يستنكر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان اقتحام القوات الإسرائيلية المحتلة مستشفى كمال عدوان، بمشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وإخراجه عن الخدمة بعد تعريض حياة المرضى والجرحى والطواقم الطبية للخطر. ويؤكد المركز أن استهداف قوات الاحتلال المستمر والمتكرر للمستشفيات الرئيسية الثلاثة في محافظة شمال قطاع غزة، وتعمده إخراجها من الخدمة نهائياً، وإبقاء المدنيين المحاصرين في تلك المناطق دون خدمات صحية تنقذ حياتهم، هو جزء من جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها بحق سكان قطاع غزة منذ بدء هجومها العسكري الواسع الذي السابع من أكتوبر 2024.
ووفق ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، أمس الجمعة، فإن قوات الاحتلال قصفت محطة الأكسجين داخل مستشفى كمال عدوان ما أدى لوفاة مرضى من بينهم أطفال في قسم العناية المركزة، ونفذت عملية اقتحام لمبنى المستشفى فجراً أصيب على أثرها 3 ممرضين وعامل نظافة، وأجبرت المتواجدين من الذكور على خلع ملابسهم واعتقال بعضهم، فيما قامت باحتجاز الطاقم الطبي وعلى رأسه مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية داخل غرفة واحدة، وإخضاعهم للتحقيق. ووفق الوزارة تواجد داخل المستشفى حوالي 600 شخص بما يشمل المرضى ومرافقيهم والطاقم الطبي. كما قامت قوات الاحتلال بإحداث دمار واسع داخل المستشفى بعد تفتيش جميع أقسامه، وتعمدت تدمير 3 سيارات اسعاف وسيارة نقل، بالإضافة إلى تدمير أنظمة الطاقة الشمسية، ما يخرج المستشفى عن الخدمة تماماً. وكانت القوات المحتلة قد حاصرت المستشفى لأكثر من أسبوعين، ومنعت إدخال المساعدات الطبية والأغذية لإنقاذ حياة المرضى.
وقبيل اقتحام مستشفى كمال عدوان أفاد الطبيب محمد عبيد، جراح العظام، لباحث المركز1، بأن قوات الاحتلال لم تتوقف عن استهداف محيط المستشفى منذ اليوم الأول للهجوم العسكري على شمال غزة، وصعدت في الأيام الأخيرة من أعمالها العدوانية، باستهداف مبنى المستشفى من قبل طائرات (كواد كابتر). وقد استقبل المستشفى معظم الإصابات بعد خروج المستشفى الإندونيسي عن الخدمة تماماً، واطباق الحصار على مستشفى العودة. ويضيف الطبيب عبيد أن المستشفى مكتظ بالإصابات دون قدرة الطواقم الطبية المتبقية على تقديم العلاج، فلا أدوية ولا أدوات لإجراء التدخلات الجراحية، وحتى سيارات الإسعاف والدفاع المدني تجد صعوبة في إخلاء الجرحى للمستشفى، حيث لا تستطيع الوصول إلى مناطق واسعة لإنقاذ حياة العالقين بين أنقاض منازلهم، فيما يقوم مواطنون بشكل محدود بنقل الإصابات إلى المستشفى التي سرعان ما تلقى حتفها قبل تقديم العلاج لها. ويؤكد الطبيب عبيد أن عشرات الجثث تتكدس داخل أروقة المستشفى بدون القدرة على تكفينها بعد نفاذ الكميات المتوفرة من الأقمشة، فيما يواجه 150 مريضاً وجريحاً مصيرهم المجهول بسبب الوضع الحالي.
وتعمل قوات الاحتلال الاسرائيلي في منأى عن أي معيار قانوني بتعمد استهداف طواقم الإسعاف والدفاع المدني، حيث اعتقلت خمسة من عناصر الدفاع المدني، واستهدفت ثلاثة آخرين، بالإضافة إلى قصف وتدمير آخر عربة إطفاء تعمل في تلك المناطق. ونتيجة لذلك أعلن جهاز الدفاع المدني صباح يوم الخميس 24 أكتوبر2024، توقف عمله بشكل كامل في محافظة شمال قطاع غزة. وفي وقت سابق أعلنت جمعية العودة الصحية تعرض إحدى سيارات الإسعاف التابعة لمستشفى العودة، شرق مخيم جباليا، للاستهداف المباشر أثناء قيامها بواجباتها الميدانية الإسعافية، ما أدّى إلى مقتل سيدة كانت قد وضعت مولودها داخل المستشفى ومرافقتها، وذلك بعد اطباق الحصار على المستشفى التي يتواجد بها نحو 150 شخصاً.
وقد أعلنت منظمة اليونيسف بأن الأطفال في قطاع غزة يواجهون خطر الموت بسبب التأخير في الإجلاء الطبي2، فحتى تاريخ 21 أكتوبر، رفض الجيش الإسرائيلي التنسيق لـ 66 بعثة أممية لإخلاء الجرحى وإدخال مساعدات إنسانية لمحافظة شمال قطاع غزة، ولم تسمح إلا لأربعة من البعثات الإنسانية التي زودت المستشفيات بكميات قليلة من الوقود وأخلت عدداً من الجرحى لمستشفيات مدينة غزة.3
وفي ضوء ما سبق، يؤكد المركز الفلسطيني لحقوق الانسان أن المدنيين في محافظة شمال قطاع غزة، خصوصاً المرضى والمصابون، باتوا أمام مصيرٍ محتوم: الموت أو النزوح قسراً. إن تعمد قوات الاحتلال استهداف المستشفيات وطواقم الدفاع المدني والإسعاف ومنعها من ممارسة مهامها في إخلاء المئات من العالقين داخل المنازل المستهدفة، ما يعني الحكم عليهم بالموت بعد تعرضهم لإصابات خطيرة وغائرة نتيجة القصف المتواصل، يؤكد ارتكاب جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان بفرض ظروف قاتلة تحول دون تلقي سكان شمال القطاع الحد الأدنى من حقوقهم الصحية والانسانية بعد الانهيار الكامل للمنظومة الصحية.
- إفادة قدمها الطبيب لباحث المركز عبر الهاتف، بتاريخ 23/10/2024. ↩︎
- أخبار الأمم المتحدة، الفلسطينيون يموتون وسط تأخيرات قاتلة في الإجلاء، 25 أكتوبر 2024، رابط إلكتروني:
https://news.un.org/en/story/2024/10/1156121 ↩︎ - مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تحديث الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة رقم 231، رابط إلكتروني:
https://www.ochaopt.org/content/humanitarian-situation-update-231-gaza-strip ↩︎