين ذويهم من دفن أبنائهم وفقًا للشعائر الدينية اللائقة.
تأتي هذه المناسبة في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وما يرافقها من انتهاكات جسيمة تشمل نبش القبور، سرقة الجثث، ونقلها إلى الأراضي المحتلة عام 1948، واحتجاز جثامين الأسرى الذين استشهدوا نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية، دون تمكين ذويهم أو الجهات الحقوقية من معرفة مصيرهم، أو أماكن احتجازهم، أو أعدادهم. كما ترفض سلطات الاحتلال إجراء تشريح للجثامين، أو الإعلان عن سبب الوفاة، أو إصدار شهادات وفاة رسمية.
وفي إطار متابعة المؤسسة لملفات الأسرى والمعتقلين خلال العدوان القائم، تقدمت “مؤسسة الضمير” بطلبات رسمية إلى المحكمة في دولة الاحتلال لاسترداد جثامين تسعة شهداء، والحصول على شهادات وفاة أو وثائق تثبت استشهادهم في السجون ومعسكرات الاحتلال. كما تقدمت المؤسسة بطلب آخر إلى النيابة العسكرية في دولة الاحتلال لتحقيق الهدف ذاته، وحتى تاريخه لم تتلقَ أي ردود على هذه الطلبات.
وأظهرت بيانات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء أن الاحتلال لا يزال يحتجز جثامين 726 شهيدًا في الثلاجات ومقابر الأرقام، من بينهم 256 شهيدًا مدفونين في مقابر الأرقام، و469 شهيدًا محتجزين منذ إعادة هذه السياسة في عام 2015، بينهم 67 طفلًا، و85 أسيرًا، و10 نساء. كما تحتجز سلطات الاحتلال أكثر من 1500 شهيد من قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة عام 2023 في معسكر “سدي تيمان”، ما يؤكد الطابع الممنهج والطويل الأمد لهذه الانتهاكات.
تؤكد مؤسسة الضمير أن سياسة احتجاز جثامين الشهداء هي سياسة رسمية ممنهجة، تم تقنينها عبر تشريعات وأوامر عسكرية وأحكام قضائية، تسمح لقائد المنطقة العسكرية باحتجاز الجثامين ودفنها مؤقتًا، بهدف استخدامها كورقة ضغط ومساومة في مفاوضات مستقبلية، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما المادة (17) من اتفاقية جنيف الأولى، والمادة (8) من البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف، كما يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية وفق المادة (7) من نظام روما الأساسي لسنة 1998.
بناءً على ما سبق، تطالب مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بما يلي:
- دعوة الدول السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف للضغط على دولة الاحتلال لإلزامها بالإفراج الفوري عن جثامين الشهداء، والكشف عن مصيرهم، وتسليمها لذويهم لدفنهم وفقًا للشعائر الدينية.
- مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي في جرائم القتل، والاختفاء القسري، واحتجاز جثامين الشهداء، ونبش القبور، وسرقة وتشويه الجثث التي يرتكبها جنود الاحتلال، باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.