الميزان يستنكر خطة احتلال قطاع غزة تصعيد كارثي يمهد لتدمير ما تبقى من غزة واقتلاع سكانها بالقوة ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنهاء الإبادة ومنع مخططات التهجير

يستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأشد العبارات ويدين الخطة الإسرائيلية الرامية إلى احتلال قطاع غزة بالكامل، ويؤكد المركز أن هذه التصعيد الخطير والمنهجي، يمهد لمزيد من الدمار الشامل، والاقتلاع القسري للسكان المدنيين، وهو ما أصبح واضحاً من خلال تصريحات القادة الإسرائيليين ومن خلال الممارسة على الأرض، ما يشكل تطهيراً عرقياً وتهديداً وجودياً لحياة ما يزيد عن مليوني إنسان يعيشون الإبادة الجماعية المستمرة لما يزيد عن 22 شهراً.

ففي 8 أغسطس 2025، صادق المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) على خطة لاحتلال مدينة غزة بالكامل، تمهد لنقل الحكم إلى إدارة مدنية بديلة. ويشكل هذا القرار تحولاً خطيراً في مسار العدوان الإسرائيلي، إذ يوسع العمليات العسكرية من مرحلة القصف الجوي والتوغلات إلى اجتياح بري شامل يهدف إلى السيطرة الكاملة على أراضي قطاع غزة، ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذ هذه الخطة إلى تصعيد غير مسبوق في معدلات القتل والدمار، وزيادة حالات النزوح الداخلي القسري، وسط ظروف إنسانية متدهورة أصلاً.

دعا المفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الحكومة الإسرائيلية إلى ضرورة وقف خطتها للسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة المحتل فوراً، وأوضح أن جميع الأدلة حتى الآن تشير إلى أن هذا التصعيد الإضافي سيؤدي إلى مزيد من التهجير القسري الجماعي والقتل، ومعاناة التي لا يمكن تحملها، ودمار عبثي، وجرائم فظيعة، ويجب أن تنتهي الحرب في غزة الآن.[1]

وتؤكد المعطيات على أن هذا التصعيد ليس مجرد تطور عسكري، بل جزء من خطة ممنهجة لإفراغ غزة من سكانها، إذ تهدف الخطة لدفع السكان من شمال القطاع إلى الجنوب، وتجميعهم هناك في منطقة لم يعد بإمكانها استيعاب المزيد، حيث كانت الكثافة السكانية ٤٥ ألف نسمة لكل كيلو متر مربع، والآن سوف تصبح حوالي ٩٠-١٠٠ ألف.

هذه الأماكن المكتظة، تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وسيعيش المدنيون في ظروف أقرب إلى معسكرات جماعية، تذكر بأساليب الإذلال الجماعي والحرمان الممنهج المستخدمة في فترات مظلمة من التاريخ، ويخشى أن تكون هذه الخطوة مقدمة لخلق بيئة من الفوضى والمعاناة والانهيار التام، تستخدم لاحقاً كمبرر أو كفرصة لفرض حلول إنسانية زائفة، مثل الترحيل الجماعي إلى خارج القطاع، ما يعد تهجيراً قسرياً، وجريمة بموجب القانون الدولي الإنساني وميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

قالت أنييس كالامارد، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، من المشين والمثير للغضب أن مجلس الوزراء الإسرائيلي وافق على خطط للجيش لتوسيع وجوده البري في قطاع غزة المحتل والاستيلاء على مدينة غزة بالكامل، إذا تم تنفيذ الخطط، فإنها ستؤدي إلى مستوى غير عادي من المعاناة لفلسطينيي غزة الذين يواجهون المجاعة في سياق إبادة جماعية مستمرة. كما ستنتهك الخطط القانون الدولي، وتستند إلى فتوى محكمة العدل الدولية التي خلص إلى أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني ويجب أن ينتهي، وحثت مجلس الوزراء الإسرائيلي على الوقف الفوري لهذه الفظائع الهائلة قبل فوات الأوان وإنهاء الإبادة الجماعية.[2]

وبموازاة ذلك، تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة على قطاع غزة، وتواصل استهداف المدنيين العزل، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن، وتقصف منازلهم فوق رؤوسهم، وتمعن في استخدام التجويع كسلاح، عبر المنع شبه الكامل لدخول المواد الغذائية والدوائية ومياه الشرب، وعرقلة عمل المنظمات الإنسانية، حيث يواجه مئات الآلاف المجاعة، ويضطر السكان إلى شرب المياه المالحة أو الملوثة بسبب تدمير شبكات المياه ومحطات التحلية ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيلها.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، إذ يجدد إدانته الشديدة للخطة الإسرائيلية الرامية إلى احتلال قطاع غزة بالكامل، فإنه يحذر من توسيع نطاق الكارثة الإنسانية وتصاعد الجرائم والتهجير القسري، ويحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجرائم الجارية بحق المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك القتل العمد، والتجويع، وتدمير مقومات الحياة كمقدمة لتهجير السكان الأصليين.

وعليه، يطالب المركز لا سيما الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، وهيئات الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن بالتحرك الفوري والجاد لوقف حرب الإبادة على قطاع غزة فوراً، ومنع تنفيذ مخطط احتلال القطاع، ووقف سياسات التهجير القسري، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتأمين الحماية الفورية للمدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق سكان القطاع.

وإن صمت المجتمع الدولي لم يعد مبرراً، واستمرار التراخي في وجه جرائم الإبادة والتهجير الجماعي لن يفضي إلا إلى المزيد من المعاناة وسقوط المنظومة الأخلاقية والقانونية والإنسانية.

------------------

بيان الأمم المتحدة)[1]

بيان منظمة العفو الدولية[2]

اشترك في القائمة البريدية