مع إكمال الهجوم العسكري الإسرائيلي شهره الخامس عشر، تمعن قوات الاحتلال في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بقصف مخازن توزيع المساعدات، وقتل أفراد حمايتها، واستهداف عناصر الشرطة، وتدمير المنازل والمباني على رؤوس قاطنيها وارتكاب جرائم قتل جماعي.
وفي جريمة تدلل على سعي الاحتلال لتكريس سياسة التجويع واستخدامه كأداة حرب، وإثارة حالة الفوضى، قصفت قوات الاحتلال مستودعًا لتوزيع المساعدات الغذائية على النازحين. ووفق المعلومات التي توفرت لباحثينا، ففي حوالي الساعة 13:20 من يوم الأحد الموافق 5/1/2025، هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي مستودعاً لمؤسسة “مركز العمل التنموي – معاً” الواقع في الطابق الأرضي من منزل عائلة أبو عمرة في شارع البركة بمدينة دير البلح، بمحافظة الوسطى. اخترق الصاروخ سطح الطابق الأول وسطح الطابق الأرضي وانفجر داخل المركز، وأدى القصف إلى إصابة ثلاثة من العاملين بالمركز، بينهم سيدة بجروح خطيرة. وتسبب الاستهداف في تدمير محتويات المركز بالكامل. وإثر القصف والدمار الذي حل بالمكان، وصل العديد من المواطنين وأخذوا كميات من أكياس الدقيق المخزنة والتي كانت مخصصة لتوزيعها على النازحين.
وأفاد مصدر في مركز معا لباحث المركز، أنه أثناء تواجد عدد من موظفي مشروع المساعدات الغذائية العينية الذي ينفذه مركز العمل التنموي – معاً بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي في مستودع المشروع الكائن في دير البلح، شارع البركة، تعرض المستودع للقصف المباشر بصاروخ مما نتج عنه إصابة ثلاثة من موظفي مركز العمل التنموي معاً بشكل بليغ. من الجدير بالذكر بأن مركز معاً يستخدم المستودع المذكور منذ حوالي عام لتوزيع المساعدات الغذائية على النازحين في دير البلح وقد شارك معلومات المخزن وإحداثياته مع برنامج الأغذية العالمي.
كما كررت قوات الاحتلال استهداف أفراد تأمين المساعدات، وأفراد الشرطة، في إطار مساعيها لتقويض الأمن المجتمعي وإشاعة الفوضى ونشر الجريمة المنظمة ومفاقمة المعاناة الإنسانية، وهو جزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية.
فقد هاجمت طائرة مسيرة اسرائيلية عند حوالي الساعة 02:20 من يوم السبت 4 يناير 2025، سيارة جيب على شارع صلاح الدين الرئيس في السطر الشرقي بخان يونس. أسفر ذلك عن مقتل خمسة فلسطينيين من أفراد التأمين والحراسة الخاصة بالمساعدات، ويتبعون شركة الأقصى للتأمين والحراسة وهي شركة خاصة.
وهاجمت طائرة إسرائيلية مسيرة عند حوالي الساعة 12:30 من اليوم نفسه، سيارة مدنية من نوع “فيات باندا” كحلية اللون، كانت تقلّ عدداً من أفراد تأمين المساعدات، قرب مفترق أبو هولي في مدينة دير البلح بمحافظة الوسطى، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم.
وهاجمت طائرة إسرائيلية مسيرة عند حوالي الساعة 17:45، بسطة تجارية عشوائية أمام مدرسة أبو هميسة التابعة لوكالة الغوث في بلوك 9 بمخيم البريج بمحافظة الوسطى. أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة مواطنين، وإصابة 25 آخرين.
وهاجمت طائرة حربية إسرائيلية عند حوالي الساعة 11:50 من يوم الخميس 2 يناير 2025، مبنى الداخلية في وسط خان يونس، ويوجد به مقر للشرطة. أسفر ذلك عن مقتل 6 مواطنين بينهم أب وطفله، وأصيب آخرون بجرح. بين الضحايا عدد من أفراد الشرطة وآخرين من المواطنين الذين كانوا في إطار مراجعات روتينية.
ومنذ بدء هجومها العسكري على قطاع غزة، استهدفت قوات الاحتلال بشكل مخطط ومدروس مراكز ومقرات الشرطة المدنية كافة ودمرتها، وقتلت مئات العناصر والقيادات الشرطية. كما وثق المركز قيام قوات الاحتلال باستهداف فرق الحماية الأمنية التي ترافق قوافل المساعدات الإنسانية التي تصل للقطاع، في سياق تحقيق الهدف نفسه: إشاعة الفوضى ونشر الجريمة وزيادة
المعانة الإنسانية كجزء لا يتجزأ من جريمة الإبادة الجماعية، من خلال إخضاع الفلسطينيين لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم كلياً أو جزئياً.
كما واصلت قوات الاحتلال شن عشرات الغارات على أرجاء متفرقة من قطاع بما في ذلك قصف المنازل على رؤوس ساكنيها، تمكن باحثونا من رصد عدد منها:
فقد هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي الساعة 01:52 من يوم الاثنين 6 يناير 2025، منزلاً لعائلة “بركات” في محيط بركة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 4 من سكانه، هم زوجان وابنيهما، وأصيب آخرون بجروح.
وقصفت طائرة إسرائيلية مسيرة عند حوالي الساعة 08:00 مجموعة من السكان قرب مدرسة الشوكة في بلدة الشوكة شرق مدينة رفح ما أدى إلى استشهاد الطفلين الشقيقين رائد ومراد محمد شحدة النجار، 15 و12 عاماً.
وهاجم الطيران الحربي الإسرائيلي عند حوالي الساعة 13:10 من مساء يوم الأحد 5 يناير 2025، منزل عائلة أبو جربوع في بلوك 1 بمخيم النصيرات بمحافظة الوسطى. أسفر الهجوم عن مقتل أربع سيدات منهن أم وابنتها وطبيبة، وإصابة عدد من السكان، وسط دمار واسع في المكان. والقتيلات هن: عبير محمد سالم أبو جربوع (53عاما) وابنتها إيمان عبد الكريم إسماعيل أبو جربوع (32 عامًا)، وأسيل يوسف صبحي الرنتيسي (27 عامًا)، زوجة ابن العائلة، وثبات إبراهيم محمد سليم (31 عامًا)، وهي طبيبة متطوعة في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح.
وهاجم الطائرات الحربية الإسرائيلية عند حوالي الساعة 20:25 مساءً، غارة جوية استهدفت منزل عائلة عماد في بلوك 3 بمخيم البريج، محافظة الوسطى. أسفر القصف عن مقتل زوجين وطفلهما، وإصابة آخرين. والقتلى هم: خالد كمال محمد عماد، 35 عامًا، وزوجته، إسراء علي حسن عماد (أبو عيسى)، 34 عامًا، وطفلهما أسامة، 5 سنوات. ولا يزال عدد من السكان مفقودون تحت الأنقاض.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إذ يدين هذه الجرائم المستمرة، فإنه يؤكد على أن أجواء الحصانة والإفلات من العقاب والدعم الغربي العسكري والسياسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي، هي جميعها عناصر داعمة ومشجعة لإسرائيل على الاستمرار في اقتراف جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
يجدد المركز مطالبته المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفعال لإجبار دولة الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق نار فوري في قطاع غزة، وإلزامها بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية التي فرضت تدابير مؤقتة لمنع ووقف ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.