بعد مرور ستة أشهر من فعاليات التهيئة النفسية التعليمية، وأنشطة الترفيه والدعم النفسي، اختُتمت المرحلة الخامسة والأخيرة من المشروع، الذي استهدف 500 طفل في ثماني مناطق موزعة على قطاع غزة. وقد شارك الأطفال والأهالي في فعاليات ترفيهية وتعليمية متنوعة، شملت أنشطة توعوية وتثقيفية ودعماً نفسياً، ضمن منهجية التعلم العاطفي الاجتماعي.
ويُعد هذا المشروع من أكثر المشاريع توسعًا في استهداف الأطفال النازحين والمتعرضين للصدمات، بالإضافة إلى الأطفال من ذوي الإعاقة وغيرهم. وقد اعتمد البرنامج على نهج التعليم الشمولي والدمج الكامل، لضمان وصول جميع الأطفال إلى الخدمات التي يقدمها المشروع. وقد ساهم ذلك في تعزيز الأمل والتعافي النفسي لدى الأطفال، من خلال أنشطة الدعم النفسي والترفيه، إلى جانب تعزيز فرص وصولهم إلى التعليم، وتوفير الاحتياجات الأساسية من قرطاسية وأدوات مدرسية.
وقد كان لهذا الأثر الإيجابي صدى واضح لدى الأطفال وذويهم. تقول السيدة أم محمد، إحدى المشاركات في المشروع: "الطريقة والأنشطة المستخدمة مع أطفالي ساعدتهم على حب المكان والارتباط به، والاستفادة من خدماته التعليمية. للمرة الأولى منذ أكثر من عام ونصف، يعود طفلي إلى استخدام القلم والدفتر وحل الواجبات. هذا ما جعلني أكثر تفاعلاً ومشاركة في أنشطة المشروع، حيث استفدت من لقاءات التوعية والتثقيف وتخفيف الضغط النفسي."
من جانبها، أشارت المعلمة صابرين، التي شاركت في المشروع، إلى أن "التعلم العاطفي الاجتماعي ومهاراته ساعدتني والأطفال على حب أجواء العودة إلى التعليم، لأنه نهج فعال ومرن، ويحتوي على أنشطة محببة تراعي ظروف الأطفال ومشاعرهم خلال الحرب. كما ساهم المشروع في تأسيس الأطفال في مواد اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات. لقد لاحظنا تأثيراً إيجابياً كبيراً يدل على مدى حاجة الأطفال إلى التعليم، رغم أنهم ما زالوا بحاجة إلى الكثير بعد فقدانهم للتعليم الرسمي والمهارات الأساسية."
أما الطفلة سالي، فقالت: "قضيت أجمل الأوقات مع المعلمات في الأنشطة وبرنامج التعليم. شعرت بالأمل في العودة قريباً إلى أجواء المدرسة ومعلماتي في رفح. اشتقت لمدرستي وأتمنى العودة إليها والمشاركة في طابور الصباح ولقاء صديقاتي."
وقد تمكن فريق المعلمين والمختصين في الصحة النفسية من العمل مع الأطفال وتخفيف الضغوط اليومية الناتجة عن استمرار العدوان، عبر تسهيل وصولهم إلى الملتقيات التعليمية. وبدوره، صرّح الدكتور محمود البراغيتي، منسق المشروع، قائلاً: "الهدف هو استعادة الرفاه النفسي وتقديم الإسعافات الأولية التعليمية للأطفال. الظروف كانت صعبة للغاية على الفريق والأطفال، لكن مساعدتهم هو جزء من الحماية والمسؤولية الإنسانية الموكلة إلينا في أوقات الطوارئ والأزمات. نعمل ضمن البرنامج على توفير جلسات تفريغ نفسي ودعم للمختصين والمعلمين والأطفال وأولياء الأمور، بهدف حماية المنظومة وتخفيف معاناتهم."
استفاد من المشروع 500 طفل من الذكور والإناث، وتم التعامل مع 35 حالة لأطفال تعرضوا لصدمات مباشرة ومواقف صعبة، إضافة إلى أكثر من 28 حالة لأمهات يعانين من ظروف قاسية، تم تقديم جلسات رعاية واستشارات فردية لهن. كما تم توفير جلسات دعم نفسي لجميع أولياء الأمور، وتطوير مواد التعليم الأساسية في اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات بما يتناسب مع ظروف الطوارئ، مما ساعد في إكساب الأطفال تعليماً شاملاً ودامجًا وفعالاً، ضمن منهجية التعلم العاطفي الاجتماعي.
وقد كان لذلك أثر واضح وإيجابي على مخرجات المشروع، وقصص النجاح التي وثقها فريق العمل، والتي عبّر عنها المشاركون. وقد أوصى الأهالي بضرورة استمرار تقديم خدمات التعليم والدعم النفسي، خاصة في ظل استمرار إغلاق المدارس واستمرار حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.