يحذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان من انتشار واسع وسريع لأمراض معدية وخطيرة بين المواطنين في قطاع غزة لا سيما الأطفال، وذلك بعد تسجيل 3 حالات وفاة بمتلازمة غيلان باريه، حالتان منهم دون سن الخامسة عشر، إضافة إلى تفشي أمراض السحايا والتهابات معوية أخرى بين آلاف المواطنين1. ويؤكد المركز أن الظروف الكارثية التي فرضتها عمداً القوات المحتلة هي المسبب الرئيسي لانتشار الأمراض والأوبئة، جراء تكثيف سياسة التجويع والتعطيش الإسرائيلية، ومنع ادخال الأدوية والمواد الاغاثية الأساسية لنحو 2 مليون مواطن يعيشون ظروفا غير إنسانية على مساحة تمثل 12% من قطاع غزة.
ووفق متابعات المركز، فقد سجلت وزارة الصحة في غزة نحو 57 حالة إصابة بمتلازمة غيلان باريه، لا يتوفر العلاج الخاص بهم داخل مستشفيات القطاع وهو الغلوبولين المناعي2 (IVIG)، وهو ما يهدد حياتهم بخطر الوفاة. ويصف الأطباء في وزارة الصحة مرض غيلان باريه بأنه مرض مناعي يسبب اعتلال عصبي متعدد، يبدأ من القدمين ويتجه صعوداً نحو الجذع والصدر ويسبب اضطرابات في الجهاز العصبي وضعف في الجهاز العضلي ومن ثم يسبب الشلل وضعف التنفس والموت.
وقد أفاد الدكتور جميل سلمان، مدير مستشفى النصر للأطفال في مدينة غزة، لباحث المركز أن انتشار مثل تلك الأمراض يرجع إلى أمرين أولهما: سياسة التجويع التي تفرضها القوات المحتلة والتي سببت سوء تغذية حاد أدت إلى ضعف المناعة والتهابات شديدة وغير نمطية، والأمر الثاني هو وجود بيئة خصبة ساعدت على انتشار الأمراض المعدية بسبب تكدس المواطنين في أماكن النزوح وسط شح المياه وأدوات النظافة وانتشار النفايات ومياه الصرف الصحي.
وأكد الدكتور سليمان أن المستشفى مكتظ بمئات الحالات التي تعاني من أمراض متعددة سببها ضعف المناعة الناجم عن سوء التغذية الحاد. ووفق متابعات المركز، سجلت مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية 5 حالات وفاة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، جميعهم من البالغين. وبهذا، يرتفع العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 180، من بينهم 93 طفلًا.3
يرى المركز أن ارتفاع أعداد الوفيات بهذه الوتيرة السريعة، وظهور أمراض مناعية جديدة سجلت في فئة الأطفال، وفي فئة البالغين هو مؤشر خطير وينذر بكارثة صحية قد تسبب حالات وفاة أكثر، لا سيما مع استمرار تشديد سياسة التجويع الإسرائيلية، ومنع ادخال المواد الاغاثية للشهر السادس على التوالي.
يؤكد المركز أن الكارثة الإنسانية في قطاع غزة صنعها مجرمي الحرب الاسرائيليين عن قصد وسبق إصرار، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بمنع ادخال المساعدات الاغاثية إلى قطاع غزة مطلع مارس 2025، واستخدم الجوع كسلاح ضد المدنيين، في انتهاك خطير للقانون الدولي الذي يحظر هذه الوسائل الاجرامية. وهو ما يشكل أيضًا أفعالاً إجرامية تهدف إلى إهلاك السكان حظرتها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
يذكر المركز بأوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت بشأن ارتكابهم جرائم حرب تمثلت باستخدام التجويع كسلاح. كما يذكر المركز بالتدابير الثلاثة المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية الداعية إلى ادخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري وواسع النطاق إلى قطاع غزة.
وفي ضوء ما سبق، يطالب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان المجتمع الدولي بالعمل الجاد على وقف جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المساعدات الاغاثية والمواد الطبية اللازمة لإنقاذ حياة المرضى والسكان بأسرع وقت ممكن وعبر المنافذ البرية، وضمان تسليمها لمستحقيها بكرامة وفق مبادئ العمل الإنساني.
ويطالب المركز منظمة الصحة العالمية بسرعة العمل على إدخال المواد الطبية اللازمة لإنقاذ حياة المرضى، لا سيما الغلوبولين المناعي (IVIG)، لعلاج الحالات المصابة بمتلازمة غيلان باريه.
- وزارة الصحة الفلسطينية – غزة، الصفحة الرسمية على فيسبوك، رابط إلكتروني ↩︎
- معلومات حصل عليها باحث المركز في اتصال هاتفي مع المهندس زاهر الوحيدي، مدير وحدة نظم المعلومات في وزارة الصحة ↩︎
- وزارة الصحة الفلسطينية – غزة، الصفحة الرسمية على فيسبوك، رابط الكتروني ↩︎