المركز الفلسطيني: تدمير الاحتلال الممنهج لمراكز الإيواء والقتل الجماعي للنازحين في قطاع غزة تعبير صارخ عن الإبادة الجماعية

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأشد العبارات الجريمة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الساعات الماضية، بقصف متكرر لثلاث مراكز إيواء نازحين مقامة في مدارس في قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل 47 مواطنًا على الأقل وإصابة وفقدان عشرات آخرين، ضمن جريمة الإبادة الجماعية المستمرة منذ 19 شهرًا.

وضمن أحدث ما وثقه باحثونا، هاجمت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، عند حوالي الساعة 03:45 من فجر اليوم الأربعاء الموافق 07 مايو 2025، مدرسة الكرامة، في حي التفاح شرقي مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل 8 مواطنين على الأقل، وإصابة وفقدان آخرين. وعند حوالي الساعة 10:00 صباح اليوم، عاودت طائرات الاحتلال وهاجمت المدرسة مجددا بالتزامن مع قيام مواطنين بالبحث عن مفقودين ومتعلقاتهم. أسفر القصف الجديد، عن ارتفاع عدد القتلى إلى 15 مواطنًا بينهم امرأة وطفلان على الأقل، إضافة إلى الصحفي نور الدين مطر عبده، مراسل مشرق نيوز، الذي قتل في القصف الثاني خلال تغطيته القصف. ولا تزال طواقم الدفاع المدني تعمل على انتشال مفقودين من تحت الأنقاض.

كما هاجمت الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي 16:30 من يوم الثلاثاء الموافق 6 مايو 2025، مركز إيواء النازحين في مدرسة البريج الابتدائية المشتركة “أبو هيمسة الجنوبية”، الواقعة في مخيم البريج في المحافظة الوسطى. أسفر القصف عن مقتل 22 مواطنًا وإصابة آخرين بجروح. وعند حوالي الساعة 22:20 ليلا، عادت طائرات الاحتلال لتقصف المدرسة مجددًا خلال محاولة النازحين جمع متعلقاتهم الشخصية بعد القصف الأول. أسفر القصف الثاني عن مقتل 10 مواطنين، وبذلك يكون استهداف المدرسة في المرحلتين أسفر عن مقتل 32 مواطنًا، بينهم 8 أطفال و6 نساء، وإصابة ما لا يقل عن 90 آخرين بجروح متفاوتة.

وأفاد شهود عيان وناجون من الجريمة، من بينهم المواطن أحمد محمد علي الخالدي، أن الهجوم الأول استهدف بصاروخين ساحة المدرسة أمام مبنى الإدارة، ما تسبب في حفرتين كبيرتين وتناثر جثث الضحايا والمصابين في المكان، وسط حالة من الذعر والفوضى. وعلى إثر القصف، تلقى بعض السكان إنذارات هاتفية من مخابرات الاحتلال تطالبهم بإخلاء المدرسة فورًا، ما دفع العديد منهم للانتقال إلى المدرسة المجاورة “أبو هميسة الشمالية. وبعد عدة ساعات عادت طائرات الاحتلال لتقصف المدرستين بصاروخين إضافيين، ما أدى إلى مقتل وإصابة المزيد من النازحين، معظمهم كانوا قد لجأوا إلى المدرسة المجاورة بحثًا عن مأوى آمن.

ويدلل استهداف الاحتلال المباشر والمتكرر لمراكز إيواء المدنيين، الذين هجّروا قسرًا من مناطقهم، على نية مبيتة وممنهجة لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين وتدمير ما تبقى من أماكن الإيواء المؤقت التي يجري تدميرها واستهدافها بشكل ممنهج منذ 19 شهرًا.

ومنذ بداية الهجوم العسكري على قطاع غزة، صعّدت قوات الاحتلال من استهدافها المباشر والمقصود للمدنيين الفلسطينيين داخل منازلهم وخيامهم ومراكز الإيواء، مما أسفر عن إبادة مئات العائلات بأكملها من السجل المدني، ودفن الضحايا تحت الركام في مشهد يعكس نية واضحة للقضاء على جماعات سكانية بصفتها القومية.

كما واصلت قوات الاحتلال إصدار أوامر التهجير للسكان والنازحين، في وقت تتقلص فيه المساحات التي يمكن اللجوء إليها في قطاع غزة، حيث أصبح نحو 2.3 مليون إنسان محصورين في رقعة جغرافية ضيقة لا تزيد عن 35% من مساحة القطاع البالغة 365 كم²، وهي منطقة غير صالحة للحياة، تفتقر إلى الماء والغذاء والدواء والمأوى، في ظل عدم وجود أي مكان آمن في القطاع بأكمله، ما يشير إلى سياسة متعمدة لتجريد المدنيين من أي ملاذ آمن.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه كارثة التجويع، مع دخول إغلاق إسرائيل لجميع معابر غزة ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات الغذائية والطبية، منذ 67 يومًا؛ ما أدى إلى تفاقم حاد في معدلات الجوع وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء والمرضى.

يشدد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن السكوت عن هذه الجرائم هو تواطؤ صريح في تنفيذها، وأن على المجتمع الدولي أن يقف أمام مسؤولياته، ليس فقط تجاه القانون، بل تجاه الإنسانية ذاتها، وهو ما يتطلب حاجة ملحّة لتدخّل دولي عاجل يضع حدًا للجرائم والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

ويدعو المركز إلى اتخاذ تدابير فورية وجادة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية، وضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم أمام العدالة الدولية. كما يطالب الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين من القتل الجماعي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

 

اشترك في القائمة البريدية