يستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم في مستشفى ناصر في خان يونس في وضح النهار، وفي بث حي ومباشر، التي راح ضحيتها عدد من الصحافيين وطواقم الإسعاف والمرضى، بعد استهداف الطابق الأخير من المستشفى، توافد الصحافيون المتواجدون وفرق الإسعاف والدفاع المدني لإنقاذ المصابين في مكان الحادث، ليجري استهدافهم مرة أخرى من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي. مركز الميزان إذ يحمل قوات الاحتلال المسئولية عن هذه الجريمة المروعة، فإنه يؤكد أن هذه المجزرة تكشف عن مدى تحلل قوات الاحتلال من أي التزام قانوني أو أخلاقي، وأن هذه الجريمة لم تكن لتحدث لولا صمت المجتمع الدولي المريب الذي يعني في نهاية الأمر ضوء أخضر لقوات الاحتلال لمواصلة ارتكاب الإبادة دون أي اكتراث للعواقب.
وبحسب المعلومات الميدانية، فقد استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي عند حوالي الساعة 10:15 من صباح اليوم الاثنين الموافق 25/8/2025، مدرج مبنى الياسين في الطابق الرابع من مستشفى ناصر الطبي غربي مدينة خان يونس، حيث كان يتواجد الصحافي حسام المصري والذي يعمل لصالح وكالة رويترز للأنباء، وهرعت طواقم الدفاع المدني لانتشال الشهداء والمصابين وتوافد الصحافيون لمحاولة انقاذ زملائهم ولتغطية الحادث، لتباغتهم قوات الاحتلال باستهداف آخر، ما أسفر عن استشهاد 20 مواطناً من بينهم 5 صحافيين، وطالب "تحت التدريب" في السنة السادسة في كلية الطب، وعدد من المرضى ومرافقيهم، في حين أصيب عدد آخر بجراح وصفت بالخطيرة.
وعرف من الشهداء، المصور الصحافي حسام المصري، ويتبع لكالة رويترز للأنباء، والمصور محمد سلامة، ويتبع لقناة الجزيرة، والصحافية مريم أبو دقة، وتعمل مع عدة وسائل ووكالات أنباء عربية وأجنبية، والصحافي معاذ أبو طه، ويتبع لشبكة NBC الأمريكية، والصحافي أحمد أبو عزيز، وسائق الدفاع المدني عماد عبد الحكيم الشاعر، والطالب الطبيب تحت التدريب محمد محمود الحبيبي.
وحول الحادث أفادت الصحافية صفاء الغلاييني وهي مراسلة لقناة الكوفية، عند حوالي الساعة 10:15 من صباح اليوم الاثنين الموافق 25/8/2025، كنت أنا وعدد من الزملاء الصحافيين متواجدين في ساحة مستشفى ناصر في خان يونس نتابع آخر المستجدات ونقوم بعملنا في نقل صور الشهداء والمصابين الذي يصلون للمستشفى، وكان هناك تحليق مكثف للطائرات المسيرة، وفجأة حصل انفجار في الطابق الرابع من مبنى الياسين، ابتعد عدد منا عن المكان إلى خارج المستشفى لتصوير الحادث، في حين توجه عدد من الزملاء الصحافيين إلى الطابق المستهدف لتصوير مكان الاستهداف، وبعد وصولهم للطابق العلوي من المستشفى، حصل انفجار آخر ما تسبب بسقوط عدد من الشهداء من الصحافيين وطواقم الدفاع المدني.
هذا وتواصل قوات الاحتلال جرائمها المنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين لا سيما الصحافيين، بهدف منعهم من مواصلة عملهم في نقل حقيقة ما يحدث على أرض الواقع، وتهاجم قوات الاحتلال الصحافيين بالرغم من وضوح هويتهم، التي تميزها شارة الصحافة الظاهرة على ستراتهم وخوذاتهم ومركباتهم ومعداتهم الصحفية، كما هاجمت عدد كبير من عائلات الصحافيين في عمليات قصف مباشرة لمنازلهم ومنازل ذويهم، دون أي مبرر سوى إيقاع الأذى البليغ بهم وبأسرهم، وفي محاولة لردعهم ومعاقبتهم على استمرارهم في نقل الحقيقة. وفي الوقت ذاته تمنع منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن الطواقم الصحفية الدولية من الوصول إلى غزة لتغطية ما ترتكبه من جرائم. وبحسب الاحصائيات الميدانية، فإن قوات الاحتلال قتلت منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن (299) صحافياً وصحافية، وعاملاً في حقل الإعلام.
وفي حادث استهداف مستشفى ناصر، تفيد المعلومات الميدانية وإفادات شهود العيان، أن وسائل المراقبة الإسرائيلية كانت نشطة في تلك المنطقة من خلال طائرات الاستطلاع التي لا تغادر سماء قطاع غزة، وبالتحديد تلك التي كانت تحلق فوق المستشفى، والتي كانت ترصد كل حركة، مما يؤكد أن قوات الاحتلال تعمدت استهداف الصحافيين بالرغم من وضوح شاراتهم وهوياتهم.
هذا وتعمدت قوات الاحتلال تنفيذ الجريمة في وقت تتكدس فيه المستشفى بمئات المرضى والمصابين جراء الهجمات الإسرائيلية، وهو المستشفى الوحيد في جنوب قطاع غزة الذي ما زال يعمل بحدوده الدنيا ويقدم الخدمات الطبية لآلاف المواطنين، حيث أفاد مدير المستشفى بأن عملية استهداف المستشفى جرت بدون أي إنذار مسبق، في وقت يتواجد فيه ما يزيد عن 1000 مريض ومصاب، وتسبب الاستهداف في توقف بعض غرف العمليات عن العمل.
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يدين بأشد العبارات هذه الجريمة البشعة والجرائم الإسرائيلية المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، لا سيما التجويع والهجمات على المستشفيات والمدنيين والصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة، فإنه يطالب بضرورة تحرك المجتمع الدولي، وبشكل عاجل، والانتقال من مربع الإدانة إلى الفعل، من أجل وقف جريمة الإبادة الجماعية المستمرة، وإنهاء الظروف غير الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة من بينهم الصحافيين، ووضع حد لمعاناة أكثر من 2 مليون فلسطيني تمارس بحقهم الإبادة بشكل يومي أمام مرأى ومسمع العالم أجمع.
والمركز إذ يطالب المحكمة الجنائية الدولية باتخاذ خطوات فعالة وعاجلة للتحقيق في الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال لا سيما تجاه الصحافيين الفلسطينيين والطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني، فإنه يحث الدول الأطراف في المحكمة الجنائية والمجتمع الدولي بالقيام بواجباتها في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومن أمروا بارتكاب هذه الجرائم على الملأ، واتخاذ التدابير الفورية التي من شأنها توفير الحماية لمدنيين. ويؤكد المركز على أن الهجمات ضد الصحافيين في قطاع غزة تهدف إلى الاستفراد بالضحية، وتغييب نقل وقائع الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة.