طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" خلال مؤتمر صحفي عقدته بمدينة غزة اليوم، المؤسسات الدولية وفي مقدمتها هيئات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي للوقوف أمام التزاماتهم بموجب قواعد القانون الدولي، لإجبار الاحتلال على رفع الحصار المشدد عن قطاع غزة وإنفاذ قرارات محكمة العدل الدولية ومجلس الامن والجمعية العامة المتعلقة بدخول المساعدات وفتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية والاغاثية إليه بلا قيود.
وأكد نائب مفوض عام الهيئة الأستاذ أمجد الشوا أن الاحتلال يمعن في ارتكاب جريمة بحق اكثر من مليوني فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، في إغلاقه المعابر استكمالاً لجريمة الإبادة التي يمارسها بحق المدنيين في قطاع غزة والتي لم تتوقف بعد، وبمنعه إدخال المساعدات المنقذة للحياة منذ 15 يوماً بأشكالها المختلفة من أدوية ومستلزمات طبية وأغذية وما يتعلق بقطاع المياه والإيواء، ضارباً بعرض الحائط كل المناشدات المطالبة بضرورة توفير تلك المساعدات التي تدخل عبر المعابر ويعتمد عليها معظم السكان في القطاع بعد تعرضهم لجرائم القتل والتدمير للبنى الاقتصادية والاجتماعية، محذراً من سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال، والتدهور الخطير المحقق الذي يشهده القطاع في هذه الآونة، مشدداً على ضرورة تحرك الجهات الدولية لوقف قرارات الاحتلال فيما يتعلق بالقيود المفروضة على مؤسسات المجتمع المدني التي تهدف إلى منعها من تبني صوت الضحايا والمطالبة بحقوقهم وحمايتهم، وكذلك الأونروا التي تمثل العمود الفقري للعمل الإنساني مطالباً بدعمها على كل المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية والمالية حتى تتمكن من القيام بدورها تجاه الشعب الفلسطيني.
وبينت منسقة الإعلام في الهيئة نسمة الحلبي أن الهدف المؤتمر الصحفي هو تسليط الضوء على تداعيات اغلاق المعابر وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ومعاناة المواطنين الذين يعيشون بلا مأوى وسط الدمار الهائل وأكوام الركام والمكاره الصحية والبيئية، دون أدنى مقومات الحياة، ويصارعون بحثا عن الماء والغذاء والدواء الذي لم يعد متوفراً، مضيفة أن الاحتلال الإسرائيلي يحكم حلقات ابادته على القطاع بحصاره واغلاق معابره، مما يدعونا لندق ناقوس الخطر محذرين من التداعيات الكارثية لتفاقم هذه الازمة الإنسانية بل الإبادة المتواصلة التي يمارسها الاحتلال، في ظل غياب أي تحرك جاد ودون تحمل للمسؤوليات القانونية والأخلاقية لإنقاذ حياة سكان القطاع وصون حقوقهم وكرامتهم الإنسانية.
وتضمن بيان الهيئة الذي استعرضه الأستاذ حازم هنية منسق دائرة الرقابة على السياسات والتشريعات، جملة من الحقائق والوقائع التي يفرضها الحصار والتداعيات على الحياة الإنسانية في قطاع غزة، مبيناً أن اغلاق المعابر يحرم معظم السكان من المساعدات الاغاثية والمواد الأساسية التي تعينهم على البقاء، وأدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بأكثر من 300%، علاوة على انخفاض المخزون الغذائي من المواد الأساسية إلى مستويات حرجة، ما يهدد بحدوث مجاعة واسعة النطاق، ونفاد غاز الطهي بشكل شبه كامل، مما أجبر العائلات على الطهي باستخدام الحطب أو البحث عن بدائل بدائية، في ظروف صعبة.
وفيما يتعلق بالخدمات الصحية، أشار البيان إلى أن 90% من المستشفيات باتت خارج الخدمة بسبب نقص الوقود والإمدادات الطبية، مما أدى إلى توقف عمليات جراحية حرجة، وأكثر من 10,000 مريض بالسرطان يواجهون الموت بسبب انقطاع العلاجات الكيماوية، وفق تقارير وزارة الصحة، كما يواجه حديثو الولادة في الحاضنات خطر الموت الفوري في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر أجهزة الإنعاش اللازمة، كما أن نقص المعدات الطبية يعيق علاج آلاف المصابين بجروح الحرب، ويتركهم عرضة للمضاعفات والالتهابات القاتلة.
وأوضح البيان أن 300,000 طفل و140,000 مسنّ يواجهون خطر الموت بسبب نقص الغذاء، البرد القارس، أو انعدام الرعاية الصحية، إضافة إلى نقص الملاجئ والخيام الذي يجعل مئات الآلاف من النازحين ينامون في العراء تحت الأمطار، مع انتشار الأمراض، وغياب مياه الشرب النقية وانتشار القمامة الذي يرفع من احتمالات تفشي الأوبئة والأمراض المعدية.
وتضمن البيان عدة مطالب تمثلت بضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة لمراقبة المعابر وضمان تدفق المواد الغذائية والطبية والوقود، ووقف ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية، وإحالة ملف الحصار إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره جريمة حرب. داعياً إلى دعم الجهود الدبلوماسية والسياسية لضمان تدفق المساعدات بشكل مستدام، وإيجاد آلية دولية تلزم الاحتلال بالسماح بإدخال المواد الضرورية، مطالباً الشعوب الحرة بتصعيد التحركات الاحتجاجية وتنظيم مسيرات ومظاهرات للضغط على حكوماتهم من أجل التحرك الفوري لإنهاء الكارثة في غزة، كما حث جميع النشطاء والصحفيين على تسليط الضوء على هذه الجريمة المروعة، لأن الصمت يعني التواطؤ، مشيراً إلى أن الوضع في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو إبادة بطيئة تمارس على مرأى ومسمع من العالم. إن استمرار الصمت وعدم التحرك الجاد لإنهاء الحصار يجعل الجميع شركاء في هذه الجريمة. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية لإنقاذ أرواح الأبرياء، ووقف معاناتهم قبل فوات الأوان.