في اليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، الميزان يطالب المجتمع الدولي والعالم بإيقاف جريمة الإبادة الجماعية وجرائم القتل والاستهداف المتواصل للعاملين في المجال الإنساني

يصادف الخميس 8 أيار/مايو 2025، اليوم العالمي للهلال الأحمر والصليب الأحمر، حيث يجري الاحتفال به هذا العام تحت شعار (إبقاء الإنسانية حية)، وفي الوقت الذي يحتفي فيه العالم بالمبادئ الإنسانية التي يجسدها هذا اليوم، يعيش سكان قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل إبادة جماعية مستمرة ومتفاقمة ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، تستهدف العاملين في المجال الإنساني، وتوقع القتلى والجرحى في صفوفهم، وتمنعهم من تدخلهم الإنسانية وتحول دون وفاءهم بواجباتهم، وتعرقل العمليات الإغاثية.

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي للشهر الثالث على التوالي إغلاق معابر قطاع غزة بشكل مطلق، وتمنع إدخال الإمدادات الإنسانية عن الفلسطينيين، وتتعمد تدمير كافة مقومات الحياة الأساسية والإنسانية، في وقت يسجل فيه انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والمجاعة مستويات غير مسبوقة، نتيجة عدم قدرة الأسر الحصول على الغذاء وتلبية احتياجاتها الأساسية، كما وتعتدي بشكل ممنهج على الطواقم الإغاثية والطبية، وتعرقل تدخلاتها المنقذة للحياة، حتى باتت هذه الطواقم في دائرة الاستهداف المباشر.

وكانت إحدى هذه الهجمات وأكثرها بشاعة، ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بتاريخ 23 آذار/مارس 2024، حين استهدفت بشكل مباشر ومتعمد موكباً للإسعاف في منطقة الحشاشين، ويتبع للهلال الأحمر الفلسطيني، حيث أظهرت لقطات الفيديو التي وثقها المسعف الشهيد رفعت رضوان اللحظات الأخيرة للطاقم أثناء توجهه بسيارات إسعاف واضحة الشارات، وأضواء الطوارئ منارة، إلى موقع استهداف مركبة الإسعاف الأولى التي أصيب طاقمها، ورغم وضوح هوية المركبات والطواقم، تعرض الموكب لوابل من الرصاص استمر لعدة ساعات.

ولم تكتفِ قوات الاحتلال باستهداف الطاقم، بل واصلت جريمتها بمنع فريق الإنقاذ من دخول الموقع للبحث عن الطاقم، وبتاريخ 30 آذار، عثر على جثامين 14 مسعفاً وموظفاً من أفراد الدفاع المدني وموظف من الأونروا موضوعين في قبر جماعي، وقد قتلوا بطريقة وحشية مهينة للكرامة الإنسانية. وتعكس هذه الجريمة بوضوح فداحة الخطر الذي يحدق بالعاملين في المجالين الطبي والإنساني في قطاع غزة، حيث يتحول الواجب الإنساني إلى تهمة يعاقبون عليها بالموت، بينما يقابل العالم هذا المشهد بالصمت المروع والعجز الأخلاقي.

وتشكل هذه الجريمة جزءاً من سلسلة جرائم ارتكبتها قوات الاحتلال بحق طواقم الإسعاف والدفاع المدني، وبحسب آخر الإحصائيات فقد قتلت (27) مسعفاً من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، و(113) من طواقم الدفاع المدني، وأكثر من (180) موظفاً يعملون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأصيب المئات بجروح متفاوتة، بالإضافة إلى الاستهداف المتواصل للقطاع الصحي، ما أدى إلى استشهاد واعتقال المئات من الطواقم الطبية، كما جرى استهداف (38) مستشفى وتدمير بعضها وإخراجها عن الخدمة، و(81) مركزاً صحياً أخرجها عن الخدمة، وتدمير (144) سيارة إسعاف، و(54) سيارة إطفاء أو إنقاذ أو تدخل سريع تابعة للدفاع المدني.

وتواصل قوات الاحتلال استخدام التجويع كسلاح، وتفرض بموجبه حصاراً مشدداً، وتمنع بموجبه عمليات الإغاثة ودخول المواد الأساسية والوقود وغاز الطهي والإمدادات الغذائية والطبية اللازمة لحياة السكان، وتتفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية جراء استهداف المستشفيات والمراكز والنقاط الطبية، والمطابخ ومصادر الغذاء والمياه، وتفرض التحديات على المؤسسات الإغاثية والإنسانية والعاملين فيها، في ظل شح الإمكانيات والاستهداف المتواصل لطواقمهم.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، إذ يثمن جهود الملايين من المتطوعين والعاملين في جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر حول العالم، وجهود جميع الفرق الإنسانية والإغاثية العاملة في قطاع غزة في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية والاستهدافات المنظمة، لا سيما دور طواقم الهلال الأحمر التي تواصل رسالتها الإنسانية وتقوم بمهمات إنقاذ حياة واستجابات إنسانية في ظل ظروف معقدة ومحفوفة بالصعوبات والمخاطر، فإنه يكرر إدانته لاستمرار حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتصاعد الاستهداف المنظم للعاملين في المجال الإنساني، وطواقم الإسعاف، ومؤسسات الرعاية الصحية، والطواقم الطبية.

وبناءً عليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وسياسة التجويع، وإنهاء الحصار وفتح المعابر، والضغط على دولة الاحتلال واجبارها بوقف كافة أشكال استهداف الأنشطة الإنسانية التي تقوم بها الهيئات الدولية والإنسانية لإغاثة المدنيين، والسماح بمرور إرساليات الأدوية والمستهلكات والمستلزمات والوفود الطبية.

كما يطالب الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الأربعة، بإلزام دولة الاحتلال باحترام وحماية طواقم الإسعاف والطواقم الطبية، ومقدمي المساعدات الإنسانية، وضمان وصولهم الآمن لتقديم الخدمات المنقذة للحياة، بما تكفله قواعد القانون الدولي الإنساني، والعمل الجاد لإحالة هذه الجرائم البشعة إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبيها وتحقيق العدالة الدولية، وفرض عقوبات دولية فورية على دولة الاحتلال، بما يشمل حظر تزويدها بالأسلحة التي تُستخدم في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين وطواقم الإغاثة الإنسانية.

 

اشترك في القائمة البريدية